مسطرة الفرض التلقائي للضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية وفق أخر مستجدات قانون المالية لسنة 2012

14 مارس 2021آخر تحديث : الأحد 28 مارس 2021 - 10:25 صباحًا
admintest
ملفات قانونية
مسطرة الفرض التلقائي للضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية وفق أخر مستجدات قانون المالية لسنة 2012

بقلم: المختار السريدي

إن جميع الأرباح العقارية المحصل عليها التي ورد ذكرها على سبيل الحصر في الفقرة الثانية من المادة 61 من المدونة العامة للضرائب تلزم الخاضعين للضريبة على الدخل المترتبة عليها ،بان يتقدموا طواعية ومن تلقاء أنفسهم من أجل إيداع إقراراتهم أوتصريحاتهم في الزمان والمكان اللذين حددهما القانون , وأداء الواجبات المستحقة دونما أدنى تماطل أوانتظارأوتلكؤ، باعتبارهم مواطنين صالحين- أو هم كذلك – و لهم مثل الذي عليهم ، وإلا تم فرض الضريبة بكيفية تلقائية وعفوية ، وذلك بعد استنفاذ مفتش الضرائب لمسطـرة خاصة تسمى في اللغة الجبائية بمسطرة “الفـرض التلقائي للضريبة” كما هي منصوص عليها في المادة 228 من المدونة المذكورة ،والتي جاء فيها بأنه إذا لم يقم الخاضع للضريبة داخل الآجال المحددة بتقديم الإقرار ببيع ممتلكات عقارية أوحقوق عينية عقارية …، أو قدم إقرارا غيرتام أو لا يتضمن العناصر اللازمة لتحديد وعاء الضريبة أوتصفيتها أوتحصيلها … وجبت مطالبته في رسالة موجهة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من نفس المدونة ، من أجل إيداع أو تتميم إقراره وأداء الواجبات المترتبة عليه ، وإلا تم فرض الضريبة تلقائيا بناء على الأسس التي قدرتها أوحددتها الإدارة ، ولا يمكن أن ينازع فيها إلا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 235.
يتضح إذن ومن خلال قراءة متأنية لمضمون المادة 228 المذكورة أنه :
– إذا لم يدلي الخاضع للضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية، بإقراره داخل الأجل القانوني المحدد في ثلاثين ( 30 ) يوما الموالية لتاريخ التفويت أولتاريخ قبض التعويض في حالة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة (1).
– وإذا أدلى الخاضع للضريبة بالإقرار داخل الأجل المشار إليه ، لكن تنقصه العناصر والمعلومات الكافية واللازمة في احتساب أوقبض الضريبة .
في هاتين الحالتين أمكن لمفتش الضرائب المختص أن يستدعي الخاضع للضريبة المذكور، وفق إجراءات التبليغ المنصوص عليها بالمادة 219 من المدونة العامة للضرائب, بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أويسلمها للمعني بالأمر أو من ينوب عنه مباشرة عن طريق شهادة تسليم التبليغ إذا كان المفتش محلفا ،إوعن طريق أعوان كتابة ضبط المحاكم، أوالمفوضين القضائيين ،أوبالطريقة الإدارية ، يخبره فيها بضرورة إيداع أوتتميم الإقراربالتفويت داخل أجل الثلاثين يوما (30) الموالية لتاريخ التوصل بالرسالة المذكورة ، وتسمى هذه الرسالة في لغة الإدارة الجبائية ب :
” رسالة تذكير أولى –Première Lettre de Rappel “.
وفي حالة إذا لم يقم الخاضع للضريبة الذي تسلم هذه الرسالة تسليما صحيحا ، بوضع أوتتميم إقراره داخل الأجل المذكور، فإن مفتش الضرائب يخبره في “رسالة تذكيرثانية -Deuxième Lettre de Rappel “موصى بها مع الإشعاربالتسلم، اوبنفس طرق التبليغ التي سبقت الإشارة إليها ، بالأسس التي سيعتمد عليها المفتش في فرض الضريبة تلقائيا، إذا لم يقم بإيداع أوإكمال الإقرارالضريبي داخل أجل ثان محدد في ثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ تسلم الرسالة الثانية.
وبعد انصرام الأجل ، وفي حالة عدم الرد أو عدم الجواب أو عدم الأداء بعد التوصل برسالتي التذكيرالأولى والثانية بالكيفية القانونية الصحيحة ، تفرض الضريبة بصورة تلقائية عن طريق الجدولة ،بإصدار أمر باستخلاصها على أساس قيمة تساوي قيمة التفويت مخصومة منها نسبة 20% ، طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 65 من المدونة العامة للضرائب كما تم تعديلها بالمادة 7 من قانون المالية لسنة 2012. (2)
ولايمكن المنازعة في هذا الأساس الذي هو 80% من ثمن التفويت ـ والذي لايروق في الغالب الأعم الخاضع للضريبة مرده معاملة المشرع الجبائي لهذا الأخير بنقيض قصده ـ ولايمكن الطعن في الضريبة عموما إلا بتقديم شكاية أوتظلم إداري في الموضوع إلى المديرالعام للضرائب أو المديرالجهوي الذي ينوب عنه على صعيد الجهة ، وذلك وفق الشروط الواردة بالمادة 235 من المدونة العامة للضرائب، يطلب فيها :
– إما إعادة فرض الضريبة بكيفية عادية وفق مقتضيات المادة 65 من المدونة العامة للضرائب؛ بعد الإدلاء بعقود التفويت وعقود الاقتناء ومختلف المصاريف والنفقات و التكاليف إن وجدت .
– وإما الإعفاء من الضريبة كلما كان العقار موضوع التفويت يستحق أن يستفيد من إعفاء من الإعفاءات الواردة بالمادة 63 من نفس المدونة وذلك بعد تقديم الحجج و الإثباتات اللازمة .
– وإما الإبراء من الذعائر والغرامات والزيادات المترتبة على الضريبة قصد مساعدته على أداء المبلغ الأصلي ادا كان لذلك ما يبرره .
ويكون جواب الإدارة استنادا إلى تقريرمفصل ينجزه نفس المفتش الذي اصدر الجدول الضريبي موضوع الفرض التلقائي المتنازع فيه ، سواء بإسقاط الضريبة كلا أوبعضا أوبالإبراء أوالتخفيف من الدعائروالغرامات والزيادات ، كما يمكن للإدارة أن تصدر قرارا برفض الطلب كلما تبين لها بأن الضريبة موضوع المنازعة قد تم فرضها طبقا لمقتضيات القانون.
ويجوزللخاضع للضريبة أن يرفع الأمر إلى المحكمة الإدارية المختصة إذا لم يقبل قرار الإدارة سواء بالرفض أوبالإسقاط الجزئي للضريبة ، داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ التوصل بالقرارالمذكور.
وفي حالة عدم جواب الإدارة داخل أجل الستة (6) أشهرالموالية لتاريخ المطالبة أو التظلم أو الشكاية، أمكن للطالب رفع قضيته إلى المحكمة الإدارية داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ فوات أجل الجواب المذكور(3).

وكيفما كان الأمر ، ورغم المجهودات المبذولة من أجل تصفية الملفات الضريبية المتراكمة هنا وهناك والتي لم يشملها التقادم ، فإن مسطرة الفرض التلقائي للضريبة لازالت تعرف بعض التعثرات وتعترضها عقبات كؤود تبطئ سيرها بل وتعرقله أحيانا ؛ ولازالت هناك ملفات كثيرة تقبع في الرفوف وأخرى نائمة هنا أو هناك تنتظر من يحركها و يزيل عنها الغبار و النقع الذي اعتراها…، ومرد هذا كله النقص الحاد الذي تعرفه الموارد البشرية إن على مستوى العدد (4) أوعلى مستوى الكفاءة و التجربة و الخبرة (5) وضعف التكوين، وقلة وشح الوسائل والأدوات والإمكانيات (6) وانشغال بعض المسئولين بلغة الأرقام وهوس الإحصائيات ونسب ومعدلات المداخيل والتحصيل دون غيرها، وهذا يحتاج إلى نظرة واستشارة وتدبر وقول وفعل ينتهي إلى إصلاح شامل وكامل و عميق كما نادت به المناظرة الوطنية الثانية للجبايات المنعقدة بمدينة الصخيرات في 29-30 ابريل 2013 التي خرجت بمجموعة من التوصيات على رأسها الاصلاح التدريجي للمنظومة الجبائية المغربية وإعادة الدفء والثقة للعلاقة ما بين الإدارة الضريبية والمتعاملين معها والتي كانت موشومة دوما بالتشنج و الخوف والحيطة والحذر، وهذا لايليق ببلد يعيش صحوة ديمقراطية وينشد احترام الحق والقانون أسوة بمواطني البلدان الديمقراطية الذين لاتكتمل مواطنتهم إلا بأداء الضرائب الموجودة بذمتهم ،خصوصا وان دستور 2011 يؤكد في فصليه 39-40 على أن الجميع يتحمل أداء التكاليف العمومية التي تتطلبها تنمية البلاد كل بحسب قدراته واستطاعته وإمكانياته المالية دون تمييز أو تحيز.
وعلى العموم وعودة بنا إلى الموضوع فإن مسطرة الفرض التلقائي للضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية لايمكن أن تطبق إلا في حالتين اثنتين:
حالة عدم الإدلاء أوعدم إيداع الإقرار الضريبي لدى قباضة إدارة الضرائب المختصة ، وحالة الإدلاء بإقرارضريبي ناقص أوغيرتام أو تعوزه العناصر اللازمة لتصفية الضريبة، وهذا مايميزها عن مسطرة تصحيح الأساس الضريبي .
هوامش :
1- ابتداء من قانون المالية لسنة 1978 كان الأجل القانوني لإيداع الإقراربالتفويت محدد في الشهرين (2) المواليين للشهر الذي وقع فيه التفويت (المادة 5 ـ VII )؛ لكن ابتداء من قانون المالية لسنة 2001 تحول الأجل إلى ستين (60) يوما الموالية لتاريخ التفويت (المادة 100 مثلث من القانون رقم 89ـ17 المنظم للضريبة العامة على الدخل )؛ ليصير مع القانون المالي لسنة 2008 ثلاثين( 30 ) يوما الموالية لتاريخ التفويت (المادة 83 من المدونة العامة للضرائب المعدلة بمقتضى أحكام البند I من المادة 8 من قانون المالية لسنة 2008)، وذلك بغية توحيد الآجال مع واجبات التسجيل المنصوص عليها بالمادة 128 من المدونة العامة للضرائب .
2- لقد كانت نسبة الخصم من ثمن التفويت هي 10% لكن تم رفعها إلى 20% مع قانون المالية للسنة المالية 2012؛ وذلك بغية التخفيف عن الخاضعين للضريبة المتخلفين من وقع ضريبة تلقائية مرتفعة لاتاخذ ثمن التملك أو الاقتناء بعين الاعتبار في عملية الاحتساب أو التصفية.
3- انظر المادة 243 من المدونة العامة للضرائب.
4- أكد المدير العام للضرائب في إحدى لقاءاته الصحفية بخصوص الموارد البشرية انه يتعين توظيف ما لايقل عن 400 موظف كل سنة من اجل الاستجابة لحاجيات الإدارة خاصة وان هناك حوالي 160 من الأطر والموظفين الذين يحالون على التقاعد مقابل 300 إلى 350 من الموظفين الجدد الذين يلتحقون بالإدارة سنويا ( جريدة الصباح عدد-4197 بتاريخ 12-13 أكتوبر 2013 ).
5- بعد تجربة توظيف مهندسين من اختصاصات مختلفة ومتنوعة بالمديرية العامة للضرائب والتي لم يكتب لها أن تبقى بنفس الوتيرة ربما لحاجة ارتضاها يعقوب لنفسه ؛ شرعت هاته الأخيرة في توظيف تقنيين متخصصين سواء في المالية
أو الاقتصاد أو المحاسبة أو تسيير المقاولات…وذلك بغية تطعيم فئات المتصرفين والمفتشين التي شاخت وهرمت في مكاتبها والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعوض أو يكون لها مثيل ؛وإذا حدث أن انقرضت هذه الفئات التي تعتبر مرجعا كبيرا في الجبايات فربما تكون العواقب غير محمودة.
6- في بعض الأحيان تلوم الإدارة – عن طريق أجهزة التفتيش المركزية أو الجهوية- موظفيها على عدم القيام بالمعاينات والتبليغات المباشرة بعين المكان والقيام بالإحصاءات الضريبية السنوية بشكل منتظم إلى أماكن بعيدة عن مقرات عملهم والحال أنهم لا يتوفرون لا على سيارات مصلحة ولا على وقود كاف ولا حتى تعويضات باستثناء تعويضات محتشمة تؤدى بعد مذة ولاتفي بالمراد.

الاخبار العاجلة