بيان الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت بخصوص عملية “تدعيم وترميم” أسوار تارودانت الجارية حاليا

20 نوفمبر 2023آخر تحديث : الإثنين 20 نوفمبر 2023 - 7:00 مساءً
admintest
سلايدرمجتمع
بيان الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت بخصوص عملية “تدعيم وترميم” أسوار تارودانت الجارية حاليا

عبد الجليل بتريش

تتابع الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت باهتمام بالغ وانشغال عميق، انطلاقا من مسؤولياتها المعنوية والأخلاقية، الأشغال الجارية حاليا من طرف مصالح وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، لتدعيم وترميم الأسوار العتيقة لمدينة تارودانت، على إثر ما لحقها من تصدعات وشروخ بينة، وما اعتراها من انهيارات تتفاوت أهميتها، بكثير من أبراجها ومقاطعها على امداد طولها الذي يربو عن سبعة كيلومترات ونصف.

وإننا إذ نثمن للوزارة الوصية على المباني التراثية بالمغرب تدخلها هذا، واهتمامها بالحفاظ على هذا الموروث التراثي الغني والمتميز، بعدما عانى لأمد طويل من الإهمال التام، وغياب الصيانة المطلقة، ونشكر لها بشكل جزيل توجيه عنايتها لهذا الرمز الحضاري العريق، الذي أصبحت مدينة تارودانت بكل مكوناتها مقترنة بوجوده واستمراره؛ فإن واجبنا، كجمعية تعنى بصيانة التراث الحضاري للمدينة، والسعي إلى صيانته وتثمينه، يلزمنا بإبداء ملاحظاتنا، وكذا بتقديم خلاصات استشاراتنا العلمية والتقنية، بخصوص عملية التدعيم والصيانة الجارية حاليا، والتي نرى، ويشاركنا الرأي عدد من الخبراء المختصين الذين استشرناهم، أنها لا تحترم عددا من الشروط والإجراءات العلمية والتقنية المتعلقة بالتدخل في أسوار تارودانت لصيانتها وترميمها:

1. تستعمل الشركة المنفذة للأشغال “الطوب” المصنوع من التراب النيء المضغوط، لتدعيم أساسات الاسوار المتآكلة. وهي عملية لم يتم استعمالها أبدا في اسوار تارودانت لا قديما ولا حديثا، وأثبتت الاستشارة العلمية أن الاسوار ترمم بنفس طريقة ومواد بنائها، أي بتقنية اللوح، حيث تستعمل منه مقاطع لا يتجاوز علوها 20 سم إلى 30 سم، ويكون ترابها مخلوط بكميات محددة من الجير والحصى، وتدك جيدا لضمان تجانسها مع الأجزاء القائمة. أما الطوب فمكوناته، وطريقة صنعه ووضعه لن تمكن أبدا من ذلك التجانس.

2. تستعمل الشركة المنفذة للأشغال “الأحجار” في إعادة بناء هياكل بعض الأبراج، وهي عملية غريبة عن أسوار المدينة، ولا تلائم مكوناتها الاصلية المعروفة والمتوارثة، وإن كان بعضهم قد استعملها بشكل محدود في ترميمات سابقة وغير مؤطرة علميا، فإن الأمر أصبح يقتضي إزالتها، وإرجاع الأبراج إلى حالتها الطبيعية الاصلية: “اللوح”، وليس تزكية مثل هذه التجاوزات السافرة، والعمل على تزكية وضع سابق غير سليم.

3. إن رتق الشقوق والتصدعات التي لا يزال طرفاها قائمان، يقتضي استعمال الآجر الأحمر المشوي في الفرن، على أن تكون درجة مقاومته كبيرة، وليس من الصنف المتوفر عادة في الأسواق (وللتذكير فللمدينة في هذا الشأن تجربة متميزة أثناء عملية إعادة بناء ما تهدم من المسجد الكبير بها)، ويتم لحم هذا الآجر بملاط من الرمل المغسول والجير على أن يخمر لمدة كافية تصل إلى 20 يوما، وهو أمر لا يبدو أنه تم احترامه في الاشغال الجارية.

4. إن البناء الترابي بالمدن العتيقة كتارودانت، ومراكش، وفاس، يخضع لتقنيات وأساليب حضرية، تختلف تماما عن البناء الترابي في قرى الجنوب، والجنوب الشرقي للبلاد، مثل جبال سوس، ودرعة، وتافيلالت … لذا لا ينبغي خلط الأمور، باعتماد نفس التقنيات والإجراءات هنا وهناك، وذلك لاختلاف نوع البناءات، وأدوارها، والاهداف المتوخاة من خلال هذا البناء.

5. إن التدخل في تراث حضاري عريق يربو تاريخ كثير من أجزائه ومقاطعه عن عشرة قرون، يقتضي أن يشرف على عملية التدخل مهندس معماري، يشترط فيه أن تكون له تجربة طويلة في ميدان ترميم وصيانة المباني التاريخية، وأن تكون له خبرة بمجال البناء الترابي وخصوصياته. كما أن الأمر يقتضي ألا يتولى تنفيذ الاشغال إلا مقاولة تتوفر فيها نفس الشروط: التجربة في ميدان ترميم وصيانة المباني التاريخية، والمعرفة العميقة بتقنيات البناء الترابي الحضري بالمدن العتيقة، التي تتقاسم نفس الخصوصيات.

6. ويقتضي الإخبار عن كل هذه الأمور توفير لوحات تعلن عن المشروع، تتضمن اسم مكتب الهندسة المعمارية المسؤول، واسم وعنوان المقاولة المنجزة للأشغال، واسم مكتب الدراسات المكلف بمراقبة الاشغال، توخيا للشفافية ورفعا لكل لبس وتعتيم.

وعليه فإن الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت تدعو كافة الجهات الإدارية، والتقنية، والمنتخبة، المسؤولة منها والوصية على التراث المبني بمدينة تارودانت، إلى التدخل العاجل لتقويم هذه الاختلالات، حفاظا على نبل أهداف المشروع، وصيانة لتراث المدينة العريق من أي تشويه أو تلف.

الاخبار العاجلة