بوسهماين عبد العزيز
على اثر نجاح الثورة الشعبية في تونس سنة 2011 بعدما فهم زين “الهاربين ” – مبكرا – أن مطالب الثورة أكبر منه و تستوجب تنحيه عن الرئاسة والطيران نحو بلد آحر ، وعلى اثر نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير المصرية من نفس السنة بعدما قرر مبارك – مجبرا – التخلي عن رئاسة الجمهورية ، على اثر ذلك كله ، لاحت أشعة التغيير من هناك الينا ، فركب عدد كبير من الشباب المغاربة سفينة موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك داعين الى التظاهر من أجل المطالبة بالكرامة و بتحسين الأوضاع ، مؤسسين بذلك حركة 20 فبراير التي استطاعت أن تقذف بحجر كبير في بركة الدولة الراكدة و التي تدحرجت ككرة ثلج لتعلق بها هيئات ومجموعات وجماعات واحزاب وشخصيات سياسية ومدنية وفنية…. ليلتئم الكل في السابع عشر من فبراير 2011 ويخرجوا ببيان مدجج بمطالب مشروعة تتعلق كلها باصلاحات اجتماعية و اقتصادية وسياسية تحت شعار ” الشعب يريد اسقاط الفساد والاستبداد ” ليس الا .
وبالفعل كان تجاوب ” دار المخزن ” آنيا وايجابيا مع هاته المطالب وكان أكثر ذكاء ودهاء من تونس ومصر ، فتم تغيير الدستور على عجل ، وتم حل البرلمان والاعلان عن انتخابات سابقة لأوانها ركب عليها الراكبون فأحسنوا الركوب واستطابوا أريكة “الدولة العميقة ” وتعمقوا في ملذاتها بكل شغف ونهم ، فكان أول ما بدأوا بتغييره مظاهرهم وعاداتهم البسيطة ، وكانت اولى العمليات الفدائية التي نفذوها من أجل عيون التغيير كذلك هي نسف المطالب التي جاء بها الحراك المغربي والشعارات التي رفعها هم أنفسهم ، حيث تم استبدال الشعار الرئيسي للثورة الحضارية الهادئة ” الشعب يريد اسقاط الفساد والاستبداد ” بشعار “عفا الله عما سلف ” ، وتم أيضا اجراء تغييرات مهمة على المعجم السياسي بادخال مصطلحات جديدة أكثر اثارة و فرجة ، مستوحاة من كتاب “كليلة ودمنة ” لابن المقفع ، والتي أحسن أداءها السياسيون الجدد في قالب مسرحي كوميدي تراجيدي جلب أكبر عدد من المشاهدين خاصة أثناء “الحلقة الشهرية ” بتسكين الحاء.
وبالفعل ، كذلك ، تحقق التغيير على جميع الأصعدة . فقد تم القضاء نهائيا على العمل النقابي و تم تقليم أظافر المضربين وتدجين الحقوقيين وتم تفقيرالموظفين والطبقة المتوسطة التي تمثل غالبية السكان والتي تعيل ما تبقى من المواطنين المعطلين والمهمشين اما عن طريق القرابة أو العمالة او الاحسان .
سبع سنوات مضت ، تناسلت فيها أحداث مميتة بأساليب مؤلمة و قاسية تراوحت بين الموت غرقا ، والموت طحنا ، والموت رفسا ، والموت تجمدا ، والموت سجنا ، والموت ظلما وقهرا ، والموت فقرا ….
سبع سنوات ، اذا، مضت على الحراك الذي سمي ربيعا مغربيا أملا في فصل ربيع مزهر ومثمر ، فاذا بها سبع سنوات عجاف يابسات أكلن ما تبقى من سنابل، ووأدت أحلام حركة 20 فبراير .
