لماذا سأشارك في الانتخابات؟

3 سبتمبر 2021آخر تحديث : الجمعة 3 سبتمبر 2021 - 5:42 مساءً
admintest
كتاب وآراء
لماذا سأشارك في الانتخابات؟

بداية وقبل الرد على السؤال الذي اخترته عنوانا لهذه الورقة “لماذا سأشارك في الانتخابات”، أود الإشارة إلى أن الانتخابات المقرر إجراؤها يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، التي أعطيت انطلاقة حملاتها الدعائية ابتداء من يوم الخميس 26 غشت 2021 وستنتهي في 12 ليلا من يوم الثلاثاء 7 شتنبر 2021. فضلا عن أنها ستجرى لأول مرة في يوم واحد، يتم خلاله اختيار أعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات والجهات، فإنها جاءت من جهة في ظل استمرار حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي جائحة كورونا وسلالاتها، مما اضطر الأحزاب السياسية إلى الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي في عرض برامجها الانتخابية. وأنها من جهة أخرى أتت وسط سيل من الحملات الإعلامية المغرضة والمؤامرات الخسيسة التي تستهدف بلادنا من قبل منظمات وحكومات معادية وخصوم وحدتنا الترابية.
والانتخابات عامة هي أحد المكونات الأساسية للأنظمة الديمقراطية، حيث أنه ولما كان من الاستحالة بمكان ممارسة الديمقراطية المباشرة بمشاركة كافة المواطنين في اتخاذ القرار، تم الانكباب على بحث السبل الكفيلة بإيجاد صيغة ملائمة للتعبير عن قضاياهم والترافع عن مطالبهم، فظهر مفهوم “الإنابة” أو “التمثيل”، من خلال انتخاب نواب أو ممثلين لهم في المجالس الجماعية والجهوية والبرلمان.
لهذا أصبحت الانتخابات تشكل حافزا مهما لتعزيز الحكم والأمن والتنمية البشرية، شريطة أن يؤمن الناخبون بأنها عملية حرة وعادلة، وأنها أساس الشرعية الديمقراطية في منحهم فرصة إخضاع المنتخبين للمساءلة عبر التصويت، الذي يعد من أهم وسائل التأثير على مختلف القرارات في تدبير الشأن العام، من خلال اختيار الممثل الأنسب في المؤسسات التي تتولى إعداد القوانين أو في مناصب اتخاذ القرارات الحاسمة في التغيير والإصلاح.
وإذا كانت المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أنه:
“1- لكل شخص الحق في إدارة الشؤون العامة لبلاده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون بحرية.
2- لكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده.
3- إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة، تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين، وبالتصويت السري أو بإجراء متكافئ من حيث ضمان حرية التصويت”
فقد جرى التأكيد على ما لتنظيم انتخابات دورية نزيهة، من دور في احترام الحقوق السياسية في العديد من الصكوك الدولية والإقليمية، كالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وميثاق منظمة الدول الأمريكية والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. حيث تنص المادة 25 من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن “يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة 2 الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة:
أن يشارك في إدارة الشؤون العامة إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين، وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
ج- أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده”.
فمن هذا المنطلق، لا أقبل الاصطفاف خلف الكثير من المواطنين المتذمرين الذين يرفضون المشاركة في الانتخابات، بعد فقدانهم الثقة في الأحزاب والانتخابات، لعدم قدرة المجالس والحكومات المتعاقبة على إيجاد مخارج لأهم الإشكالات المطروحة، وفي مقدمتها التعليم والصحة والبطالة والتنمية، مما ولد لديهم شعورا باليأس والإحباط ، وسأظل متمسكا ببريق من الأمل في أن يأتي من هم أحق بتدبير شؤوننا وتحسين ظروف عيشنا، إذا ما نحن تخلصنا من تلك النظرة السوداوية وانخرطنا بجدية وروح وطنية في الاستحقاقات الانتخابية…
إذ أنه إلى جانب كون الانتخابات ركيزة أساسية في بناء صرح الديمقراطية، وأنها من أبرز الآليات الضامنة للتناوب السلمي على السلطة، فهي أيضا فرصة موسمية سترسم الملامح العريضة التي سترهن البلاد لمدة خمس سنوات، لاسيما أنها تتزامن مع مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات في إطار تنزيل النموذج التنموي وتفعيل الميثاق الوطني من أجل التنمية، كما ورد في الخطاب الملكي ليوم 20 غشت بمناسبة الذكرى 68 لثورة الملك والشعب.
وبصرف النظر عن اعتزازي بانتمائي للمغرب مهما كانت هناك من نقائص واختلالات، سأحرص على الحضور في هذا الموعد الانتخابي الهام، الذي يعطيني سلطة القرار في اختيار الأفضل من المرشحين، ويعتبر مفتاحا ذهبيا للعبور نحو المستقبل الواعد. فأنا أومن بأنه من شأن صوتي أن يحدث الفارق في الاتجاه الصحيح ويرجح كفة الأنسب والأكثر قدرة على تحمل المسؤولية بصدق وأمانة. ثم إنني لا أرى عبثا أكبر وأخطر من الاختفاء خلف شاشات الحواسيب والهواتف المحمولة والدعوة إلى “المقاطعة” وإطلاق أحكام القيمة على عواهنها في شيطنة الأحزاب وجميع الفاعلين السياسيين….
إن بلادنا اليوم أحوج ما تكون إلى جميع أبنائها والمشاركة الكثيفة في انتخابات 8 سبتمبر 2021، ليس فقط لأنها فرصة لقطع الطريق على المفسدين ومعاقبة الذين كانوا دون مستوى الثقة الملكية وتطلعات الجماهير الشعبية، أو الذين باعوا الناس الوهم وأخلوا بوعودهم في محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والحد من معدلات الفقر والأمية والبطالة والفوارق الاجتماعية والمجالية، بل كذلك لحسن اختيار الأشخاص القادرين على تحمل المسؤولية بحماس وحس وطني صادق، ممن يغلبون المصلحة العامة على مصالحهم الذاتية والحزبية الضيقة…

اسماعيل الحلوتي

الاخبار العاجلة