أين نحن مما قيل عن المعلم؟

5 أغسطس 2022آخر تحديث : السبت 6 أغسطس 2022 - 11:37 صباحًا
عبد الرحمن أيت عبدلا
كتاب وآراء
أين نحن مما قيل عن المعلم؟

 

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا

كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي

يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا

سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ

عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى…

من منا لم يسمع يوما عن هذا البيت الشعري لأحمد شوقي أمير شعراء العصر الأخير ؟ من منا لم يذق طعم التعلم على يد عظماء التلقين؟ من منا لم يذق حلاوة التلاوة والقراءة والكتابة على يد نجباء الأمة؟
قصيدة قرأت على مسامع الناس في ذكرى تخرج المعلمين من المدرسة العليا للاساتذة، وهي قصيدة تحمل معاني الاخلاق و تحث على العلم والتعلم وترفع من مكانة المعلم في ظل حقبة صوبت فيها كل المدافع نحو المعلم، نبراس العلم وصمام أمان الشعوب. كلمات توحي على الإرتقاء بالنفس والعقل في مدارج المعرفة وتؤسس لناشئة تمشي على نهج الأنبياء والصالحين . وما ذكره للرسول إلا مجازا يحمل سمو الرسالة التي كلف بها، ونحن نعلم علم اليقين أن باب النبوة قد قفل ، وما محمد إلا آخر الانبياء والرسل ،ٱصطفاه الله من خلقه مصداقا لقوله عز من قائل:
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ)- أل عمران 144 ، الآية.
بالعودة الى القصيدة الشعرية ، تستوقفنا كلمات أحسن الشاعر ٱختيارها لعظمة مقام المعلم ولعلو مكانته في المجتمع، كلمات يصعب تفسيرها حرفياً ، اللهم اذا اقتصر فيهن على المعنى العام حتى يبلغ المراد قصده في وصف حملة العلم والمعرفة.
يبقى السؤال المطروح الآن :
أين نحن من هذا كله؟ أين نحن مما قيل ومما يقال عن المعلم اليوم؟
بالطبع نحن بعيدين كل البعد عن ما قيل آنفا، نحن الان أمة تعلق تأخرها وفشلها على هاتق الأستاذ ، وتعتبره جزءا من الاشكالات العويصة التي نتخبط فيها منذ مطلع فجر الاستقلال. نحن قوم نشتم ونقذف كل معلم واستاذ. ولعل ما جاء في قول عبد الرحمان بن عبد الخالق خير وصف لواقعنا المرير :
( …وهذه المعركة الكلامية ستستمر وقتاً طويلاً يؤيد كل فريق منا رأيه فيه بما تستطيع بلاغته أن تصل إليه وسيعمد القادرون منا ومن بيدهم زمام الأمور على دفع الأمور لتثبت صدق آرائهم ورجاحة عقولهم، وسنظل يخطئ بعضنا بعضاً، ويسب…). سنظل ننسف ما بناه علماؤنا وسنظل وسنظل إلى ان يتبث العكس.
لسنا ممن يفترون على الله كذبا، يكفي ان تتفحص ولو قليلا واقع الاسرة التعليمية اليوم لتجد نفسك أمام اشكالات لا حصر لها، إختلط فيها التربوي والنفسي بالإجتماعي ليشكل سدا منيعا أمام التقدم المنشود رغم كل الإصلاحات التي مرت منها المنظومة مع أول حكومة. ليبقى الحال على حاله، وتبقى دار لقمان على حالها بل لتزداد سوءا مع مطلع الألفية الثانية. وقد نال المعلم حظه الوافر من التعاسة والندامة، واستمر في أخذ جراعات الفشل المقصود بانتظام، في ظل الجمود والركود المحيط بنا وفي ظل التوقف الزمني اللا مبرر . لم نعد ننتظر إلا رصاصة الرحمة تعلن ساعة الخلاص.
وفي انتظار ذالك ، استمروا انتم ياسادة في دعم التفاهة، وواصلوا اعزكم الله في مكافأة الرداءة والوضاعة بدلاً عن الثقافة . استمروا كذالك حياكم الله في هتك عرض الأمة وبثر اوصال الشهامة.

بقلم عبد الغني قلوش

الاخبار العاجلة