رشيد بيجيكن
تعد مدينة بيوكرى حاضرة لإقليم اشتوكة آيت باها، وقطبه الإداري، وتشكل أيضا مدينة من المدن المغربية الصاعدة، التي استطاعت أن تتخلص، نسبيا، من طابعها القروي، بفضل تنزيل مشاريع تهيئة وبنى تحتية ومشاريع عمرانية، فضلا عن توطين مصالح إدارية أبرزها مقر العمالة ومنطقة أمنية للشرطة، وعدد من مقرات المصالح القطاعية للدولة؛ كما تحيط بها دواوير تابعة لجماعة الصفا، حتى كادت تتوغل وسطها، ما يجعلها مركز استقطاب واستقرار بشري.
وبالنظر إلى الطبيعة الفلاحية للمناطق المجاورة لحاضرة إقليم اشتوكة آيت باها، التي فرضت ضغطا على مختلف الخدمات، بسبب الكثافة السكانية المتصاعدة، عاد مشكل المحطة المكشوفة للمياه العادمة بمنطقة “تكانت أوكرام” إلى البروز من جديد، مشكل قديم/جديد بسبب استمرار المحطة في تسليط أضرارها على الساكنة.
ومن أجل تجاوز الطرق التقليدية في تجميع المياه العادمة الناتجة عن الاستعمالات المنزلية المتعددة، متمثلة في الحفر أو المطمورات، مع ما تشكله من مخاطر، جرى إحداث محطة لتطهير ومعالجة هذه المياه، بتمويل من مختلف المتدخلين، وذلك سنة 2005، لتظل منذ ذلك الوقت مصدر معاناة بالنسبة إلى ساكنة أحياء ودواوير مجاورة، كما أضحت مثار قلق إيكولوجي وبيئي وصحي بالمنطقة.
مشروع أريد منه تجميع ومعالجة المياه العادمة، من أجل منح الساكنة إطار عيش أفضل، غير أن الأحواض العارية والبرك المليئة بالمياه الآسنة التي تشكلت خارج المحطة أضحت تنغص عيش السكان المجاورين، دون إغفال تسلل المياه العادمة إلى الفرشة المائية، وما يتبع ذلك من تأثير على مياه الشرب، التي يتزود منها السكان انطلاقا من آبار قريبة من المحطة.
سعيد الركراكي، فاعل مدني بالمنطقة ومتضرر، قال ضمن تصريح “لم نعد بحاجة إلى تكرار الأسطوانة نفسها، فالوقوف عند مشاهد تلك الأحواض المكشوفة والعارية ومنظرها المقزز، إلى جانب تشكل البرك من المياه العادمة بالفضاءات الطبيعية المجاورة، لاسيما غابة الأركان، بفعل فيضان الأحواض، كل ذلك يشكل محط إضرار للساكنة”.
وعن تلك الأضرار، تابع المتحدث ذاته: “الساكنة ضاقت ذرعا بمختلف الأضرار الناجمة عن تجميع المياه العادمة في تلك الأحواض، أولها انبعاث الروائح غير المطاقة، وتكاثر الحشرات الضارة، ففي بعض الفترات من السنة تعيش الساكنة على وقع هجوم البعوض، وهي من الحشرات الناقلة للأمراض، دون إغفال التسربات إلى المياه الجوفية والإضرار بالفرشة المائية”.
“17 سنة هو عمر المعاناة مع هذه المحطة غير البعيدة عن وسط مدينة بيوكرى، أضرار صحية ناجمة عن استنشاق مستمر ومتواصل لروائح لا تطاق، ما يتسبب في أمراض مختلفة، كالالتهابات الجلدية بفعل انتشار البعوض، والأمراض التنفسية والصدرية، فضلا عن تشويه المجال الطبيعي والإضرار بالبيئة وبالفرشة المائية، وكل تلك الأضرار لا تحتاج إلى مختبرات أو دراسات لكشفها”، يورد الفاعل المدني سعيد الر كراكي.
الحسين فارسي، رئيس الجماعة الترابية لبيوكرى، أورد ضمن تصريح أن “صفقة تهيئة محطة معالجة المياه العادمة ببيوكرى، بما يقضي نهائيا على المشاكل المطروحة، تم إعلانها قبل سنة ونصف تقريبا، والأشغال على وشك الانتهاء”، مشيرا إلى “اعتماد أحدث التقنيات المستعملة في معالجة المياه العادمة لمنع انبعاث الروائح وتسرب المياه إلى الفرشة المائية وإلى خارج المحطة”.
وأوضح المسؤول المنتخب ذاته أن “قنوات تصريف المياه المعالجة نحو وادي سوس تم تمريرها، إذ وصلت إلى منطقة القليعة، ونظرا لأن المحطة ستشتغل بالطاقة الكهربائية فقد أطلق المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء- صفقة الربط بالشبكة الكهربائية”، وزاد: “أما كافة التجهيزات لاستقبال المياه العادمة لمعالجتها فتم تنزيلها، وفي غضون شهور بحول الله سينتهي هذا المشكل الذي عمر طويلا. وأغتنم المناسبة لتقديم كامل الشكر للسلطة الإقليمية على ما بذلته من دعم وترافع لإنهاء هذا الوضع”.
