موسم لالة تاعلات.. اسهام بركة الولية في تشكيل أمكنة اشتوكة

24 فبراير 2024آخر تحديث : السبت 24 فبراير 2024 - 5:14 مساءً
admintest
كتاب وآراء
موسم لالة تاعلات.. اسهام بركة الولية في تشكيل أمكنة اشتوكة

بقلم: الحسن فركاكوم*

يقال إن المعجرات تخص الأنبياء والرسل، والكرامة والبركة تخص أولياء الله الصالحين من الرجال والنساء. يختص اقليم اشتوكة ايت باها وتحديدا الجماعة الترابية تسكدلت ( جماعة ترابية في الدائرة الجبلية للإقليم عدد سكانها لا يتعدى 5100 نسمة سنة 2014) بكونه تحتضن ضريحا لا ككل الأضرحة بجهة سوس ماسة، وهو مقر دفن الولية الصالحة الشهيرة لالة تعلات: فاطمة بنت محمد من بني علا الهلالية، توفيت كما جاء في اللوحة التعريفية لها التي تنتصب ساحة بالقرب من ضريحها بقرية تاعلات في عام1207 هـ/ 1792م ، وهي من النساء اللواتي اشتهر ذكرهن في سوس بالولاية والصلاح وانتشر خبرها في سوس والغرب باعتبارها من العابدات القانتات الصالحات الخاشعات الذاكرات لله كثيرا، كما كتب عنها رحال بوبريك في كتابه بركة النساء ص ،156 نقلا عن مناقب الحضيكي.
شُرع في عقد موسم تعلات بعد 40 سنة من تاريخ وفاتها، أي منذ 1832 م تقريبا، يجتمع فيه طلبة المدارس العتيقة من مختلف مناطق سوس وباقي أحياز المغرب، للتواصل وعقد لقاءات إحياء الذكر وحفظ القران وترتيله، وتبادل الافكار بشأن المستجد في الشأن الديني. ويستمر موسم تاعلات على مدى 3 أيام متواصلة تبدأ في الأسبوع الأول من شهر مارس من كل سنة.

وبعيدا عن القضايا ذات البعد العقدي الديني والروحي التي تختلف بشأنها المواقف والآراء، فإن الزائر لمكان ضريح لالة تاعلات في قلب جماعة تسكدلت، سيصاب بالذهول من هندسة تشييد الضريح وملحاقاته من المسجد والمدرسة العتيقة وساحة الضريح والعناية التي يوليها المسؤولون لهذا الفضاء الديني الروحي الفريد من نوعه بسوس، ومن جهة أخرى بالأفواج البشرية التي “تحج” لموسم لالة تاعلات كل سنة من طلبة القران والفقهاء والشيوخ وباقي الزوار من مختلف مناطق المغرب والذين يفوق عددهم عشرات الالاف من الناس الذين قدموا إلى تعلات من كل فج عميق. هذه القدرة على التأثير في الناس وخلق الرغبة لديهم لشد الرحال إلى القرية في موسم لالة تعلات، دليل على قدرة هذا القرية الصغيرة الهادئة في قلب تسكدلت أيضا في تشكيل وإعادة تشكيل مختلف أصناف العلاقات بين تعلات المكان، وأمكنة اشتوكة وسوس وباقي مناطق المغرب. إن رمزية الأمكنة ودلالاتها التاريخية تعزز هذه العلاقة الوثيقة الصلة بين تعلات القرية ومناطق البلاد الأخرى التي شيدت ملحاقتها الروحية بجوار الضريح للاستفادة من بركة الولية الصالحة؛ وحتى المدارس العيقة التي لم تتمكن من توثيق الصلات بأمكنة اشتوكة، تلجأ الى نصب خيام كبيرة تعبيرا على الرغبة في التجذر بفضاء اشتوكة في انتظار تشييد البناء المادي اللاحق للبناء الروحي

إن ما ينبغي التأكيد عليه ايضا في هذا الصدد، هو غِنى المكان بالتراث اللامادي والمادي للبشرية والذي يمكن التعريف به وتسخيره لخدمة التنمية في المنطقة. فإلي جانب الضريح، تتوفر قرية تاعلات على معالم أثرية في غاية الأهمية تشير لها اللوحة التعريفية باللغات العربية والفرنسية والانجليزية في إشارة إلى استقطاب المكان لزوار أجانب إلى جانب المغاربة من كل صوب وحدب، وهي المخزن الجماعي “اكادير ايت علا”، والمدرسة العتيقة ومسجد تعلات، وكلها تراث مادي انساني غني ومتميز.

*باحث مهتم بالقضايا الجغرافية لاشتوكة

الاخبار العاجلة