واجب التسجيل المستحق على اقتناء العقارات المبنية وفق آخر مستجدات قانون المالية لسنة 2016

14 مارس 2021آخر تحديث : الخميس 25 مارس 2021 - 11:42 مساءً
admintest
ملفات قانونية
واجب التسجيل المستحق على اقتناء العقارات المبنية وفق آخر مستجدات قانون المالية لسنة 2016

<span style=”color: #0000ff;”><strong>بقلم : المختار السريدي</strong></span>

إن أي حديث عن اقتناء أو شراء أو تملك للعقار سواء كانت مبنيا أو غير مبني إلا ويجرنا إلى الحديث عن أداء واجب أو ضريبة عن العملية المذكورة إلى خزينة الدولة تسمى “ضريبة التسجيل ” ، هذه الأخيرة التي تعتبر إلى جانب الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة ، بمثابة المنسأة الصلبة التي يتوكأ عليها النظام الضريبي المغربي الحالي ، لما لها من مساهمة فعالة في الرفع من الموارد المالية للدولة وتغذية نفقاتها المتزايدة والملحة .
كما أن المقتني أو المشتري أو الحائز أصبح على وعي تام بأن أداء هذه الضريبة مسألة ضرورية ولامناص منها في إتمام ما هو مقبل على تملكه ، بل أكاد أجزم بأن ضريبة التسجيل تعتبر الضريبة الوحيدة التي تؤدى بكل أريحية وطواعية واقتناع ، والأكثر من هذا أن المواطن لا يمكن أن يهنأ له بال إلا بأداء هذه الضريبة التي ترسخت في عقليته وذهنه ، ولذلك فإن مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل لم يكن ليجد صعوبة في استخلاص هذا النوع من الضرائب ، بخلاف الضرائب الأخرى التي تستلزم أحيانا سلوك المسطرة الحبية وأحيانا سلوك المسطرة الجبرية .
وقد نظم المشرع المغربي أحكام ضريبة التسجيل في الفصول من 126 إلى 143 من المدونة العامة للضرائب سواء من حيث نطاق تطبيقها أوحجيتها أوربطها أوتصفيتها أواستخلاصها …
وحتى نتمكن من الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه ، لابد أولا وقبل كل شيء من الحديث عن الإطار القانوني لضريبة التسجيل في فقرة أولى ، لنخلص في فقرة ثانية إلى الحديث عن واجب التسجيل المستحق في حالة اقتناء أو شراء عقارات مبنية وهو ما يهم شريحة واسعة من المواطنين .

أولا : الإطار القانوني لضريبة التسجيل :

التسجيل ضريبة غير مباشرة تفرض على العقود والاتفاقات مكتوبة كانت أم شفوية (1) رسمية كانت أم عرفية ، ويترتب عن القيام بإجراء التسجيل ضمان حفظ المحررات واكتساب الاتفاقات العرفية (2) تاريخا ثابتا بمجرد تسجيلها في “سجل الإيداع : Registre des entrées ” الذي تمسكه قباضات الإدارة الجبائية التي يعود لها الاختصاص في ربط واستخلاص رسوم التسجيل .
أما بالنسبة للآثار القانونية التي تترتب عن القيام بإجراء التسجيل ، فإن هذا الأخير لاينهض دليلا قاطعا أوحجة كاملة بالنسبة للأطراف ، كما لايعتبرلوحده حتى بداية حجة كتابية كما يعتقد بعض الناس ، وكل مافي الأمر أنه يثبت اتجاه الخزينة وجود المحررأوالعقد وتاريخه ، بمعنى أن التسجيل يحفظ العقد فقط لا الحق موضوع العقد . (3)

ويتأرجح التسجيل بين الإجبارية والإختيارية والإعفاء ، حيث يكون إجباريا في الحالات المنصوص عليها بالمادة 127 من المدونة العامة للضرائب ، ومن تم فإنه لايجوزللمحافظ على الأملاك العقارية أن يتسلم أي عقد أواتفاق خاضع إجباريا للتسجيل ، من أجل القيام بإجراء التحفيظ أوالتقييد في السجلات العقارية ، مالم يتم تسجيله مسبقا ، كما تنص على ذلك المادة 139 – I من المدونة العامة للضرائب .

لكن في غير الحالات المذكورة بالمادة 127 ، فإن التسجيل يكون اختياريا أوبناء على طلب ، أي أنه لايتم إلا بعد تقديم طلب كتابي في هذا الشأن موقع عليه من أحد الأطراف أوهما معا أومن طرف الحائز الجديد على وجه التحديد ، نفس الشيء بالنسبة للعقود والاتفاقات التي شملها تقادم العشر(10) سنوات المشار إليه بالمادة 234 من المدونة العامة للضرائب ، حيث يمنع على مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل أن يقوم بإجراء واستخلاص واجبات التسجيل من تلقاء نفسه عن عقود ومحررات غير خاضعة أصلا أو أصبحت غير خاضعة بسبب التقادم لضريبة التسجيل .
وتعفى من أداء واجبات التسجيل حسبما جاء في المادة 129 من نفس المدونة جميع المحررات ذات المنفعة العامة أو المنفعة الاجتماعية ، وتلك المتعلقة بالجماعات العمومية أوبالاستثمارأوبعمليات القروض .

أما بالنسبة لوعاء الضريبة وكيفية احتسابها ، فإن واجبات التسجيل تطبق على العقود والمحررات والتصريحات ، حسب أسباب الاتفاقات والالتزامات المترتبة عنها وحسب طبيعة ومضمون ومحتوى العقد أوالاتفاق (4).
وتقسم هذه الواجبات إلى :
1- واجبات نسبية محددة في أربع (4) معدلات وهي 6% و%4 و3% و1,5% و1% مع حد أدنى للاستخلاص محدد في 100 أو1000 درهم بحسب الحالات (5) .
2- واجب ثابت محدد في 200 أو 1000 درهم بحسب الحالات (6) .
إلا أن الذي يهمنا من هذه الواجبات خصوصا النسبية منها هوواجب 4% الذي يطبق على ثلاثة (3) أنواع من الاقتناءات والتخليات وردت على سبيل الحصربالمادة133 من المدونة العامة للضرائب، من بينها اقتناء المحلات المبنية التي كثر حولها القيل والقال واللغو واللغط ، خصوصا من طرف بعض الملزمين أوالمتعاملين مع الإدارة الضريبية.

وحتى يكون هؤلاء على بينة من الأمر، واستجابة لطلبات بعض الزملاء والقراء وكل من يهمه أمر ضريبة التسجيل ، ورغبة منا في إماطة اللثام عن أي لبس أوغموض أوغشاوة ، فقد ارتأينا توضيحه توضيحا شافيا كافيا نمزج فيه مابين القانوني والتطبيقي وما يجري به العمل ، وهذا ماسنتولى الحديث عنه بشيء من التفصيل في الفقرة الموالية .

ثانيا : واجب التسجيل المستحق عند اقتناء عقارات أو محلات مبنية :

جاء في المادة 133 – I – واو – 1 من المدونة العامة للضرائب مايلي :
” تخضع لنسبة 4% :
1- اقتناء محلات مبنية من طرف أشخاص ذاتيين أومعنويين ، غيرمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير وشركات التأمين وإعادة التأمين ، سواء كانت معدة للسكنى أومرصدة لغرض تجاري أو مهني أو إداري .
تستفيد كذلك من نسبة 4% الأراضي التي شيدت فوقها المحلات المشار إليها أعلاه ، في حدود خمس (5) مرات من مساحتها المغطاة ….”
يتبين إذن ومن خلال قراءة هاته المقتضيات أنه تخضع وجوبا لإجراء وواجبات التسجيل بنسبة 4% ولو كانت معيبة شكلا ، جميع الأشرية والاقتناءات لمحلات مبنية كيفما كان نوعها أوتخصيصها سواء كانت معدة لغرض السكنى أو لغرض تجاري أومهني أو إداري ، وكيفما كانت طبيعة العقار المقتنى محفظا كان أم غير محفظ ، وكيفما كان الشخص المقتني طبيعيا كان أم اعتباريا ، باستثناء مؤسسات الائتمان والهيئات المماثلة أوالمشابهة لها أوالمعتبرة في حكمها ، وكذا بنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير وشركات التأمين وإعادة التأمين .
وتستفيد من نسبة 4% بالتبعية الأراضي التي شيدت فوقها المحلات المقتناة المذكورة في حدود خمس (5) مرات مساحتها المغطاة المبنية كحد أقصى.
وتتم تصفية واجبات التسجيل بنسبة 4% انطلاقا من الثمن المصرح به أوالقيمة المعبر عنها أو المشار إليها أوالمذكورة بالعقد ، والتكاليف التي يمكن أن تضاف إليها ، سواء تم التخلي بعوض أم بغير عوض ، ماعدا إذا أبرمت الهبة أوالصدقة بين الأصول والفروع وبين الأزواج وبين الإخوة والأخوات ، فإن النسبة واجبة التطبيق هي 1,50% (7) دون أن تقل النسبتين معا عن 100 درهم كحد أدنى للاستخلاص .

ويتعين على مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل أن يحتفظ بكل عقد يتضمن اقتناء أوشراء أوتفويتا أونقل ملكية عقارإلى حين الإدلاء بشهادة من المصالح المكلفة بتحصيل الضرائب تثبت أداء مبلغ الضرائب والرسوم التي قد تكون مستحقة على العقارالمذكورسواء خلال السنة التي وقع فيها التفويت أوالتخلي والسنوات التي سبقتها غير المشمولة بالتقادم ، طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 138 من المدونة العامة للضرائب ، والمادة 94 من مدونة تحصيل الديون العمومية (8).
ومن تم فإنه يمنع على العدول والموثقين وكل من يمارس مهام توثيقية أن يحرروا أي عقد يتعلق بتفويتات من هذا القبيل ، مالم تقدم إليهم شهادة إبراء ضريبي مسلمة من المصالح المذكورة ، تثبت براءة العقارالمفوت من كل دين ضريبي حال أوسابق، وذلك تحت طائلة إلزامهم بالأداء على وجه التضامن مع المدين ، تمشيا مع مقتضيات الواردة بالمادة 139 – IV من المدونة العامة للضرائب و المادة 95 من مدونة تحصيل الديون العمومية .

وفي هذا الإطار فإن المادة 138 من المدونة العامة للضرائب توجب على مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل أن يسجل العقود والتصريحات يوما بيوم وبالتتابع بمجرد تقديمها للتسجيل دونما أدنى تماطل أومماطلة ، ولايجوزله أن يؤجل أويؤخرالقيام بإجراءات التسجيل إذا كانت العناصر اللازمة لتصفية الضريبة واضحة ومبينة بشكل لالبس فيه في العقود والاتفاقات التي تم تقديمها إليه ، مع ضرورة التقيد التام بمقتضيات المواد 133 ، 134 ، 135 ، 138 و 139 وتطبيق النسب والمعدلات بحسب الحالات المناسبة والملائمة ، ومطالبة المقتنين أوالمشترين بالوثائق والشواهد التي تفرضها النصوص الجبائية الجاري بها العمل ، بعيدا عن أي اجتهاد قد يخطئ فيه المفتش وقد يصيب .
عصارة القول فإن جميع المحلات المبنية أوالمشيدة مهما كانت طبيعتها أوالغرض الذي أعدت من أجله ، ومهما كان مقتنوها أو حائزوها الجدد ، تخضع لنسبة 4% من القيمة المصرح بها أوالمعبرعنها بالعقد ، وكل زيغ عن تطبيق هذه النسبة يعد خرقا سافرا وواضحا لمقتضيات المادة 133 من المدونة العامة للضرائب .

هوامش:

1- رغم الحديث الكثير عن العقود والاتفاقات الشفوية ، فإن هذه الأخيرة لم يبق لها وجود على أرض الواقع ، نتيجة لسيطرة العقود الكتابية بمختلف أنواعها ، نظرا لقيمتها وأهميتها ودورها الكبيرفي ضبط وإثبات المعاملات بين الناس .
2- نتساءل كيف أن المشرع الضريبي لازال يتحدث عن العقود والاتفاقات والمحررات العرفية، والحال أن المادة 4 من القانون رقم 39.08 بمثابة مدونة الحقوق العينية توجب – وتحت طائلة البطلان – أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي ، أو بموجب محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك . فهل يعني هذا أن جميع العقود والاتفاقات العرفية المحررة في غير الحالات المشار إليها أعلاه ومن طرف أشخاص غير المذكورين أعلاه تخضع لإجراء وواجب التسجيل ؟ مع الإشارة إلى أن بعض قباضات الإدارة الجبائية ترفض رفضا باتا تسجيل العقود والمحررات العرفية متحججين بالمادة 4 من مدونة الحقوق العينية ومتناسين مقتضيات المادة 126 من المدونة العامة للضرائب التي لازالت تتحدث عن العقود والاتفاقات العرفية ودور إجراء التسجيل في ضمان حفظها واكتسابها تاريخا ثابتا .
3- انظر مقالنا المنشور بجريدة العلم عدد 21479 بتاريخ 07/10/2009 ركن المجتمع والقانون ، تحت عنوان “التسجيل الجبائي والتسجيل العقاري أية علاقة ؟ ”
4- انظر المادة 132 – I من المدونة العامة للضرائب.
5- انظر المادة 133 من نفس المدونة.
6- انظر المادة 135 من نفس المدونة.
7- انظر المادة 133 – I – جيم – 4 من نفس المدونة.
8- المادة94 : ” في حالة تفويت عقار ، يتعين على المالك الجديد أن يطالب بالإطلاع على وصولات أو شهادة من مصالح التحصيل تثبت أداء الضرائب والرسوم المثقل بها هذا العقار برسم سنة التفويت والسنوات السابقة .
وإذا لم يقم المفوت إليه بذلك ، ألزم تضامنيا مع المالك القديم أوصاحب حق الإنتفاع بأداء الضرائب والرسوم المذكورة .”

الاخبار العاجلة