عين على “اليوم الوطني للمقاومة”

18 يونيو 2021آخر تحديث : الجمعة 18 يونيو 2021 - 12:07 مساءً
admintest
كتاب وآراء
عين على “اليوم الوطني للمقاومة”

– بقلم : عزيز لعويسي

يحتفي الشعب المغربي قاطبة، بالذكرى 67 لليوم الوطني للمقاومة (18 يونيو 2021)، الذي يقتـرن بذكرى استشهاد المقاوم البطل “محمد الزرقطوني”، وهي مناسبة وطنية، لا يمكن البتة، اختزال معالمها في ما تعرفه فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير عبر التراب الوطني، من أنشطة ثقافية وتربوية متعددة المستويات (لقاءات ثقافية، موائد مستديرة، ورشات معرفية وتربوية، عروض ومحاضرات، لقاءات علمية، مهرجانات خطابية، مسابقات ثقافية…)، ولا يمكن حصرها في مجرد استحضار أرواح شهداء وأحرار الوطن، والإشادة بما صنعوه من تضحيات نضالية، وما حققوه من بطولات خالدة، دفاعا عن الوطن وثوابتــه.،

هي مناسبة وطنية سنوية لابد أن تتجاوز حدود الاحتفال الروتيني، لنجعل منها فرصة سانحة، تسمح بالتموقع في زمن الحماية، ليس من باب الحنين أو النوستالجيا التاريخية، ولكن من أجل تلمس ما تخللها من قيم وطنية وإدراك ما ميزها من بطولات نضالية، ومن دروس ورسائل واضحة المضامين في الوطنية الحقة .. كان من بين ثمارها، الدخول في مسلسل طويل من النضال ضد الاستعمار، انتهى بنيل الحرية والاستقلال.،

ويكفي تأمل الملاحم البطولية للمقاومة العسكرية بالبوادي، والتي واجهت المستعمر بجرأة وشجاعة وبسالة منقطعة النظير، رغم ضعف ومحدودية الوسائل والمعدات، وحققت انتصارات في الكثير من المواقع (الهري، أنوال، بوكافر …)، ويكفي استحضار ما عاناه زعمـاء الحركة الوطنية من مضايقات واعتقالات متعددة المستويات، لم تمنع من رفع المطالب الإصلاحية (برنامج الإصلاحات) في مرحلة أولى، والمطالبة بالاستقلال في مرحلة ثانية، دون إغفال ما تعرض له المجتمع المغربي في البوادي كما في المدن، من ظلم وإيذاء واستغلال متعدد الزوايا.،

صور نضالية من ضمن أخرى، يمكن اختزال معالمها الكبرى، في حدثين بارزين، أولهما: محاولة السلطات الاستعمارية تنزيل ما عرف بالظهير البربري(16 ماي 1930)، مما أجج غضب المغاربة الذين خرجوا في احتجاجات واسعة النطاق، تنديدا بالظهير المذكور، الذي تحكم فيه هاجس التفرقة بين مكونات المجتمع المغربي، وثانيهما: ثورة الملك والشعب” (20 غشت 1953) التي اندلعت شراراتها بعد مؤامرة نفي السلطان “محمد بن يوسف” والأسرة الملكية، مشكلة “عروة وثقى لا انفصام لها” بين “ملك” مجاهد، و ”شعب” مناضل، تقاسما معا هم الوطن وتوحدا في الدفاع عنه بكل السبل والإمكانيات المتاحة.،

وإذا كان “اليوم الوطني للمقاومة” يقترن بذكرى استشهاد المقاوم البطل “محمد الزرقطوني”، فما هو إلا مرآة عاكسة لمقاوم، أدى الأمانة بوفاء وإخلاص فداء للوطن، شأنه في ذلك شأن مرافقيه في الكفاح والنضال، قبل أن يلقى ربه شهيدا، على خلفية اعتقاله من قبل السلطات الأمنية الاستعمارية، مفضلا الشهادة، بدل إفشاء أسرار المقاومة، مقدما بذلك، درسا في الوطنية الحقة وما يرتبط بها من تضحية و وفاء وإخـلاص ونكران للذات، دون انتظار مكسب أو عطاء، وبفضل “الزرقطوني” ومن رافقه من المقاومين الشرفاء والأخيار والأحرار، وبفضل بطولات “مقاومين” بسطاء لم ينصفهم التاريخ، وصل إلينا الوطن حرا سليما معافا ..

وفي ظل ما يتهدد مغرب اليوم، من عبث وتهور وفساد متعدد المستويات، ومن مؤامرات ودسائس خارجية، لا يمكن البتة، البكاء على أطلال الماضي، من مسؤوليتنا جميعا، الحرص على حماية الوطن من السواعد الفاسدة ومن العيون المتربصة بالكراسي والمناصب والدرجات، عبر الحرص على تعقب العابثين والفاسدين والمنحطين، من واجباتنا أن نترصد لكل من يخون الأمانة وينتهك الحرمة ويعبث بالشأن والهمة، من أجل “وطن” يعد “أمانة” في أعناقنا، وهذا لن يتأتى إلا بتطبيق القانون بشكل عادل ومنصف ومحاربة الفساد والريع وربط المسؤوليات بالمحاسبة، لقطع الطريق أمام صناع التهور والعبث والانحطاط ..

وإذا كان رهان التحرر والاستقلال، قد تحقق على أرض الواقع، بفضل التلاحم المتين بين “الشعب” و ”العرش”، فلا يمكن كسب الرهانات ومواجهة التحديات، إلا بتعزيز “العروة الوثقى” بين ”الشعب” و ”الملك” التي أسست للدولة الأمة المغربية وضمنت استمراريتها لقرون خلت، ولابد من الرهان على هذه العروة الوثقى لتقوية الجبهة الداخلية، بما يضمن التصدي لكل مؤامرات ودسائس أعداء وخصوم الوحدة الترابية، ونختم بالترحم على أرواح وشرفاء وأخيار وأحرار الوطن، وبتحية كل ”وطني” يؤدي الأمانة بمحبة وإخلاص في الأمن والجيش والتعليم والإدارة وغيرها من القطاعات ..

الاخبار العاجلة