العُرسُ الأمازيغيّ ..عاداتٌ وتقاليدٌ أصيلة في طريقها نحو الزوال

16 فبراير 2011آخر تحديث : الأحد 28 مارس 2021 - 10:41 صباحًا
admintest
مجتمع
العُرسُ الأمازيغيّ ..عاداتٌ وتقاليدٌ أصيلة في طريقها نحو الزوال

للعرس الأمازيغي(تمغرا) عادات وتقاليد عرفت بها مند القدم خصوصا عند ساكنة سوس عامة وأدرار خاصة…إلا أنها ومع مرور الزمن صارت هاته التقاليد تختفي شيئا فشيئا لتحل مكانتها عادات جديدة التي تسير مع هذا العصر الحديث بمظاهر جديدة…إذ أصبح العرس لم يدوم إلا ليلة واحدة…عكس ما كان عليه أجدادنا… “أوسان نتمغرا”. .ثلاثة ليال من الترحاب والاحتفال منذ الصباح الباكر، تذب الحركة في أرجاء بيتي العروسين، إذ يمتزج غناء النساء بفرح وضحك الذكور، ويمتزج العمل “التصدير” بالمرح والمضايقات والجدية، ويتخلله وجبات غذائية تقدم للجميع.. إنها أمور تحدث في يوم الزفاف دون أن تشعر بمرور الوقت إلى حين خروج “أوكريس” ويقوم به أهل العريس، إنها الظهيرة الوقت المناسب لخروجه وهو عبارة عن لوازم التجميل (إيدوكان، الحنا، الورد، تزولت، إيزار…)، يخرج أهل العريس في موكب كبير، غالبيته من الرجال من بينهم ولد يتكفل بحمل “أوكريس”، وينظر دائما إلى الأمام ولا يحق له أن يدير وجهه لأي اتجاه آخر، إلى حين الوصول إلى بيت أهل العروس. طقوس “أوكريس” تجديد للنوايا وعربون الاهتمام.. ….لنقف عند هذه المرحلة الأولية، إذ يتضح أن طقوس “أوكريس” هي مبادرة أخرى على غرار الخطوبة لكي يؤكدوا على صدق النوايا والإهتمام الكبير بالعروس، فلوازم كالحناء والورد والكحل ترمز إلى الصفاء والجمال والحسن، كما يرمز الايزار الأبيض إلى الوضوح والحياء، ويجسد الولد التي حمله، المرشد، والمخلص وكذلك النجاح الذي يتوقف عليها وصول الموكب، فنظراته الموجهة دائما إلى الأمام تفيد الحشمة والوقار والمسؤولية والالتزام. يصل الموكب إلى دار أهل العروس، يتم استقبالهم أشد ترحاب ثم يسلم “أوكريس” إلى أهل العروس الذي يوضع في غرفة تواجد العروس ويتم بعد ذلك تفحصه، بعد أن يتغذى الجميع؛ تهيئ العروس بلوازم التجميل المموضعة في “أوكريس”ثم تلف في الايزار بعدها في “أحايك” ويوضع على رأسها “الحبق” ثمة يأتي أخ العروس أو أحد أقربائها ليلبسها الشربيل “أدوكو” وتردد النساء حينه بعض الأغاني الخاصة به. تجهيز العروس واستعداد للرحيل.. في الوقت ذاته، يقوم الرجال بتحديد قيمة الجهاز وكذلك الصداق، وهو عملية تقييم كل ما تأخذه العروس إلى دار عريسها كالمال والحلي والملابس والأغطية والصناديق والأواني وغير ذلك … كل حسب قيمته المالية أو التقريبية المتداولة في السوق وفي الأخير يتم جمعها وتحديد المبلغ النهائي. خروج موكب العروس.. تخرج العروس مغطاة بكاملها، ويرافقها حشد من النساء والرجال والأطفال…محاطة بإمرأتين تسميان ب”””ماس نتسليت””وولد أو طفل ويشترط فيه أن يكون أخ العروسة أو أن يأتيها من العائلة…و يمكن أن نطلق عليه “الإشبيل” وكثيرا ما نسمع هذا البيت الذي تردده النساء بموازاة بكاء العروس وأهلها…
(-أيلينو أداء أورتلتي)
(-أيتمام ديستمام غيد أولا غين تريت.)
وينطلق الموكب، مقدمته النساء و العروس، ومؤخرته الرجال في اتجاه أهل بيت العريس. قيمة الجهاز ،مغزى ودلالات.. من خلال هذه المعطيات يتضح أن قيمة الجهاز يحدد مستوى وعيش أهل العروس، فهو يحيل إلى الشرف والنبل، فكثيرا ما تكثر المناوشات بين الأشخاص كبارا وصغارا حول القيمة الحقيقية للجهاز، فإن كان ذو قيمة كبيرة يدل على السمو والعلو، وإن كان قليلا يحيل إلى الاستضعاف والفقر، لكن ما هو أهم هذا الجهاز بمثابة دين يكون في ذمة أهل العريس، ويعاد في حالة الطلاق أو هلاك الزوج ، كما أن بكاء العروس كثيرا ما يرافقه بكاء الأهل، خاصة الأب الذي لا يرافق ابنته، إن ذلك يحيل إلى الفراق، فراق للأهل والعشيرة والفضاء، والإرتماء في وسط مخالف، وحياة جديدة، قد تكون غير متطابقة لنمط العيش الأول في حين يحيل “الإشبيل” إلى الإستمرارية والتجديد والإستخلاف المستمر، فالطفل عادة ما يستحضر في ثقافات الزواج في مناطق متعددة، إنها محاولة لتربية الأطفال على هذا السلوك البشري النبيل. وصول الموكب وطقوس الاستقبال.. يصل الموكب إلى بيت أهل العريس، في جو من الترحاب والاحتفال.. ينتظرون إطلالة العريس، يتأخر قليلا، حينه ينشد هذا البيت: “مانزاكيد الوكيلي اعزان (مرتين)” يطل العريس بجلبابه الأبيض وسلهامه والكوميت الفضي، يرمي “زبيب” الذي يتكون من التمر والحلوى والملح وحبات تيفييشت… بعدها ينزل إناءا به الحليب لكي تشرب منه العروس…، بعد أن مضمضه ورده إلى الإناء،… بعد أن ينتهي ذلك يأتي أحد أفراد عائلته فيحملها ويدخلها إلى غرفتها ثم يقدم المال إلى الطفل الصغير “الإشبيل”….. …ولا شك أن شرب العروس للحليب الذي مضمضه العريس، ورده إلى الإناء، يعتبر بحد ذاته قبولا ورضى عن حياتها الجديدة، عن نمط عيشه ومستواه المادي والمعنوي.. كما يحيل على قبول هذا الشخص كشريك للحياة، ولحاله وآلامه وعزه وفقره…
…في الأخير يدخل الجميع إلى دار أهل العريس مقسمين نساءا ورجالا.. حينه تسمع “التيات”، ولا تكاد النساء تتوقفن عن الغناء والرقص “أحواش”. …في الأخير ينصرف الجميع إلى حال سبيله بعد تناول الطعام، وشرب الشاي، والدعاء….
….وبعدها يدخل العريس إلى غرفته، يرمي زوجته بكومة من الملح، وفي بعض الحالات تقوم أم العروس بذلك…، عندئذ يقوم العروسان بتبادل الكلام وتتخلله وجبة الأكل المحضرة سابقا…
كانت هذه بعض الطقوس البارزة المعروفة لدى البودراريين فيما مضى بعض منها لازال ساريا إلى اليوم والكثير منها صار للأسف في طريق الاندثار . بقلم :العربي الزكداوي

الاخبار العاجلة