هَلْ فَشَلَت المدرسَةُ المَغرِبيةُ فِي تَرسيخِ القِيمِ؟

22 أكتوبر 2022آخر تحديث : السبت 22 أكتوبر 2022 - 8:08 صباحًا
admintest
كتاب وآراء
هَلْ فَشَلَت المدرسَةُ المَغرِبيةُ فِي تَرسيخِ القِيمِ؟

بقلم: ذ. عبد الله كوعلي

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
لا شك أن من أهم أهداف المدرسة المغربية، وأبرز أسسها التي أنشئت من أجلها تربية الناشئة على القيم، وتلقين المتعلمين السلوك الإيجابي اللازم، ليصبحوا مواطنين صالحين؛ ولا يقتصر الحديث هنا عن صنف محدد من القيم، بل ينصب الكلام عن جميع صنوفها مستوياتها، سواء القيم الدينية والروحية، أو الانسانية والكونية، أو الثقافية والوطنية، فكلها تشكل فسيفساء متكاملا لبناء التلميذ بكيفية سليمة ومتوازنة.
وبالرجوع إلى الوثائق التربوية الرسمية المؤطرة للمنظومة التربوية ببلادنا، نجد أنها أعطت حيزا كبيرا من اهتمامها لموضوع التربية على القيم؛ بدءا بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، مرورا بالكتاب الأبيض، وانتهاء بالقانون الإطار.
فقد جاء في الخطاب الملكي السامي عند الإعلان عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين يوم 08 أكتوبر 1999 ما نصه: “إن غايتنا هي تكوين مواطن صالح، قادر على اكتساب المعارف والمهارات مشبع في نفس الوقت بهويته التي تجعله فخورا بانتمائه، مدركا لحقوقه وواجباته، عارفا بالشأن المحلي والتزاماته الوطنية وبما ينبغي له نحو نفسه وأسرته ومجتمعه، مستعدا لخدمة بلده بصدق وإخلاص وتفان وتضحية، وفي اعتماد على الذات وإقدام على المبادرة الشخصية بثقة وشجاعة وإيمان وتفاؤل.” وهذا التوجه الملكي هو الذي سار عليه الميثاق الوطني حيث ذكر من بين وظائف نظام التربية والتكوين “منح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العملية، وفرصة مواصلة التعلم، كلما استوفوا الشروط والكفايات المـــطلوبة، وفـــرصة إظهار النبوغ كلما أهلتهم قدراتهم واجتهاداتهم “[مقتبس من الميثاق الوطني].
أما الكتاب الأبيض فقد نص هو الآخر على ضرورة مراعاة مدخل التربية على القيم في وضع المناهج الدراسة لمختلف المواد المدرسة، وجعل من المنطلقات المؤسسة للاختيارات الكبرى لذلك :”اعتبار المدرسة مجالا حقيقيا لترسيخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنـة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديموقراطية.
ولتفعيل هذه الاختيارات، فقد تم اعتماد التربية على القيم وتنمية وتطوير الكفايات التربوية والتربية على الاختيار كمدخل بيداغوجي لمراجعة مناهج التربية والتكوين”[مقتبس من الكتاب الأبيض]
أما القانون الإطار فقد كان أكثر حداثية –بالمقارنة مع الوثائق السابقة له- في جوانب عدة، من بينها جانب التنصيص على موضوع التربية على القيم نفسه؛ ولم يوفها حقها بالشكل المطلوب، لكن رغم هذا المأخذ لا يمكن القول إنه أغفل الحديث عن هذا الموضوع مطلقا، فقد أشار إليه بكيفية محتشمة، من ذلك ما ورد في المادة الثالثة منه في سياق الحديث عن أهداف منظومة التربية والتكوين :”ترسيخ الثوابت الدستورية للبلاد المنصوص عليها في الدستور وفي المادة 04 من هذا القانون الإطار، واعتبارها مرجعا أساسيا في النموذج البيداغوجي المعتمد في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل جعل المتعلم متشبثا بالقيم بروح الانتماء للوطن ومعتزا برموزه، ومتشبعا بقيم المواطنة ومتحليا بروح المبادرة.”.
إن من خلال كل ما سبق ذكره في الفقرات أعلاه يتبين لنا وجود أرضية نظرية صلبة للتأسيس لمدرسة قيمية بامتياز، بمناهج تربوية تضع مبدأ ترسيخ القيم النبيلة في وجدان أبنائنا في سلم أولوياتها.
لكن ماذا لو نظر ناظر نظرة أخرى فقال: إن هذا إلا حبر على ورق! ثم أضاف إن الواقع لا يرتفع! ، ثم بسط وجهة نظره قائلا: إن المدرسة المغربية اليوم أصابها الإفلاس على مستوى التربية على القيم، إذ تعلم كل شيء إلا القيم! ولا يحتاج المرء لإثبات ذلك سوى أن يزور أبواب الثانويات في ساعات الذروة، أو يزور ملاعب كرة القدم أوقات المقابلات الرياضية، أو غيرها من التجمعات التي يرتادها الشباب الناشئ، فهناك الحقيقة واضحة تحت الشمس، ومَن هذا الذي ينكر هذه الحقيقة؟! وهناك أيضا سترى ما لا عين رأت من المشاهد المخجلة التي تنذر بارتفاع الحياء من الأرض، وستسمع ما لا أذن سمعت من الكلام النابي والبذيء الذي يصعق الآذان، أما على مستوى الأفعال والأفكار والممارسات فقد انتشر في صفوف الشباب والمراهقين ما لا يخطر على قلب بشر. هذه حقيقة ساطعة لا يمكن إنكارها البتة، وقد قال الشاعر:
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ …. إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ
ونحن نقول إن هذه وجهة نظر أصابت في جانب وصف الواقع القيمي المنحط الذي يعيشه الكثير من الشباب المتمدرس، وهذا لا ينكر أحد ذلك؛ فقيم المسؤولية، والعفة، والحياء، والصدق، وحب الخير، والتمييز بين الحق والباطل، والسمت الحسن، وحب الدين والوطن، وتعظيم الشعائر، وتوقير الكبير … كلها قيم تكاد تكون نادرة في صفوف الشباب الصاعد؛ فيما تحضر لديهم ترسانة أخرى من (القيم) السلبية كثقافة العنف والوقاحة والصفاقة، والاستخفاف بالدين وسب الوطن، والغش، وعدم تقدير العلم والمعرفة، إلى جانب أنماط غريبة من اللباس والحلاقة والوشوم التي تعكس لديهم أسلوبا في الحياة و(التفكير)؛ لكن أخطأت هذه النظرة، حيث كانت سطحية للغاية في تحميل المدرسة مسؤولية هذا الوضع السيء، وسنفصل ذلك في الفقرات اللاحقة.
انطلاقا مما ذُكر من توصيف موضوعي لواقع القيم في صفوف الشباب، من التلاميذ والتلميذات، حيث يظهر لنا بجلاء ووضوح تامين ما تعانيه هذه الفئة الغالية من أزمة وعي وقيم حقيقية، تؤلم كل غيور على الوطن والعباد؛ يمكن إذن أن نتساءل:
هل فشلت المدرسة المغربية في ترسيخ القيم؟
إن الإجابة الصحيحة على هذا السؤال لن تتم بنعم أو لا فحسب، ثم ينتهي الكلام؛ بقدر ما تحتاج هذه الإجابة إلى قدر من الواقعية في التحليل، واستحضار جوانب متعددة ذات صلة بالموضوع حتى يكون الجواب شافيا وكافيا ومنصفا وذا مصداقية.
بداية ينطلق سؤال “هل فشلت المدرسة المغربية ترسيخ القيم؟” من فرضية أن المدرسة هي المؤسسة الوحيدة في المجتمع التي على عاتقها مسؤولية ترسيخ القيم في قلوب الناشئة! وهذه فرضية خاطئة؛ ذلك أن ترسيخ القيم مسؤولية مشتركة يتحملها أطراف ومؤسسات مجتمعية عدة، أولها وأهمُّها على الإطلاق مؤسسة الأسرة، إذ هي التي تحضن الطفل منذ ولادته، ومنها يتلقى القسط الأكبر من القيم التي يسير عليها في مختلف مراحل حياته كلها، وإلى نحو ذلك يشير الحديث النبوي الشريف ” كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه”؛ ثم المدرسة باعتبار تأثيرها يأتي في الدرجة الثانية بعد الأسرة، وفيها يتعلم التلميذ المعرفة، ومفاتيح العلوم، وثلة من القيم ذات البعد الإنساني والديني والوطني، إذ يقضي فيها وقتا لا بأس به كل يوم؛ ثم مؤسسة المسجد باعتباره نواة المجتمع الإسلامي وله دور كبير في توعية المؤمنين وتعريفهم بقيم الدين، وأخلاق الدنيا، وعُدة الآخرة؛ ثم هناك فضاءات أخرى لها دورها في ذلك بدرجات متفاوتة، كالإعلام والأندية الثقافية والرياضية…
إن الفشل القيمي الذي ظهرت أعراضه على مستوى المجتمع لا يمكن أن تحمل لائمته المدرسة وحدها، وتبرئة باقي الأطراف كالأسرة والمسجد والإعلام بشتى تلاوينه؛ ليس هذا من اجل الدفاع عن المدرسة، ولكن كشفا للحقيقة وبيانا لها.
إن مما ينبغي ألا نغفل عنه ونحن بصدد دراسة موضوع القيم بالوسط المدرسي أن واقعنا في القرن الحادي والعشرين تغير، والمعايير كذلك تغيرت، وأن القيم أيضا لم تعد ثابتة كما في السابق، بفعل العولمة الثقافية بعد أن أضحى العالم كله قرية صغيرة؛ فبينما كان في الماضي الأستاذ والمعلم والإمام هم مصدر المعلومة والمعرفة ، وكلامهم هو الأعلى بين الجمهور والجموع، وأنهم مصادر التوجيه والإرشاد بلا منافس، وكانت المدرسة بدورها بقعة مقدسة يهابها الكبير والصغير والرفيع والوضيع، حتى قال أمير الشعراء:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا …. كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا.
إذ تبدل كل شيء مع مطلع القرن الحالي، بعد الثورة التكنولوجية والانفجار الالكتروني والمعلوماتي، حيث أصبحت المعلومات والمعارف تُنال خارج المدرسة بيُسر شديد، لا تحتاج إلى أكثر من الضغط على زر لطيف على ملمس الحاسوب أو الهاتف الذكي، فهناك يسبح المرء في بحار لا شطآن لها من العلوم والمعارف، والأفكار والمذاهب، خيرها وشرها، برها وفاجرها… إنه مجال رحب وفسيح، مفتوح للطفل الصغير وللرجل الكبير، للراشد والمراهق، بلا حسيب ولا رقيب؛ وبذلك سُحبت تحت بساط المدرسة والأستاذ السلطة المعرفية لصالح التكنولوجيا الحديثة والتعليم الالكتروني. فماذا تبقى للمدرسة أن تعلمه إذا سبقها غيرها في تقديم المعرفة وتيسيرها للمتعلمين؟
بناء على ما سبق، لا يتجادل اثنان على أن المدرسة فقدت الريادة في تلقين المعرفة، وإكساب العلوم، بفعل ما ذكرناه من انفتاح الشباب على التكنولوجيا الحديثة وانفتاحها عليهم، حيث أصبح الأستاذ والطالب يغترفان من معين واحد وهو الإنترنيت، بل قد يسبق الطالب أستاذه إلى موقع إلكتروني فيحصل على المعارف قبله! هذا على مستوى تلقين المعرفة؛ أما على مستوى التربية على القيم فقضية أخرى.
إن من يحكم على المدرسة بالفشل في ترسيخ القيم في المتعلمين ويُحملها مسؤولية ما آلت إليه الوضعية القيمية المتردية في المجتمع يعتقد ضمنيا أن المدرسة هي الجهة الوحيدة المكلفة بالتربية على القيم، كما أسلفنا بيانه، وهذه رؤية سطحية غير صائبة.
إن الطفل يقضي زهاء ست سنوات من عمره قبل أن يلتحق بالمدرسة في بيته، بين أبويه وأفراد أسرته، وهناك وفي هذا العمر يتلقى الطفل أمهات القيم والسلوكيات والمبادئ التي يسير عليها في جل حياته، فيكون أبوه وأمه أول من يربيه على القيم التي يريدانها فيه؛ ففي هذه المرحلة العمرية يتعلم قيم الصدق والأمانة والحياء والاستقامة وغيرها من القيم… أما بعد ولوجه المدرسة فإنه يغذي تلك القيم ويدعمها انطلاقا من دروس وأنشطة تربوية تستهدف ذلك، كالنصوص الشرعية والأدبية والقصص والمسرحيات والرياضة والألعاب المدرسية وغيرها؛ لكن في كل الأحوال تبقى الأسرة هي المسؤول الأول المكلف بتربية الطفل على نمط القيم التي ترغب أن تتجلى فيه. ويتأكد لنا هذا المعنى إذا علمنا أن المتعلم لا يقضي في المدرسة أكثر من ربع يومه في غالب الأحيان، دون احتساب أيام العطل الأسبوعية والدورية والسنوية، في حين يقضي أكثر من ثلاثة أرباع يومه خارج المدرسة وفي حل من مسؤوليتها، فيكون إذن تحت رعاية الأسرة، إما في البيت أو في فضاءات أخرى، لكن تحت مسؤولية الأسرة ومتابعتها له دائما؛ بناء عليه يتبين لك أيها القارئ الكريم عِظم مهمة الأسرة في توجيه الأبناء وتربيتهم على القيم من خلال ذلك الزمن الواسع الذي يكون فيه المتعلم بين أحضانها وتحت مسؤوليتها.
إن وضعية القيم المزرية في مجتمعاتنا لم تكن المدرسة يوما هي سببه، ولا يمكن أن تحمل وزره، ولكن للأمر أسباب موضوعية سأذكر ثلاثة منها:
السبب الأول: تقصير الأسرة في تربية أولادها على القيم:
إن دور الأسرة في ترسيخ القيم في الناشئة لا يخفى على أحد، وهي المسؤول الأول على ذلك قبل أي جهة أخرى؛ لكن يلاحظ في العقود الأخيرة تراجع الأسرة عن أداء هذه المهمة، وتقصيرها الكبير في هذا الجانب، بفعل عوامل عدة من أهمها:
أولا: جهل الآباء بمسؤوليتهم وأدوارهم الكبرى في التربية: حيث يعتقد الكثير منهم أن مسؤوليته تنحصر في الإنجاب، وتوفير القوت اليومي لأولاده، كالمسكن والمأكل والمشرب، معتقدين أن التربية على القيم والآداب وحُسن السلوك من مهام المدرسة فحسب!
ثانيا: إكراهات العمل اليومية: يُضطر العديد من الآباء والأمهات إلى الخروج للعمل خارج المنزل، لساعات كثيرة، وربما ليوم كامل، مما يفوِّت عليهم واجب متابعة أولادهم عن قرب، ومراقبتهم عن كثب، الأمر الذي يعرض هؤلاء الأبناء لأخطار عديدة في حياتهم التربوية والسلوكية، وقد تتدخل جهات أخرى غير آمنة لتعويض انسحابهم، فتعلمهم ما يضرهم ولا ينفعهم.
ثالثا: اللامبالاة وظاهرة التفكك الأسري: إن من الآباء من لا يبالون ولا يهتمون بواجباتهم الأسرية تجاه أولادهم، ليسوا جاهلين ولا مشغولين، ولكنهم غير مهتمين بذلك، مما يجعل الأبناء يقضون معظم أوقاتهم بعيدا عن أعينهم، إما في الشارع أو أمام الشاشات أو في غير ذلك مما لا ينفع؛ كما أن ظاهرة التفكك الأسري وارتفاع نسب الطلاق له دور كبير في تعرض الأبناء للضياع والإهمال، مما يجعلهم عرضة لتلقي قيم الشارع غير الآمن، وقد يتحولون إلى مشردين ومنحرفين في المجتمع يمارسون العنف والإجرام بمختلف أنواعه.
السبب الثاني: الإعلام وهدم القيم: إن جزءا كبيرا من الإعلام المغربي خاصة التلفزي منه، لا يمكن وصفه بالإعلام المواطن والبَنّاء؛ فهو إعلام فاقد للأمانة، ومخل بواجبه اتجاه الشعب المغربي؛ ذلك أن الإعلام مرفق عمومي تموله خزينة الدولة، كي يقدم للمواطنين ما يحتاجونه في حياتهم من الأخبار الموثوقة، والمعارف المفيدة، والبرامج الهادفة، وغير ذلك مما يحمي الأسر ويبني المجتمع؛ لكن حال إعلامنا غيرَ هذا الحال، فهو موغل في النيل من ثوابت المغاربة، وهدم قيم الشباب، وتلويث عقول الأطفال، كما يعمل جاهدا على تقديم رؤوس التفاهات على أنها قدوة للشباب الصاعد! ومن هنا تتغير القيم لدى صنف كبير من الجيل الناشئ، بفعل التأثر بما يشاهدونه في الإعلام الهدام، والسعي إلى تقليده، فتختل قيم المجتمع وتتردى.
السبب الثالث: الإنترنيت والألعاب الالكترونية: يحذر خبراء التربية وعلم النفس من ظاهرة إدمان الأطفال على الانترنيت والأجهزة الالكترونية، ويؤكدون دوما على أن ليس من مصلحة الطفل دون الثانية عشر من عمره أن تتجاوز مدة بقائه أمام الشاشات الالكترونية مدة ساعتين في اليوم كحد أقصى تحت مراقبة الأبوين، كما لا ينبغي توفره على جهازه الخاص إلا بعد كمال نموه العقلي والنفسي وقدرته على التمييز بين ما يصلح له وما لا يصلح؛ بيد أن الآباء لا يلقون بالا لتلك التحذيرات التربوية، فتجدهم يسمحون لأبنائهم في سن الطفولة وفي بداية مرحلة المراهقة بإمساك الهواتف الذكية طوال الوقت، وتصفح المواقع الالكترونية الضارة بكل حرية بعيدا عن أنظارهم؛ إضافة إلى إدمانهم على الألعاب الالكترونية التي تدربهم على قيم العنف والقتل والمكر وقيم التحرر من كل القيود الدينية والمجتمعية وغير ذلك.
إن الجميع يُقر، والكل يعترف بأن المجتمع في حالة غير مُرضية بسبب تغير نمط القيم السائد، وأن الشباب الصاعد يعيش نمطا من الحياة غير السليمة؛ كما لا يخفى على كل المراقبين نزوع فئة عريضة من هؤلاء الشباب إلى مظاهر العنف ضد الذات والأصول والأقران، والانحراف الفكري والسلوكي، والتسيب، والحقد على الواقع والوطن، وأشكال مختلفة من الغش، واتباع شهوات البطون والفروج. ومما لا شك فيه أن لهذا الوضع غير السوي أسبابا موضوعية، كما تقدم ذكر بعضها، أبرزها تقصير الأسرة في أداء واجبها التربوي تجاه أولادها؛ كما أن مسؤولية المدرسة محدودة في هذا الباب، ومنحصرة في تسديد وإكمال دور الأسرة الأساسي. فإذا تخلت الأسرة عن هذا الواجب لسبب من الأسباب فليس من الصواب تحميل المدرسة وزر ذلك إذ لا تزر وازرة وزر أخرى.

الاخبار العاجلة