واقعة الطرامواي .. قلة الترابي

24 مايو 2021آخر تحديث : الإثنين 24 مايو 2021 - 12:16 مساءً
admintest
كتاب وآراء
واقعة الطرامواي .. قلة الترابي

بقلم : عزيز لعويسي

في الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار إلى الأحداث المتسارعة ذات الصلة بالعلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية التي وصلت إلى حالة غير مسبوقة من الخلاف والتوتر بسبب ما بات يعرف بفضيحة “بن بطوش”، وفي الوقت الذي نراهن فيه على التعبئة الجماعية وتوحيد الصف الداخلي، للتصدي لمناورات ومؤامرات أعداء الوطن من الحاقدين والمتربصين والمشوشين والمناورين والمستفزين، تستوقفنا أحداث الداخل، عند شريط استفزازي بلغ فيه العبث مداه والتحدي منتهاه، ونقصد هنا، شريط الفيديو التي تم تداوله على نطاق واسع عبر مختلف مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، والذي يوثق لشاب في مقتبل العمر يضع طاولة على السكة لحظة قدوم الطرامواي، وجلس على كرسي بكل تحدي وتهور واستفزاز، وأشعل سيجارة وارتشف فنجان قهـوة بكل ثقة واطمئنان، دون اعتبار للطرامواي القادم من الخلف، ولولا يقظة السائق الذي اضطر إلى الفرملة في آخر لحظة، لكانت الفاجعة.

وهذا المشهد العبثي المتهور، هو مرآة عاكسة لما وصل إليه المجتمع من مشاهد العبث والتهور والانحطاط القيمي والأخلاقي، من اعتداءات بالسلاح الأبيض وقتل بشع وسرقات، ومن انتهاك للقوانين وترامي على الملك العام أمام أعين السلطات، ومن انتشار كاسح للباعة المتجولين، ولحراس الدراجات والسيارات الذين باتوا يحكمون قبضتهم على العديد من الشوارع والطرقات بدون موجب قانوني، ومن فوضى خلاقة في العالم الافتراضي الذي بات وجهة لصناع العبث والتهور والتفاهة والانحطاط، ومن تراخي وتسيب وانعدام المسؤولية، ومن تراجع خطير في منسوب المواطنة والقيم والأخلاق…

وكلها مشاهد من ضمن أخرى، تشكل تصرفات مستفزة للمجتمع، وهي لاتقل خطـورة على ما يتلقاه الوطن من تحرشات واستفزازات من الخارج، وواقعة الطرامواي التي وصفناها بقلة الترابي، قد يفسرها البعض بالتهور أو بالعبث أو بموجة الانحطاط التي تجتاح المجتمع بشكل مخيف، أو بإفلاس مؤسسات التنشئة الاجتماعية، لكن تبقى الخلاصة واحدة، في كونها تشكل إساءة للمجتمع ومساسا بسمعة الوطن، وتعميقا لبــؤرة الإحساس بالفوضى وانعدام الأمن، وتبخيسا للمجهودات التي تقـوم بها المصالح الأمنية في سبيل فرض النظام العام، وتعطي الانطباع للأجنبي أن البلد يعيش الفوضى بكل أبعادها وتجلياتها، وتمنح لأعداء الوطن، فرصة للتمادي في استفزازنا والاستهـزاء بنا، ولامناص من التصدي بكل حزم ومسؤولية لممارسات من هذا القبيل، لأن ما وصلنا إليه من تهور وعبث وتفاهة وانحطاط، يفــرض دق ناقوس الخطر، لأن المساس بالمواطنة وما يرتبط بها من قيم، يندرج في خانـة استفزاز الوطن وتعطيل عجلة النماء، وربما هذا النوع من الاستفزاز، أخطر على الوطن من استفزاز الخارج، وإذ ندلي بهذه المعطيات، لايسعنا إلا التنويـه بإيقاف الشرطة للأشخاص المشتبه في تورطهم في هذه الأفعال الإجراميـة المعاقب عليها قانونا، ويؤسفنا قولا أن المغاربة أو بعض المغاربة “كامونيين” لا تفـوح رائحتهم إلا بالدق، بل وبالمزيد من الدق …

الاخبار العاجلة