أزمة التعليم تفرض الجلوس مؤقتا مع ممثلي التنسيقيات بعد أن أقرت الحكومة بقصور النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية وضرورة تجويده

8 نوفمبر 2023آخر تحديث : الأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 9:39 صباحًا
admintest
كتاب وآراء
أزمة التعليم تفرض الجلوس مؤقتا مع ممثلي التنسيقيات بعد أن أقرت الحكومة بقصور النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية وضرورة تجويده

بوشعيب حمراوي

لن أخوض اليوم في مطالب الشغيلة التعليمية ومدى استجابة الوزارة الوصية والحكومة لها. لأن الشلل الدراسي الذي أصاب ويصيب المؤسسات التعليمية منذ بداية الموسم الدراسي الجاري، بسبب احتجاجات هيئة التدريس ودخولهم في سلسلة من الإضرابات عن العمل، يبرز بجلاء أن المولود الجديد (مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي التعليم)، لا يلبي مطالب هذه الفئة على الخصوص. ولن أعيد الحديث عن ارتفاع منسوب عدم الثقة لدى المدرسين والمدرسات في النقابات الأكثر تمثيلية الموقعة على (النظام الأساسي). والذي تسبب في تفريخ تنسيقيات إقليمية، جهوية ووطنية. وصدور بلاغات مختلفة أعلنت وتعلن عن إضرابات ووقفات ومسيرات.
لكنني سأقف عند الطرق الغامضة المتخذة من طرف الحكومة والوزارة الوصية في التعامل مع هذا الملف الذي أهدر حصصا كثيرة من الزمن المدرسي. والمفروض ألا يعمر طويلا إنصافا للمتعلمين وأسرهم. كما سأقف عند أزمة التعليم (كرة الثلج التربوية)، التي بدأ حجمها يكبر ويتسع، لتأخذ أبعادا خطيرة خارج منظومة التربية والتكوين. بعد ارتفاع درجات الاحتقان والغضب والسخط في صفوف آباء وأولياء وأمهات التلاميذ. وانطلاق الاحتجاجات أمام هذا الوضع الغامض المضر تعليميا وصحيا لأبنائهم وبناتهم. والمعرقل لسير برامجهم اليومية.
لتدرك الحكومة والوزارة الوصية أنهما الآن أمام موجة (عصيان تربوي)، تقودها تنسيقيات مختلفة مشكلة من موظفي التعليم لا يربطها أي رابط بالنقابات. وأن الحوار لابد أن يشمل مؤقتا ممثلين عن تلك التنسيقيات التي فرضت برنامجها النضالي وشلت العملية التعليمية التعلمية. ويكفي الإعلان عن موعد بداية الحوار لتعود الحياة التربوية للمؤسسات التعليمية.
فما تسعى الحكومة لعلاجه مع النقابات الأكثر تمثيلية التي انقلبت على الوزارة الوصية. هو أولا دليل على فشل الوزارة الوصية في احتوائه. وثانيا دليل على قصور أداء محاوري تلك الوزارة (النقابات الأربعة). وعليها إذن أن تدرك مجالستها لن يكون شافيا للجرح الذي خلفه مرسوم النظام الأساسي لدى فئة المدرسين. بقدر ما سيكون لقاحا لانتعاشة تلك النقابات التي فقدت هبتها وتأثيرها الميداني. ولن يزيد المتضررين إلا صمودا وتطبيقيا لشعار غفلته عنه النقابات (ما لا يأتي بالنضال.. سيأتي بالمزيد من النضال..).
ما معنى أن يخرج وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى في حوار تلفزيوني رسمي بلا محتوى ولا تضمين لتوضيحات تفند أو تزكي أو تجهض ما تطالب به التنسيقيات والنقابات التعليمية أكثر تمثيلية (بعد انقلابها عليه) ؟. ما معنى أن يستمتع الٍرأي العام التربوي والوطني لأجوبة غامضة، توحي بأن المحاور لا علاقة له بحقيبة وزارة التربية الوطنية ؟.
وما معنى أن يجالس رئيس الحكومة عزيز أخنوش ممثلي النقابات الأكثر تمثيلية الأربعة بشكل انفرادي مرفوقا بوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات ، من أجل مرسوم تم الحسم فيه بشكل مشترك ؟. وما ذا ستنتظر هيئة التدريس من تلك الجلسات الأحادية التي لا يتبنى أي طرف فيها مطالبها ؟..
بلاغ رئيس الحكومة يتحدث عن التطورات التي يعرفها تنزيل إصلاح منظومة التعليم، وعن دينامية الحوار والمشاورات التي تتبناها الحكومة مع الشركاء الاجتماعيين، من أجل الارتقاء بالمدرسة العمومية. ويخفي (خجل الحكومة) من الإعلان عن خيبتها من المرسوم الصادر بالجريدة الرسمية. وعن عدم التزام الوزارة الوصية بالتنزيل الأمثل لمضامين محضر الاتفاق الموقع بتاريخ 14 يناير 2023. المفروض أنه المفتاح لتفعيل ‏خارطة طريق إصلاح المدرسة العمومية على أرض الواقع. والإعلان بدلا من ذلك عن عقد اجتماعات لاحقة، بتتبع من طرف رئيس الحكومة، من أجل العمل على تجويد النظام الأساسي تماشيا مع تطوير إصلاح القطاع.

إن طرق التعامل مع ملفات ومطالب الشغيلة التعليمية من طرف النقابات والحكومة والوزارة الوصية. لا تأخذ بعين الاعتبار المهام السامية لأطر التربية والتكوين والمتمثلة في تعليم وتكوين التلاميذ، والعمل على تجنب هدر الزمن المدرسي. إذ لا يعقل أن تمتد إضرابات اطر التدريس لأيام وأسابيع وربما أشهر، دون أن يتم الحسم في المطالب بالاستجابة أو الرفض مع التبرير.
هل يدرك المضربون ومعهم ممثلي الحكومة والوزارة الوصية، معاناة الأسر يوميا مع أطفالهم في التنقل والتغذية والرعاية و؟.. وهل يدركون أن هناك تلاميذ مرضى يتعرضون لمضاعفات مرضية أو أمنية بسبب عدم استقبالهم داخل المدارس ؟.. وأن هناك مجرمون ومنحرفون باتوا يتربصون بهم بمحيط المؤسسات التعليمية من أجل تعنيفهم أو اغتصابهم أو سرقتهم أو استدراجهم للإدمان على المخدرات (السيلسيون، البوفا، وباقي أنواع المخدرات والسموم). لما لا يتم الحسم في مطالب الأطر من طرف الحكومة والوزارة بالتحاور والإقناع دون اللجوء إلى الإضرابات. ولما لا تشكل الوزارة الوصية خلية الإنصات داخل الأكاديميات والوزارة من أجل استقبال كل ما تكتبه الأطر التربوية من مطالب وحاجيات بداية كل موسم دراسي، وتسلمها لمديري المؤسسات التعليمية ؟.
بعيدا عن القانون وما يفرضه، هناك روح القانون التي تفرض مجالسة ممثلي التنسيقيات مؤقتا والحسم في هذا الملف الذي يعتبر بصمة عار في جبين كل المعنيين والشركاء. وحثهم على العمل مستقبل في إطار هيئات نقابية رسمية قديمة أو محدثة.
فالحكومة هي المسؤولة عن تفريخ الجمعيات والتنسيقيات التي تترافع بنفس مهام النقابات داخل عدة قطاعات عمومية . وهي التي يجب أن تتحمل تبعات هذا الصمت. فكم من جمعية وطنية محدثة سابقا لفئات مختلفة (المديرون بمختلف الأسلاك، الحراس العامون والنظار…) تقوم بمهام نقابية. فكم مرة تم مجالستها على مستوى الوزارة من أجل البث في مهام وأهداف نقابية.

الاخبار العاجلة