كلمة وهبي في اجتماع الدورة 52 لمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة

27 فبراير 2023آخر تحديث : الإثنين 27 فبراير 2023 - 9:46 مساءً
admintest
أخبار وطنيةسلايدر
كلمة وهبي في اجتماع الدورة 52 لمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة

من جنيف وبرئاسة الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتريس خلال اجتماع الدورة 52 لمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة… عبد اللطيف وهبي وزير العدل يؤكد على أن:

-المملكة المغربية تجدد التأكيد بخصوص النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية على دعمها للمسلسل السياسي والتزامها بصيغة الموائد المستديرة، بمشاركة جميع الأطراف، تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، قصد التوصل إلى حل “واقعي وعملي ومستدام وقائم على التوافق”، في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، وعلى أساس مبادرة الحكم الذاتي التي اعتبرها مجلس الأمن للمرة 19 مبادرة جدية وذات مصداقية.

-في الوقت الذي تشهد فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية طفرة تنموية اقتصادية واجتماعية شاملة تتيح للساكنة التمتع بحقوقها والمشاركة في تدبير الشؤون العامة من خلال المؤسسات التمثيلية، فإن معاناة المغاربة المحتجزين في ظروف قاسية للغاية في معسكرات تندوف بالجزائر ما تزال متواصلة ومنذ حوالي نصف قرن.

-سنة 2022 تميزت بالعناية الملكية بقضايا المساواة والمرأة، ولاسيما تمكينها من حقوقها القانونية، من خلال تبني خيار مراجعة مدونة الأسرة، وتفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بقضايا المرأة.

-المملكة المغربية انخرطت في مراجعة شاملة للمنظومة الجنائية تتوخى الملاءمة مع المعايير الدولية والتحولات المجتمعية ومستجدات العصر، من خلال إعداد مشروع قانون جنائي وقانون مسطرة جنائية جديدين ومشروع قانون يخص العقوبات البديلة.

-وفاء بالتزاماتها الدولية قدمت المملكة المغربية في نونبر 2022، التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل. كما عرفت سنة 2022 مناقشة التقرير الوطني الجامع للتقريرين الدوريين الخامس والسادس بشأن اعمال اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة أمام اللجنة الأممية المختصة التي أثنت على الجهود المبذولة لتحسين أوضاع المرأة وكفالة المساواة والتمتع بالحقوق الإنسانية للنساء.

إليكم النص الكامل للكلمة التي قدمها الأستاذ عبداللطيف وهبي وزير العدل بمقر الأمم المتحدة بجنيف أمام أنظار الاجتماع الرفيع المستوى للدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان:

حضرات السيدات والسادة؛
يسعدني في البداية أن أعرب عن اعتزازي للمشاركة في هذا اللقاء الموازي حول موضوع: سد الفجوة: نتائج مؤتمر الأطراف الخامس عشر والحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة (تعميم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة)، والذي نعتبره فرصة لمناقشة التحديات المرتبطة بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة وعلاقتها بالتنوع البيولوجي. وهي مناسبة كذلك لأتقاسم معكم/ن تجربة المملكة المغربية التي انخرطت منذ أمد بعيد في المبادرات الأممية والإقليمية الرامية إلى الحد من انعكاسات التغيرات المناخية، وبشكل خاص منذ مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة لعام 1972 وفي كل مؤتمرات الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغير المناخ.
حضرات السيدات والسادة؛
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليوز 2022 القرار الهام رقم 76/300 حول “حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة”. وقد تمت بلورة هذا القرار الذي حظي بتأييد 161 دولة، بمبادرة من المملكة المغربية وكوستاريكا وجزر الملديف وسلوفينيا وسويسرا. وقد أعاد هذا القرار التأكيد على الارتباط الوثيق بين تمتع الأفراد بجميع حقوق الإنسان وأهمية وجود بيئة نظيفة وصحية ومستدامة. ومما لا شك فيه أن هذا الارتباط أصبح اليوم يرقى إلى شرط أساسي في ظل التحديات المناخية والبيئية. كما أكد هذا القرار أن تعزيز حق الإنسان في بيئة نظيفة وصـــــحية ومســـــتدامة يتطلب التنفيذ الكامل للاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف بموجب مبادئ القانون البيئي الدولي، وهو ما يتطلب في نظرنا تكثيف التعاون ومواصلة التشاور بين الدول والحكومات حول قضايا البيئية والتنمية المستدامة وتمكين الأفراد من التمتع بحقوق الإنسان. وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريس على أهمية هذا القرار إذ اعتبره “تاريخيا”، وأشار على أنه يبرهن على إمكانية اتحاد الدول الأعضاء في النضال الجماعي ضد أزمة الكوكب الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث. وهو ما نعتبره، في نظرنا، التحدي الأكبر المطروح على الدول لتحقيق المعادلة الصعبة بين متطلبات التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان، وفق منظور المساواة والاستدامة.
حضرات السيدات والسادة؛
تؤثر التغيرات المناخية والاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، وتلوث الهواء والأرض والمياه، والتدبير غير السليم للمواد الكيميائية والنفايات، وللتنوع البيولوجي، على تمتع الأفراد بحقوق الإنسان. ووعيا منها بكل ذلك، ما فتأت المملكة المغربية تولي الأهمية اللازمة لمكافحة التغيرات المناخية وحماية البيئة، وهو ما جعلها بلدا رائدا في مجالات تروم المحافظة على البيئة كالطاقات المتجددة، فضلا عن التزاماتها في مجال خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كل ذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي اعتمدتها المملكة المغربية تنفيذا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويعكس الهدف الأسمى للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والمتمثل في الانتقال بالاقتصاد المغربي إلى اقتصاد أخضر، الانسجام التام مع الجهود الدولية في هذا المجال ومع توصيات الهيئة الدولية لخبراء المناخ ومع أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، قامت المملكة المغربية كذلك بإعداد المخطط الوطني للمناخ 2020-2030، والذي يهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف وتسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتنزيل السياسات الوطنية المتعلقة بالمناخ على المستوى المحلي وتشجيع الابتكار ورفع مستوى الوعي للاستجابة لتحديات مكافحة التغير المناخي. ويركز هذا المخطط على تعزيز الحكامة وتعبئة التمويل لمكافحة التغير المناخي وكذا اللجوء إلى الحلول المعتمدة على الطبيعة وإنتاج الطاقة النظيفة، وتطوير الصناعة الخضراء وتزويد المناطق الصناعية بالطاقات المتجددة. كما قامت المملكة، بتحيين مساهمتها المحددة وطنيا للحد من انبعاث الغازات الدفيئة والتي تهدف إلى خفض هذه الانبعاثات بنسبة 45,5 في المئة في أفق سنة 2030.
ووعيا منها بالدور المحوري للحق في الماء وارتباط العديد من الحقوق الأساسية به كالحق في الحياة والحق في الصحة، تعمل المملكة المغربية على تنفيذ للرؤية الاستراتيجية والشاملة لجلاله الملك محمد السادس في مجال الماء وتدبير الموارد المائية، من خلال تنفيذ البرنامج الوطني الأولوي للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020 – 2027، والذي تقدر كلفته بحوالي 11 مليار دولار. ويهدف هذا البرنامج إلى توفير الموارد المائية والاقتصاد في الماء، خاصة في المجال الفلاحي وإعادة استعمال المياه العادمة، إضافة إلى تحلية مياه البحر.
وفي المجال الفلاحي، واصلت المملكة مخطط المغرب الأخضر الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس في 2008، باعتماد استراتيجية فلاحية جديدة “الجيل الأخضر” ،ترتكز أساسا على تأهيل العنصر البشري، ومواصلة دينامية التنمية الفلاحية، بما في ذلك، الحفاظ على المياه وتثمينها وتطوير الري الموضعي، وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة وتعزيز برامج البحث والتطوير لنقل التكنولوجيا الزراعية الفعالة للفلاحين، هذا بالإضافة إلى انطلاق الاستراتيجية الغابوية الجديدة “غابات المغرب 2030″، التي تشكل نقطة تحول مهمة في تدبير الغابات بالمغرب، من خلال سعيها إلى خلق توازن بين الحفاظ على النظم الإيكولوجية الغابوية وتثمين مواردها وتطويرها، وتشجير 50 ألف هكتار سنويا لبلوغ 100 ألف هكتار سنويا في أفق 2030.
حضرات السيدات والسادة؛
رغم كل المجهودات التي بذلت وتبذل من طرف المجتمع الدولي في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي وتعميم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، يلاحظ أن رهان تحقيق الأهداف المرجوة مازال بعيد المنال بسب مجموعة من الإشكالات المعقدة والمتداخلة. فتمويل بناء اقتصاد أخضر مستدام وتفعيل التزام الدول المتقدمة بتعبئة 100 مليار دولار سنويا عقب قمة باريس للمناخ لمكافحة تغير المناخ، وتطبيق المبدأ المتعلق ب “المسؤولية المشتركة والمتباينة”، تبدو إلى اليوم أهدافا صعبة التحقيق وتتطلب المزيد من تظافر جهود الدول والمنظمات وتعبئتها.
وإلى جانب ضعف التعبئة وتنفيذ الالتزامات الدولية، تشكل عوامل أخرى تحديا بل تهديدا حقيقيا لتعميم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، من بينها الكوارث الطبيعية والظروف المناخية، والعجز المتزايد في المياه الذي قد يبلغ 40٪ اعتبارًا من عام 2030، وذلك حسب تقرير الأمم المتحدة السنوي عن الذهب الأزرق، وتلوث المحيطات والبحار الذي يشكل خطرا على التنوع البيولوجي وعلى توازن منظومة الأمن الغذائي، فضلا عن الآثار العديدة الوخيمة للنزاعات، بما في ذلك على الأمن الغذائي.
حضرات السيدات والسادة؛
يتطلب رفع التحديات العالمية المرتبطة بالتغير المناخي، إعادة توجيه الاستثمارات نحو الأنشطة الاقتصادية التي توازن بين الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية وإيلائها التشجيع والدعم اللازمين، بالإضافة إلى مواصلة تطوير منتجات استثمارية وأدوات مالية جديدة صديقة للبيئة والمناخ، تتسم بالاستدامة والمسؤولية.
ولتعزيز استقرار القطاع المالي وتمويل مشاريع التنمية، تبقى الحاجة للمزيد من الآليات والأدوات التمويلية الواعدة والبديلة لمصادر التمويل التقليدية، والتي من شأنها سد الفجوة المالية المطلوبة لتحقيق تنمية منخفضة الكربون ومتأقلمة مع آثار التغير المناخي، تراعي خصوصيات المجالات الترابية من أجل تعزيز قدرة صمود الساكنة، كما أن التمويل العمومي يكتسي أهمية بالغة في مجال الاستثمار في المشاريع الخضراء ومكافحة التغير المناخي، ليس فقط كمورد مالي مباشر، ولكن أيضا كمحفز للاستثمار الخاص.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاخبار العاجلة