رشيد بيجيكن

لسنوات طويلة، عانت ساكنة إقليم اشتوكة آيت باها من الولوج إلى الخدمات الصحية، إن على المستوى المحلي أو الإقليمي، مما ضاعف جرعات الألم بالنسبة للمرضى، خاصة القاطنين بالمناطق الجبلية والمنتمين أساسا إلى الفئات الهشة، والذين لا يمكن أن يتلقوا العلاج إلا في مؤسسات عمومية. كما أن الحصول على سيارة إسعاف لنقل مريض أو امرأة حامل من الصعوبة بمكان، في ظل توفر أسطول معدود على رؤوس الأصابع لدى المؤسسات الصحية أو الجماعات الترابية.

زيادة على ذلك فالعمليات الجراحية كانت تجرى خارج الإقليم، مع ما كان يرافق ذلك من اجترار لثنائية معاناة التنقل والألم، قبل أن يتم إحداث المستشفى الإقليمي المختار السوسي بعاصمة إقليم اشتوكة بيوكرى، مما ساهم في التخفيف، ولو نسبيا، من تلك المعاناة، رغم افتقاره، في السابق، إلى عدد من التخصصات وغياب التدخلات الجراحية والموارد البشرية الكافية. كما لا يزال مشكل غياب مصلحة للإنعاش وضيق قسم المستعجلات أبرز معيقات تحقيق النجاعة العلاجية بهذه المؤسسة.

sante chtouka Ait Baha2 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

سعيد البهالي، النائب الأول لرئيس المجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها، قال في تصريح لهسبريس إن “البنية التحتية الصحية تتميز بوجود المركز الاستشفائي الإقليمي، بطاقة استيعابية تقدر بـ60 سريرا، وهذا مشكل في حد ذاته، بالنظر إلى الكثافة السكانية التي تتجاوز 400 ألف نسمة، فالنموذج التنموي الجديد يشير إلى توفير العلاج للمواطن بأقل تكلفة، وبالجودة اللازمة والقرب، فضلا عن التوزيع العادل للبنيات التحتية الصحية”.

“منظمة الصحة العالمية تقول بتوفير طبيب لكل 5000 نسمة، وبالنظر إلى الكثافة السكانية بالإقليم التي تناهز 435 ألف نسمة، نجد طبيبا لكل 8500 نسمة، ونتوفر اليوم بالإقليم على 53 طبيبا، وهو عدد غير كاف بطبيعة الحال، أي أن اشتوكة آيت باها اليوم بحاجة إلى زيادة 27 طبيبا، وننتظر المشاريع الصحية التي سترى النور في الإقليم في غضون سنة 2022، مما سيعزز العرض الصحي بالإقليم، وسنتمكن من تقليص معاناة الساكنة مع بعض التخصصات غير المتوفرة”، يقول البهالي.

sante chtouka Ait Baha3 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

ويرى النائب الأول لرئيس المجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها أن أكبر إشكالية تواجه قطاع الصحة بالإقليم هي “الموارد البشرية، فطبيب عام واحد مثلا يتناوب على المركزين الصحيين لإنشادن وبلفاع، رغم تمركزهما في منطقة آهلة بالسكان. كما أن هناك مشكل غياب الطبيب في بعض المراكز ونقص الأطر التمريضية في مراكز أخرى. ورغم ذلك، نثمن تدخل السلطة الإقليمية، التي فعلت مبادرات متميزة مرتبطة باقتناء سيارات الإسعاف ومشاريع أخرى كتوسعة قسم المستعجلات وغير ذلك من المشاريع، التي كان لها أثر إيجابي على الساكنة”.

أما المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، خالد الريفي، فقال في تصريح لهسبريس إن “مجهودات كبيرة وجبارة بذلت لتحسين ولوج الساكنة المحلية إلى مختلف الخدمات الطبية، وفي مختلف التخصصات التي عرفت تطورا على المستويين الكمي والنوعي خلال السنوات الأخيرة، دون إغفال المجهودات، بدعم أساسي من السلطة الإقليمية، للتخفيف من تداعيات جائحة “كورونا” وانخراط مختلف الشركاء في حماية الصحة العامة خلال هذه الظرفية الصعبة”.

sante chtouka Ait Baha1 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

وعن المشاريع الرامية إلى تعزيز العرض الصحي بالإقليم، أوضح المندوب الإقليمي أنه تم إنجاز عدد من البنيات لتعزيز صحة القرب بعدد من جماعات الإقليم، والتي تجاوزت تكلفتها 8 ملايين درهم في إطار برنامج التخفيف من الفوارق الاجتماعية والمجالية، بالإضافة إلى بناء مركز تشخيص وعلاج الأمراض التنفسية ومصحة النهار بشراكة مع عدد من المتدخلين، وهي “مؤسسات ستساهم بشكل كبير في تجويد الخدمات الصحية المقدمة إلى عموم الساكنة، والتي تم تعزيزها باقتناء عدد من سيارات الإسعاف المجهزة، وعدد من التجهيزات الطبية المتطورة، التي مكنت من تحسين شروط العمل بالنسبة للأطقم الطبية والتمريضية، والرفع من جودة الخدمات المقدمة إلى المرضى وفي مختلف التخصصات”.

ووفقا للمسؤول ذاته، فإن توسعة المستشفى الإقليمي المختار السوسي، وإضافة تخصصات جديدة به تهم أقسام المستعجلات والعناية المركزة، تعد من أبرز المشاريع النوعية في القطاع على مستوى الإقليم، حيث “تطلبت اعتمادا ماليا قدره 30 مليون درهم، ممول في إطار برنامج التخفيف من الفوارق الاجتماعية والمجالية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالإضافة إلى عدد من المراكز الصحية للقرب، التي سيتم إنجازها بعدد من جماعات الإقليم، وكل ذلك بدفع من السلطات الإقليمية كشريك أساسي ومحوري وفاعل لإخراج تلك المشاريع إلى حيز الوجود”.

sante chtouka Ait Baha7 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

ومن أهم المشاريع التي طال انتظارها، وشكل غيابها عائقا في مسار الاستشفاء بالنسبة لساكنة اشتوكة، مصلحة الإنعاش، حيث قال المندوب الإقليمي إن “الطابق الثاني لمشروع توسعة مصلحة المستعجلات سيضم قسم الإنعاش الطبي بثلاثة مصاعد، وبطاقة استيعابية تصل إلى ستة أسرة، فضلا عن قسم معالجة الصدمات وقاعة المراقبة وقاعات الفحص ومسلك أحمر وآخر أخضر، مما سيكون له وقع إيجابي كبير على المرتفقين، الذين تتطلب حالتهم الصحية الاحتفاظ بهم في قسم العناية المركزة، كما سيخفف توجيههم إلى مستشفى الحسن الثاني”.

هي مشاريع إذن شكلت إلى عهد قريب مطلبا ملحا لعدد من الفعاليات المحلية، وهي اليوم سترى النور بإقليم اشتوكة آيت باها، علها تساهم في الرقي بالخدمات الطبية والتمريضية المقدمة إلى المرضى، ومواكبة الطلب المتزايد على الخدمات الصحية، والتخفيف من معاناة عدد من المرضى، الذين كانوا يضطرون إلى التنقل إلى المدن المجاورة للولوج إلى هذه الوحدات والتخصصات الطبية.