على هامش احراق المصحف الكريم في السويد

1 يوليو 2023آخر تحديث : السبت 1 يوليو 2023 - 3:15 مساءً
admintest
كتاب وآراء
على هامش احراق المصحف الكريم في السويد

السويد من (قلعة التسامح) الى (مختبر لإنتاج النازية والعنصرية والتعصب)

بقلم: ذ. محمد بادرة

لقد جرت العادة على اعتبار السويد كما قال اولوف بالم Olof Palme (قلعة التسامح ) وجرت العادة انها بلد يتمتع بالرفاه الاجتماعي و”الحقوقي” لكن هذه الصورة المسوقة ايجابيا عن البلد سرعان ما انكسرت امام هذا المستوى المرتفع و المتزايد من مظاهر العنصرية والكراهية والتعصب العرقي والديني، فانقلب البلد من جنة الديموقراطية الى جحيم الارهاب والتطرف الديني.
لاحظ الكثير من الباحثين والاكاديميين ان السويد عرفت في العقود القليلة الاخيرة وجود بوادر للتعصب والكراهية (للآخر) كما لاحظوا في سياق ذلك ان بعض المؤسسات الاجتماعية والثقافية والاعلامية تعمل بصورة واعية على تعزيز مظاهر التعصب والكراهية وتأصيلها في نفوس وعقول السويديين وهي حقيقة مدمرة لمجتمع التسامح الذي عرف عن السويد في فترة من الفترات واخطر انواع هذا التعصب هو التعصب الديني وهو حالة من (التزمت والغلو في الحماس والتمسك بعقيدة دينية) مما ادى الى الاستخفاف بمعتقدات الاخرين ومحاربتها والصراع ضدها وضد كتبها المقدسة وكل الذين يومنون بها وهذه (حالة مرضية على المستوى الفردي والجماعي في المجتمع السويدي تدفع الى سلوكيات تتصف بالرعونة والتطرف والبعد عن العقل والاستهانة بالأخرين ومعتقداتهم) – مسعود كمالي- كاتب ايراني مقيم في السويد.
ومن العناصر التي تشكل مشاعر التعصب والكراهية هو هذا الخوف من الغرباء المهاجرين منهم واللاجئين ثم التشدد في تقديس العرق والعقيدة وهي مظاهر اخذت في المجتمع السويدي اتجاها متناميا في جميع مؤسساتها الثقافية والاعلامية والتربوية،
فالمدارس السويدية تؤسس للعنصرية الثقافية حيث وجود مدارس من مستوى (أ) ومدارس من مستوى (ب) ويسيطر التلاميذ من خلفية سويدية على المدارس المصنفة (أ) ذات المواصفات العالية في حين يتم تجميع التلاميذ المنحدرين من عائلات مهاجرة في المدارس المصنفة دون التميز(ب) وهو فصل عنصري اضافي خطير يعزز العنصرية في المجتمع السويدي.
اما الكتب المدرسية الخاصة بالتاريخ والعلوم الاجتماعية والادب والدين فإنها (ذات توجهات اثنية واوربية على نحو مبالغ فيه، ووفقا لكتب تاريخ العالم السويدية يبدا تاريخ العالم بمجمله في اليونان وينتهي في السويد !!! مع استثناء الحضارات الاخرى كلها من تاريخ العالم .. وفي هذه الكتب المدرسية التي تعتمدها الثانويات السويدية تقرا عن الاسلام بوصفه دينا محاربا كما تقرا تعريفا للجهاد بانه ” حروب المسلمين ضد غير المسلمين ” اشارة الى ان غير المسلمين يشملون المسيحيين واليهود ..اضافة الى انه يمكن ان تجد في هذه الكتب المدرسية كثيرا من الثناء على الاخلاق المسيحية ) مسعود كمالي – كاتب ايراني مقيم في السويد واستاذ بجامعة اوبسالا Uppsala السويدية.
اما وسائل اعلامهم فتعمل على انتاج صورة المسلمين بوصفهم مختلفين تماما عن السويديين ومنحرفين او متطرفين وجهال لا يؤمنون الا بما هو ماض وقديم كما ان وسائل الاعلام السويدية متورطة يوميا بالتمييز ضد المهاجرين وخصوصا المسلمين (الاتراك منهم بالأخص) وتمثل داغنز نايهتر Dagens Nyheterواحدة من اكثر الصحف تأثيرا في السويد وهي التي تكتب بشكل مستمر عن الجرائم التي يرتكبها ذوي الخلفيات المهاجرة من المسلمين كما تمثل احد اكبر الامثلة على العنصرية الثقافية في وسائل الاعلام السويدية حتى وان كانت تغطي على هذا التمييز العنصري بين الفينة والاخرى بالإشادة ببعض الاسماء والاعلام من الكفاءات العلمية والفنية والرياضية المنتسبة الى عائلات مهاجرة مع التركيز اساسا على النساء المهاجرات لكن ( المتحررات من قيود التراث !!) والمدافعات عن (العالم الحر) من (التخلف الديني) و(الاصولية) كما ان كثيرا من هذه الوسائل الاعلامية استخدمت ولا تزال توظف قضية (سلمان رشدي) في السويد وسيلة للإقصاء والتهميش من اجل تعزيز التعصب ضد المهاجرين والمسلمين خصوصا.
ويصور المسلمون في الاعلام السويدي بطريقتين مختلفتين حيث (تبين الصحف والقنوات التلفزيونية السويدية ان المسلمين الموجودين خارج السويد عدوانيون، مسلحون لا يتقنون الا التصفية والقتل والاغتيال ولا يجتمعون الا لترديد “الله اكبر” اما داخل السويد فنساؤهم يرتدين غطاء الراس الاسود الذي يرمز الى المرأة المستغلة من زوجها المسلم او الى الثقافة الذكورية، وتتعزز هذه الصورة يوميا من خلال توظيف (خبراء في قضايا الهجرة ) لمناقشة حياة المسلمين في السويد وهذه (مجرد خدع قدرة تؤدي الى انتشار الاسلاموفوبيا) – مسعود كمالي
وفي المجال الاجتماعي ثمة ظواهر كثيرة عن التمييز ضد المهاجرين وعزلهم عن المجتمع السويدي العام وفي تعزيز صارخ للعنصرية الثقافية حيث السلطات الاجتماعية المكلفة بالعمل الاجتماعي او المساعدات الاجتماعية تضع مرشدين اجتماعيين “خاصين” غير مؤهلين للتعامل مع العائلات المسلمة، ينظرون اليها ككائنات او عائلات او افراد او جماعات “منحرفة ثقافيا” وانهم يحتاجون “لمساعدة” من السلطات الاجتماعية السويدية فيوضعون في اماكن معزولة لتقدم لهم “المساعدات الاجتماعية” (من اقسام المعونات الاجتماعية الموجودة في البلديات ) وتصفهم وسائل الاعلام ب”زبائن قسم المشكلات الاجتماعية” لان المشاكل التي يعيشون فيها هي من قبيل: سوء معاملة المرأة – خطف الابناء وارسالهم الى الوطن الام – التربية على الخضوع لأوامر الاب – منع الفتيات على الاختلاط … انها عنصرية ثقافية تعمل على اقصاء الاخر واحتقاره واهانته وبالتليف انها تعيد انتاج النازية في توب جديد وخلق رهاب الاجانب في اوربا
لقد ماسست السويد للنازية والعنصرية والتعصب في الحياة اليومية بطريقة اعادت فيه انتاج المسلمين بوصفهم (الاخرون) وبوصفهم مجموعة غير متوافقة اساسا مع المجتمع السويدي الحديث ثقافة وسلوكا وعقيدة رغبة في اقامة فاصل بين عالم الغرب المسيحي والاسلام تمهيدا للتشديد على ان عدو الغرب الماثل والمهدد هو الاسلام .
وما لم تتخذ السويد او كل الدول الاوربية تدابير جذرية (لخلخلة الممارسات المركزية الاوربية والروابط السلطوية)التي تعيد تأطير وسائل الاعلام الجماهيرية وتغييرها والخطابات العنصرية السائدة في السياسة والاعلام والتعليم، وما لم يتغير التوجه الاوربي والاستشراق المأسس و الاسلاموفوبيا فانهم لن يكونوا قادرين على مواجهة العزل والاقصاء والتهميش في صفوف المهاجرين لان العنصرية الثقافية هي العامل الاساس في اقصاء (الاخرين) واعادة انتاج النازية الجديدة ورهاب الاجانب في اوربا,

الاخبار العاجلة