مسطرة الطعن أمام اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون

14 مارس 2021آخر تحديث : الأحد 28 مارس 2021 - 10:01 صباحًا
admintest
ملفات قانونية
مسطرة الطعن أمام اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون

بقلم: المختار السريدي

إذا كانت الطعون في الضريبة تتم بشكل عادي أمام لجان ضريبية عادية تتمثل في اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة واللجان المحلية لتقديرالضريبة ، فإن هناك طعون استثنائية في حالات معينة ومحدودة تتم أمام لجنة ضريبية غير عادية تسمى اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون commission consultative du recours pour abus de droit

فمن تكون هذه اللجنة التي لازال يجهلها العديد من الخاضعين للضريبة ، وما هي المقتضيات القانونية المنظمة لها وما اختصاصاتها وماهي المسطرة المتبعة أمامها ؟

لقد تم إحداث اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون بمقتضى قانون المالية للسنة المالية 2017 (1) ، وهي لجنة دائمةcommission permanente ذات طابع استشاري فقط ، تم التنصيص عليها بالمادة 226 مكررة من المدونة العامة للضرائب ، مهمتها النظر في الطعون المنصبة على التصحيحات المتعلقة بأسس الضريبة التي تثير الإدارة الضريبية بشأنها تعسفا في استعمال حق يخوله القانون .

وهي لجنة متساوية الأعضاء commission paritaire تتألف من أعضاء يمثلون إدارة الضرائب وأعضاء يمثلون ميدان الأعمال ، يعينون كلهم بمقتضى نص تنظيمي سيحدد كذلك التنظيم الإداري للجنة وكيفية تسييرها (2).

وبعكس طلبات الطعن أمام اللجان المحلية لتقديرالضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة حيث توجه إليها هذه الطلبات عند الجواب عن رسالة التبليغ التصحيحية الثانية ، فإن طلبات الطعنdemandes de pourvoi أمام اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون توجه أثناء الجواب عن رسالة التبليغ التصحيحية الأولى المنصوص عليها سواء في الفقرة الأولى من المادة 220 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بالمسطرة العادية لتصحيح الضرائبprodédure normale de rectification des impositions أوالفقرة الأولى من المادة 221 المتعلقة بالمسطرة السريعة لتصحيح الضرائب prodédure accélérée de rectification des impositions وذلك بحسب الحالات .

وربما قصد المشرع المغربي من إثارة هذا النوع من الطعون وفي مرحلة متقدمة من التبليغ أي عقب الجواب عن رسالة التبليغ الأولى ، أنه قد تمت ملاحظة أواكتشاف تعسف في استعمال حق يخوله القانون وبالتالي يمكن الطعن فيه في إبانه وفي حينه دونما حاجة لمواصلة مسطرة التبليغ أو إتمامها كما هي محددة في القانون .

وتكون طلبات الطعن الموجهة للجنة الإستشارية معززة بالوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية التي تمكن اللجنة من البث ، وتوجه إلى مفتش الضرائب المختص داخل الأجل المنصوص عليه في القانون ، ويجب على مفتش الضرائب أن يحيلها مباشرة على اللجنة الإستشارية في أجل أقصاه خمسة عشرة (15) يوما من تاريخ التوصل بها ، وذلك وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بالتبليغ.

ويعتبر هذا الأجل جد قصير إذا ماقورن مع أجل الإحالة على اللجان المحلية لتقديرالضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة حيث يتمتع مفتش الضرائب بأجل أقصاه ثلاثة (3) أشهرابتداء من تاريخ تبليغ الإدارة الضريبية بطعن الخاضع للضريبة ، وهذا الفرق الكبير في أجل الإحالة على اللجان يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن المسطرة أمام اللجنة الإستشارية تتطلب نوعا من العجلة والإستعجال بسبب ارتباطها بالتعسف في استعمال الحق.

ولذلك فإنه يجب على اللجنة الإستشارية أن تدلي برأيها الإستشاري son avis consltatif وبكيفية حصرية فقط حول التصحيحات المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله ويضمنه القانون، داخل أجل لا يتعدى ثلاثين (30) يوما من تاريخ تسلم رسالة الإحالة الموجهة من طرف مفتش الضرائب إلى اللجنة ، وهذا الرأي الإستشاري يجب أن تبلغه إلى المفتش وإلى الخاضع للضريبة داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ صدوره .

ويمكن لمفتش الضرائب بعد تسلمه رأي اللجنة الإستشارية بالكيفية الصحيحة ، أن يواصل مسطرة تصحيح الأساس الضريبي بكيفية سليمة ويبلغ الخاضع للضريبة برسالة التبليغ الثانية المشار إليها سواء في الفقرة الثانية من المادة 220 أوفي الفقرة الثانية من المادة 221 من المدونة العامة للضرائب بحسب الحالات ، داخل أجل الستين (60) يوما الموالية لتاريخ تسلمه رأي اللجنة المذكورة ، وفقا للإجراءات الواردة بالمادة 219 من المدونة العامة للضرائب.

لكن بحسب ما جاء في الفقرة الخامسة من المادة 213 من المدونة العامة للضرائب فإنه لا يمكن إثارة العمليات التي تشكل تعسفا في استعمال حق (3) يخوله القانون في مواجهة الإدارة الضريبية التي يمكنها استبعادها واعتماد مضمونها الحقيقي في الحالات التالية:

– إذا كانت هذه العمليات تكتسي طابعا صوريا أو تهذف فقط للإستفاذة من الإمتيازات الجبائية بشكل مخالف للأهذاف التي ترمي إليها المقتضيات التشريعية الجاري بها العمل.

– أو إذا كانت تهذف إلى التملص من الضريبة أو النقصان من مبلغها الذي كان من المفروض تحمله بالنظر إلى الوضعية الحقيقية للخاضع للضريبة أو لأنشطته إذا لم تكن هذه العمليات قد أنجزت.

وبالتالي فإن المشرع المغربي يكون قد حسم الأمر وأعطى تعريفا دقيقا ومحكما للعمليات التي تشكل تعسفا في استعمال حق يخوله القانون الضريبي للخاضعين للضريبة ، فإذا كانت هذه العمليات تحمل طابعا أو صبغة صورية أو يكون الهدف منها الإستفاذة من بعض الإمتيازات الضريبية أو التملص أو التهرب من أداء الواجبات المفروضة بكافة الطرق والوسائل أو التحايل على المقتضيات القانونية ذات الصلة فإنها لاتدخل في خانة العمليات التي تشكل تعسفا في استعمال الحق.

وحيث أن حسن النية يكون هو الأصل دائما، كما أن الأصل في جميع التصرفات أنها حقيقية لا صورية فيها ، فإنه من الصعب جدا أن نحدد العمليات التي تشكل تعسفا في استعمال حق يخوله ويضمنه القانون في مواجهة الإدارة الضريبية ، وحصره في عمليات صورية أو عمليات يكون الهذف منها الإستفاذة من الإمتيازات الضريبية عن غير وجه حق أو عمليات أو إخفاءات أو تحايلات على أحكام القانون قد تؤدي إلى التملص من أداء الضرائب والرسوم والواجبات كلا أو بعضا.

وفي انتظار صدور النص التنظيمي كما هو مشار إلى ذلك بالفقرة الأولى من المادة 226 مكررة من المدونة العامة للضرائب والذي سيحدد التنظيم الإداري للجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون وكيفيات تسييرها ، منذ إحداث هذه اللجنة بقانون المالية للسنة المالية 2017 ، والبواعث والأهذاف التي جعلت المشرع المغربي يحدث هذا النوع من اللجان الذي لازال لم ير النور بعد ، فإننا نتسائل عن القيمة المضافة التي ستضيفها هذه اللجنة التي تتدخل فقط برأي استشاري وأثناء جريان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي وفي حالات معينة ومحدودة واردة في القانون ، وما الفائدة من كثرة وتنوع اللجان الضريبية بعدما تم توحيدها بقانون المالية للسنة المالية 2001 وحصرها في صنفين اثنين هما اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة واللجان المحلية لتقديرالضريبة بعدما تم حذف اللجنة الوطنية للتقييم واللجان المحلية للتقييم واللجان الإدارية الإستشارية ؟ ولماذا تم الحديث عن تركيبة هذه اللجنة الجديدة التي تتألف فقط من أعضاء يمثلون الإدارة الضريبية وأعضاء يمثلون ميدان الأعمال دون الحديث عمن يرأس اللجنة وعدد أعضائها ؟ وما هو اختصاصها المكاني بعدما تم حصر اختصاصها النوعي وهل سيكون لها وجود على المستوى المحلي أو الجهوي؟

غير أنه مهما تشعبت التساؤلات فإن القيمين على الإدارة الضريبية غالبا ما يحاولون البحث وبشتى الطرق عن جميع الحلول والوسائل والآليات التي تمكنهم من تحقيق مداخيل مهمة للخزينة عن رضا وطواعية واقتناع لا جبرا ولاقهرا ولا تعسفا ، ويبقى الصلح في نظرهم من أفضل هذه الآليات في فض وتسوية جميع المنازعات الضريبية حيث أن الإدارة تكون دائما هي السباقة إلى اقتراح الحلول الحبية وهي من تسعى عن طواعية وتلقائية لتجنب المشاحنات والخلافات مع الخاضعين للضريبة سواء كانوا حسني أو سيئي النية.

هوامش:

1 – البند الأول من المادة السادسة من قانون المالية رقم 73-16 للسنة المالية 2017 .

2 – انظرالفقرة الأولى من المادة 226 مكررة من المدونة العامة للضرائب التي تمت إضافتها بمقتضى البند I من المادة 6 من قانون المالية للسنة المالية 2017.

3 – في غياب اتفاق حول مفهوم واحد وموحد ” للتعسف في استعمال الحق ” ، أشارالفقهاء إلى معيارين اثنين لقياس التعسف : معيار شخصي أو ذاتي ينبني على أساس البحث عن نية الإضرار التي تقترن بإرادة صاحب الحق عند استعماله لحقه فإذا تبين أن الشخص قد قصد من وراء استعماله حقه إلحاق الضرر بالغير كان عندئد متعسفا في استعمال حقه ، ومعيار مادي أو موضوعي يرى أصحابه أنه من الصعب البحث عن نية صاحب الحق ليتبين ما إذا كان ينوي في ممارسته لحقه الإضرار بالغير أم لا ويتسم هذا المعيار بالأثر المادي أو بالضرر الموضوعي الظاهر الذي يخلفه استعمال حق ما في أشخاص أو حقوق الآخرين ( محاضرات في ” نظرية الحق ” للدكتور عبد الرحمان لسلامي كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية عين الشق الدار البيضاء السنة الجامعية 1989/1988 ) .

انتهى

الاخبار العاجلة