أشرف كانسي يكتب.. رحلة بناء مركز ثقافي في القليعة

28 نوفمبر 2023آخر تحديث : الثلاثاء 28 نوفمبر 2023 - 2:06 مساءً
أشرف كانسي
سلايدركتاب وآراء
أشرف كانسي يكتب.. رحلة بناء مركز ثقافي في القليعة

من مجرد فكرة إلى واقع ثقافي: رحلة بناء مركز ثقافي في القليعة.
تحديات وتطلعات قبل افتتاح المركز الثقافي بالقليعة.

أشرف_كانسي

قبل أن تنطلق مدينة القليعة في رحلة التطور والتنمية الحضرية، كانت تحمل حكايات الشباب الطموح الذين يسعون للابتعاد عن العتمة الثقافية والفنية التي كانوا يواجهونها يوميًا. كيف كانت تلك الفترة قبل إنشاء المركز الثقافي؟ وما هي التحديات التي واجهها الشباب في التنقل للبحث عن دورات تكوينية في مجالات الفن مثلا؟ سنستكشف تلك السجلات المفقودة ونلقي الضوء على جهود الشباب في تحقيق تطلعاتهم الثقافية.

بينما كانت مدينة القليعة تنتظر بفارغ الصبر ميلاد مركزها الثقافي، كان الشباب يعيشون في غمرة من التحديات والصعوبات، يسعون للتخلص من قيود الجهل والتقييدات الفنية، كانت تلك الفترة تمثل تحديًا غير مسبوق للشباب الطموح، الذين كانوا يجدون أنفسهم عالقين في حقبة تفتقر إلى المنصات الثقافية الملائمة لتوجيه طاقاتهم الإبداعية.

في هذا السياق، يبرز سؤال حول كيف كانوا يتنقلون للبحث عن دورات تكوينية في مجالات الفن؟ كان الشباب يضطرون إلى السفر إلى المدن المجاورة وحتى البعيدة، يحملون معهم آمالهم وطموحاتهم، بحثًا عن الفرص التي كانت تتخذ شكل رحلات شاقة ومكلفة.
نحن هنا لاستعادة تلك اللحظات المفصلية والمؤثرة في تاريخ القليعة، حينما كانت المناخات الثقافية لا تزال في مرحلة الانتظار، سنقوم بتسليط الضوء على الروح القتالية للشباب وجهودهم المثابرة لتحقيق تلك التطلعات الثقافية، مشيرين إلى أهمية المركز الثقافي كمحطة محورية شكلت نقطة تحول حاسمة في مسار تطور الفن والثقافة في المنطقة.

في هذا السياق الاجتماعي والثقافي الذي كان يعيشه الشباب في مدينة القليعة قبل إنشاء المركز الثقافي، كانت الفرص التكوينية في مجالات الفن قليلة ومحدودة، كان السفر إلى المدن المجاورة الوحيدة الخيار المتاح للشباب الطموح الذين كانوا يتطلعون إلى تطوير مهاراتهم الفنية والمشاركة في دورات تكوينية.

كانت تلك الرحلات لا تمثل مجرد تنقل جغرافي، بل كانت تحمل آمالاً كبيرة وتحديات جسيمة، يضطرون إلى تحمل تكاليف السفر، والإقامة، والتغذية، بالإضافة إلى رسوم الدورات التكوينية التي كانوا يسعون للمشاركة فيها. كانت هذه الرحلات تمتد لمسافات طويلة، وكان يتعين على الشباب التكيف مع بيئات جديدة وتحمل الضغوطات المالية للمحافظة على حلمهم الفني.

على الرغم من هذه التحديات، كان الشباب يصرون على السفر، مقتنعين بأهمية توسيع آفاقهم الفنية. كانوا يجمعون بين العزيمة والشغف، ويقدمون تضحيات كبيرة لكي يكتسبوا المهارات والخبرات التي ستمكنهم من التألق في عالم الفن. رغم مرارة التحديات، فإن هذه الروح الإيجابية والإصرار كانت تشكل الدافع الرئيسي وراء رحلات البحث عن التكوين الفني خارج حدود المدينة.

مع إنشاء المركز الثقافي، ظهرت نقطة تحول في هذه الرحلة الشاقة. أصبح من الممكن الآن للشباب القليعي الاستفادة من بيئة ثقافية وتكوينية في مسقط رأسهم، وتوفير فرص أكبر للابتعاد عن التنقلات الشاقة. سيسهم المركز الثقافي في تشكيل مستقبل ألوان الفن والثقافة في المنطقة، وتوفير منصة قوية لابتكار وعرض أعمال الشباب الموهوب في القليعة.
تشكل فكرة إقامة مركز ثقافي في المدينة خطوة جريئة ومهمة نحو تعزيز الحياة الثقافية والفنية في المنطقة. يعكس اهتمام المجلس الجماعي والرئيس بهذه الفكرة التفاؤل بقوة الثقافة في تحقيق التقدم وتطوير المجتمع.

الإشادة بالفكرة تعكس التفاؤل والإيمان بأن الثقافة تمثل جزءًا حيويًا من هوية المدينة، وأن إنشاء مركز ثقافي سيعزز التفاعل الاجتماعي ويفتح أفقًا جديدًا للابتكار والإبداع. يمكن أن يكون لهذا المشروع تأثير إيجابي على مستقبل الثقافة والفن في المنطقة.

التساؤل حول النجاح المستقبلي للفكرة يعكس الرغبة في تحقيق نتائج إيجابية وقوة التفاؤل في إمكانية تحويل الفكرة إلى واقع. من خلال تفعيل الثقافة وجعلها عاملًا محوريًا في المجتمع، يمكن أن يسهم المركز الثقافي في جذب المواهب وتوجيه الطاقات الإبداعية.

الرئيس كعنصر في تشكيل الثقافة يعزز هذا الرؤية، إذ يظهر كشخصية قائدة تدرك أهمية الثقافة في تطوير المدينة. بالتأكيد، يمكن أن تكون الثقافة عنصرًا حيويًا في بناء الهوية وتحديد مسار المستقبل، يبدو أن هذه المبادرة تحمل في طياتها التفاؤل والإيمان بقدرة الثقافة على أن تكون محركًا للتنمية والتقدم، وهي خطوة إيجابية نحو تحقيق الطموحات الثقافية والفنية للمجتمع.

قرار رئيس المجلس الجماعي القليعة بإنشاء مركز ثقافي يعكس ليس فقط التزامًا بتعزيز الحياة الثقافية في المدينة، ولكن أيضًا استراتيجية فعّالة لخلق جسر قوي للتواصل بينه وبين مجتمع الفنانين في المنطقة. هذا الاتصال المباشر مع الفنانين يعكس فهمًا عميقًا لأهمية تضيف الفنون والثقافة إلى تنمية المجتمع من خلال إشراك الفنانين في فكرة بناء المركز الثقافي، يتيح الرئيس لهم فرصة للمشاركة الفعّالة في تشكيل هذا المشروع وجعله يعكس احتياجات وآمال المجتمع الفني. يمكن أن يساعد هذا في تحديد المكانة والدور الذي يمكن أن يلعبه المركز في دعم المبدعين المحليين مستقبلا.

علاقة الرئيس مع الفنانين وتواصله المباشر والمستمر معهم قد تعزز من روح التعاون والشراكة، وتسهم في توجيه الجهود نحو تحقيق رؤية مشتركة لتطوير المجتمع الثقافي. إن هذا النهج يؤكد على فعالية التواصل المفتوح ويساهم في بناء روابط قائمة على التفاهم والتعاون بين القيادة والمبدعين في المنطقة.

بالمشاركة المباشرة للفنانين في عملية التخطيط والبناء والتسيير، يمكن أن يصبح المركز الثقافي نتاجًا لجهود جماعية، يعكس الهوية الثقافية المشتركة للمدينة. ومن خلال هذا التواصل القوي، يمكن أن يحقق المركز تأثيرًا أكبر ويصبح محطة متجددة للإبداع والتعبير الفني محليا، إقليميا وحتى وطنيا.

هل أمامنا مجتمع مدني مثقف؟
إن هذا الاستفسار يتناول جوانب حيوية تتعلق بالتقدم الثقافي والتطوير المجتمعي. يتناول السؤال إمكانية تشكيل مجتمع يعتبر الفن والثقافة جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، ويقدر دورها الرئيسي في بناء هوية المجتمع وتعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي.
مع إنشاء المركز الثقافي، يطرح هذا السؤال تحديًا أخلاقيًا وثقافيًا للمتجمع المدني والمجتمع المحلي.

هل سنستمر في تشجيع الفهم والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع؟ هل سيتم الاعتراف بأهمية التنوع الثقافي والفني، وتحفيز الابتكار والإبداع؟
تجاوب المجتمع مع المركز الثقافي يكون أيضًا مؤشرًا على مدى تقبله لمفهوم التنوع الثقافي والمساهمة الفعّالة في تحقيق التنمية المستدامة.

هل سيشجع المجتمع على المشاركة الفعّالة في الأنشطة الثقافية والفنية؟ وهل سيتبنى آفاقًا تفاعلية لدمج التنوع الثقافي في نسيج حياته اليومية؟
بهذا السياق، يعتبر السؤال عن وجود مجتمع مدني مثقف تحديًا محفزًا للتفكير في القيم الثقافية التي يسعى المجتمع لترسيخها وتعزيزها.

هل سنحافظ فعلاً على هذا المركز؟
هذا السؤال يسلط الضوء على جانب حيوي يتعلق بالاستدامة والمسؤولية المستمرة تجاه المشروع. يعبر عن الاهتمام بتطوير تفاعل إيجابي ومستدام مع المركز الثقافي، حيث يحمل في طياته تحديات وتساؤلات عميقة حول الالتزام والاستمرارية.
من المهم أن يتبنى المجتمع مفهوم المشاركة الفعّالة في الحفاظ على المركز.

هل سنشهد فعلاً دعمًا مستمرًا من قبل الأفراد والمؤسسات المحلية؟ هل سيتم توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لضمان استمرارية الأنشطة الثقافية والفنية داخل المركز؟
يفتح هذا السؤال باب التفكير في تطوير آليات فعّالة لإشراك المجتمع والمحافظة على دور المركز في تحقيق رؤيته. كما يسلط الضوء على أهمية بناء شراكات استراتيجية مع القطاعات المحلية والمؤسسات الحكومية لتحقيق التوازن بين الاعتماد المجتمعي والدعم الرسمي.
في نهاية المطاف، يجسد هذا السؤال الحاجة إلى تحفيز وتعزيز الروح الجماعية للمجتمع لضمان استمرارية المركز الثقافي والقيام بتأثيره الإيجابي على الحياة الثقافية في المنطقة.

هل سيكون التسيير إدارياً ذا احتراف أم عشوائياً؟
يتناول هذا السؤال الجوانب الأساسية لنجاح المركز الثقافي، حيث يعكس الاهتمام بكفاءة إدارية تحقق الأهداف وتضمن استدامة المشروع. يطرح هذا الاستفسار تحديات تدير حول تصميم وتنفيذ هياكل إدارية فعّالة.
من خلال التحقق من جودة التسيير الإداري، يمكن تحديد ما إذا كان هناك رؤية واضحة للأهداف وخطط مستقبلية للمركز.

هل تتمتع الإدارة بالكفاءة والتجربة اللازمة للتعامل مع التحديات المتوقعة؟ هل هناك إطار عمل يعزز التواصل الفعّال واتخاذ القرارات المستنيرة؟
الاحترافية في التسيير تساهم بشكل كبير في جذب دعم المجتمع والشركاء، كما أنها تسهم في بناء سمعة إيجابية للمركز. على الجانب الآخر، التسيير العشوائي يمكن أن يؤدي إلى تبديد الجهود والموارد ويعرقل تحقيق الأهداف المحددة.
ولضمان استمرارية المركز الثقافي ونجاحه، يجب أن يكون التسيير إدارياً محترفاً، يعتمد على أسس قوية وأفضل الممارسات الإدارية. يمكن أن تشكل هذه الاحترافية أساسًا لجعل المركز مركزًا مستدامًا وفاعلًا في تعزيز الحياة الثقافية والفنية في المنطقة.

الصورة: لحظة زيارة عامل صاحب الجلالة على إقليم انزكان أيت ملول وبجانبه رئيس المجلس الجماعي القليعة  ورش بناء المركز الثقافي القليعة الذي بلغت نسبة الأشغال به 75 بالمئة على مساحة 2788 متر مربع بتكلفة مالية بلغت 962112.00 درهم، ويضم المركز فضاءات متعددة منها ما هو مخصص للتكوين والمطالعة، وتنظيم الحفلات و التظاهرات.

الاخبار العاجلة