جمهورية السراب و حبل الإرهاب

1 يونيو 2022آخر تحديث : الأربعاء 1 يونيو 2022 - 8:09 صباحًا
admintest
كتاب وآراء
جمهورية السراب و حبل الإرهاب

بقلم : عزيز لعويسي

خلال مؤتمر التحالف الدولي لمحاربة داعش الذي انعقدت فعالياته بمدينة مراكش بتاريخ 11 ماي 2022، نجح المغرب في ربط الظاهرة الإرهابية بثنائية “الانفصال” و”الإرهاب” باعتبارهما “وجهان لعملة واحدة”، في إشارة واضحة إلى جمهورية السراب التي باتت تجنح أكثر من أي وقت مضى نحو ضفاف الإرهاب، في ظل ما وصلت إليه من يأس وعزلة وانسداد أفق، أمام اتساع دائرة الإجماع الدولي حول مغربية الصحراء ونجاعة ومصداقية مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب قبل سنوات لطي آخر صفحات النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية الذي طال أمده، مما شكل ضربة ما بعدها ضربة للكيان الوهمي والدولة الحاضنة له.

وكان من الطبيعي أن تستثمر الدبلوماسية المغربية معادلة “الانفصال” و”الإرهاب”، لمد “حبل الإرهاب” نحو عنق “جمهورية السراب”، وهذا ما تأكد في القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي بمالابو عاصمة غينيا الاستوائية، حول موضوع “مكافحة الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات في إفريقيا”، حيث لم يدع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، لم يدع الفرصة تمر دون إثارة انتباه قادة وزعماء إفريقيا، نحو الترابطات المتينة والصلات الوثيقة القائمة بين “الانفصال” و”الجريمة” و”الإرهاب”، أمام مرأى ومسمع زعيم جمهورية السراب محمد بن بطوش وممثل النظام الحاضن له.

وفي هذا الإطار، وخلال كلمة له بمناسبة هذه القمة الاستثنائية، صرح وزير الخارجية المغربي، الذي مثل الملك محمد السادس في هذه القمة الإفريقية، صرح “أن التهديد الإرهابي في إفريقيا أصبح أكثر عدوانية، مع ظهور جماعات جديدة تتكيف مع الاستجابات الوطنية والإقليمية، لنشر الفوضى واستهداف الاستقرار”، مسترسلا أن “منظومة الإرهاب تتطور لتصبح صلة وصل مؤكدة بين الإرهاب والانفصال والجريمة”، مضيفا في هذا الصدد أن “التطور الواضح للإرهاب في القارة الإفريقية يأتي عبر استغلال كل المآسي التي تتحول إلى عوامل مغذية له، مثل عدم الاستقرار وانعدام الأمن والهشاشة والانفصال”.

ما أدلى به وزير الخارجية المغربي من تصريحات نارية سواء في “مؤتمر مراكش” أو في “القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي”، يضعنا في صلب ليس فقط، نظرة مغربية جديدة للإرهاب تجمع بين ثالوث “الانفصال” و”الجريمة” و”الإرهاب”، بل وأمام استراتيجية استباقية ومتبصرة لمحاصرة سرطان الإرهاب الآخذ في التمدد والانتشار عبر العالم، وخاصة في منطقة الصحراء والساحل، حيث تتعمق بؤر الانفصال والجريمة واللصوصية وانعدام الأمن والاستقرار والتطرف والكراهية والإقصاء، بكل ما لهذا الواقع المقلق، من فاتورة أمنية وتنموية تتحمل وزرها إفريقيا والأفارقة، وهذا “الثالوث”، يسائل كل إفريقيا ويسائل أساسا “الاتحاد الإفريقي” الذي يلزم أن ينتبه إلى الصلات الوثيقة التي باتت تربط “الانفصال” و”الجريمة” و”الإرهاب”، وأن يستشعر تداعيات ذلك على أمن إفريقيا ووحدتها واستقرارها، وهذا التكتل الإفريقي، لابد له أن يتحرك للدفع في اتجاه التصدي لجائحة “الانفصال” التي تتربص بالقارة الإفريقية وتمنعها من فرص الوحدة والاستقرار والنهوض، بعدما بات الانفصال والإرهاب “وجهان لعملة واحدة”، وفي هذا الإطار نرى أن “حبل الإرهاب” بات يقترب من “جمهورية السراب” أكثر من أي وقت مضى، في أفق طردها من المنظومة الإفريقية، التي لم يعد ممكنا أن تقبل باحتضانها لجماعة انفصالية تسبح في فلك الإرهاب الدولي، الذي لازال يؤرق بال إفريقيا والعالم، لذلك، فأي احتضان لهذه الجماعة، لن يكون إلا احتضانا للجريمة والتطرف والإرهاب، وأية مقاربة للإرهاب، لن تكون إلا قاصرة، ما لم يتم ربطها بجائحة “الانفصال” وآفة “الجريمة” بكل تمظهراها…

الاخبار العاجلة