أصبح المواطن المغربي ذي الجذور العريقة والامتداد الثقافي الضارب في جذور التاريخ يرى ويسمع على مرأى من عينيه ومسمع أذنيه تعاظم فكرة التفاهة وانتشار البلادة كآنتشار النار في الهشيم بفضل التقدم التكنولوجي وظهور تقنيات جديدة ومتطورة قل نظيرها في القرن الماضي. هذا التقدم جعل من صناعة المحتوى الرديئ ملاذ الفاشلين وقبلة لعديمي الضمير ، بل أصبح عند البعض مذهبا يؤسس لفكر مادي بلا منازع في عالم يمسي ويصبح على فكرة المال وثقافة المادة .
وقد أجمع الدارسون خاصة علماء ومفكرو السوسيولوجيا على أن هذا التعاظم سيستمر لا محالة طوال السنين القادمة ، وأن ما عشناه بالامس وما نعيشه اليوم ليس إلا مرحلة تطبيع مع فكرة التفاهة وأن القادم لن يكون إلا أسوء من ذي قبل، وأن تصاعد وتيرة انتاج العفن بدعم من جهات مسؤولة وغيرها في المجتمعات المتخلفة وحتى المتقدمة منها لن يزيد إلا من تنامي الفوضى المجتمعية وانتشار الأفكار السلبية داخل كل بيت وعائلة ستؤدي مباشرة إلى انهيار منظومة القيم مما سيجعل استعباد الإنسانية أمر ا هينا على الدول الإمبريالية. أي أننا أمام حرب رقمية جديدة ستحدث صيحة عالمية، حرب تستمد قوتها من الانترنيت والشبكات العنكبوتية قصد إضعاف الآخر نفسيا وماديا حتى يسهل احتوائه وتضمن النظم الاستبدادية هيمنتها عبر وكلائها وعملائها بالمنطقة.
هذه الحروب الناعمة هدفها الأول والأخير هو إفراغ المجتمع من قيمه وأخلاقه السامية التي لا يمكن التقدم الا من خلالها، بل هناك من اعتبرها صمام أمان الشعوب والدرع الواقي أمام هاته الهجمات الشرسة المعلنة والصريحة تجاه الدول الضعيفة. وعند قراءتك لبعض المحتويات التي اعتلت الترند اليومي، تجد فعلا أن من وراءها سياسة محكمة تهدف إلى تشتيت القيم المجتمعية وتفكيك الحشود من خلال الفهم الغير صحيح لهذه القيم عبر تشويهها وتسمية المسميات بغير مسمياتها من خلال روتيني اليومي ، بسالات المرحاض، وصولا إلى تفاهة البولڨار … وغيرها حتى تستقر فكرة الكسل مكان الاجتهاد والعمل الجاد، وحب الزوجة والابناء إلى حب المومسات ، ومن حب أصحاب الرسالة النبيلة إلى حب أصحاب الندالة والرذيلة…وتحويل برامج الإصلاح وروح الانتماء إلى العنف والتسلط والسرقة والاحتيال على القانون وبدعم من بعض من يرعونه عبر الدفاع بأساليب ملتوية عن دعاة الانحلال والإباحية بل وتوفير الحماية القانونية لهم وتدبير المكائد لكل من حاول النيل منهم .
وختاما، هذه الاستراتيجية تستخدم وسائل أخرى عديدة قد تستعمل الروائيين والكتاب والسينمائيين أيضا عبر سيناريوهات في غاية الدقة تستعمل فيها كل أنواع الأسلحة : علاقات محرمة ، مخدرات بمختلف أنواعها ، صور خليعة ، جنس، لحظات حميمية … تختتم بمهرجانات لتكريم النموذج الجديد الأكثر تأثيرا أمام جمهور واسع احتفالا بالانجاز العظيم .
قلوش عبد الغني
