عام التبوريدة

1 يناير 2014آخر تحديث : الإثنين 24 مايو 2021 - 3:26 مساءً
admintest
كتاب وآراء
عام التبوريدة

لا شك أن السنة المنتهية صلاحيتها كانت سنة مليئة بالأحداث على الساحة الوطنية في مختلف المجالات، وقد كان الكثير منها مؤلما والقليل المتبقي منها مفرحا.
ولأن السياسة هي أم الحياة المعاصرة وهي التي صارت تتحكم في رقابنا في سائر المجالات، اجتماعيا واقتصاديا ودينيا، فإننا سنركز في مقالنا هذا على الحصيلة السياسية. وعليه، يمكننا أن نطلق على هذه السنة “عام التبوريدة” على وزن “عام السيبة” أو “عام البون” أو “عام الحلبة “…مع الاعتذار طبعا للسيد المحترم رئيس الحكومة على السرقة الأدبية لكلمة “التبوريدة” التي نعترف له بحقوقه الكاملة في ضمها للقاموس السياسي المغربي الجديد بعد كلمات أخرى سبقتها ك “العفاريت والتماسيح و اللي فيه الفز ….”
أبرز التبوريدات لسنة 2013 هي تلك التبوريدة الشرسة التي شنها حميد شباط ممتطيا – في غفلة من آل الفاسي – صهوة حزب الاستقلال مصوبا بندقيته نحو الحكومة ليتمكن من اسقاطها وخلق الحدث الفريد من نوعه في التاريخ المغربي رغم تبوريدة و تمرد أحد أصهار آل الفاسي وتشبته بالكرسي الوثير الذي منحه اياه العم عباس مقابل عدم مضايقة نجل مؤسس الحزب في الخلافة الفاسية قبل أن تعصف الآلة الشباطية بالحلم العباسي اواخر سنة 2012، مما جعل آل البيت الفاسي ومن معهم يؤسسون حركة “بدون هوادة” والتي طعنت في شرعية شباط أملا في ازاحته عن طريق المحكمة والاحتفال بالتبوريدة الفاسية المرتقبة بعد انتهاء صلاحية شباط.
“تبوريدة” شباط هاته أصابت رئيس الحكومة في مقتل وجعلت هذا الأخير يطبق فلسفته التي يعتز بها “عفا الله عما سلف”-، حتى من قبل أن تصادق عليها الحكومة و تجعلها قانونا في مشروع المالية لسنة 2014 ـ و يبحث عن حليف ولو كان يكرهه و يتجهمه لينتهي به الأمر بعد طول البحث – في ظلمة المشهد عن أملس القنافذ- الى التحالف الحكومي مع مزوار الذي قال فيه بنكيران مالم يقله جرير في الفرزدق ووصفه للمغاربة ” بشخص ما فيدوش” والذي كان رأسه مطلوبا من طرف صقور المصباح بعد اتهامهم له باختلاس أموال الشعب .
ورغم كل ذلك ” تبورد ” عليهم صاحب الحمامة وقائد حملة ” ج 8 ضد المصباح “وحلق عاليا ليتمكن من ازاحة أحد أكبر حكماء وشيوخ المصباح ـ سعد الدين العثماني وهو للتذكير أحد رموز القبائل السوسية العريقة التي ” تبورد ” عليها مؤخرا أبو زيد حينما فضل اضحاك حفنة من السعوديين على حساب عرق مغربي أصيل بكامله ـ تمكن من ازاحته من أهم المراكز التي تستند عليها سياسة الدولة الخارجية وليتمكن من الحصول على الذرع الواقي من رصاص الصقور .وليصير “فيدو الشغل ” ضاربا عرض الحائط مقولة رئيسه في الحكومة .
ومن أبرز الفرسان المتبوردين كذلك خلال هاته السنة هو ادريس لشكر الذيكان قد خالف التوقعات والارادات واستطاع ازاحة “سربة من الخيول ” ليتربع على عرش الاتحاد الاشتراكي قبل أيام معدودة من بداية 2013 وليعلن شعار ” أعن أخاك ” تيمنا باسم الجمعية الأولى التي نشط فيها وعمره أنذاك لم يتجاوز السادسة عشر ، والمقصود هنا ب ” أخاك ” هو شباط طبعا .
لشكر لم يكتف باعانة أخيه شباط ، بل أعلن نفسه مساندا رسميا فوق العادة لأخته المرأة و أطلق دعوة خطيرة لم يسبقه اليها غير مسيلمة الكذاب والتي يهدف من ورائها تصحيح بعض آيات القرآن الكريم ـ معاذ الله – والمتعلقة بالنساء . حيث أراد تسوية المرأة بالرجل في الإرث ضاربا بشكل صريح الأية القرآنية الكريمة ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) وأراد تجريم تعدد الزوجات مما جعل أحد الشيوخ يفقد صبره ويتهمه ومن والاه مباشرة على الهواء بالكفر والزندقة .
هذا ، ولا تخفى على الجميع “التبوريدات” المتبادلة و التي صرنا ندمن على متابعتها على الهواء مباشرة كل جلسة شهرية للبرلمان بين المعارضة و رئيس الحكومة ، حيث نستمتع بسماع ما لذ وطاب من الغزل والمدح والذم ، وسماع كلام خارج النص السياسي يرشح من قعر لغة الشارع ، التي أراد عيوش أن يتم تدريسها في ” تبوريدته ” على التعليم ، و آخر ينتح مفرداته من كليلة ودمنة للمقفع أومن قصة “حي بن يقظان” لابن طفيل أو ما يعرفه الأطفال بسلسلة “ماوكلي”، و صرنا نلتقط من داخل هذا المسرح الكبير صورا لأفخاذ أو بطون عارية وأخرى لنيام وأخرى تذل على لامبالاة نواب الأمة بما يجري داخل القبة . وفي خضم تلك “التبوريدات” المتبادلة ضاعت أحلام الشعب في الاصلاح الشامل وفي محاربة الفساد بجميع أشكاله وفي تحسين الوضع الاجتماعي للطبقة المسحوقة .
ومن أسوأ التبوريدات كذلك تلك التي سجلها كبير البيدوفيليا في مرمى الطفولة المغربية ” دانييال كالفان ” حين نجى بجلده في غفلة منا وتفرق دمه بين مسؤولينا وضاعت الحقيقة.
مذكرة 2013 غنية بالتبوريدات التي شغلتنا ولم تنفعنا بقدر ما أضرتنا ـ كشعب مغربي مسلم ـ اجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا … والتي لا يتسع المقام للخوض فيها.
أما أفضل التبوريدات الحقيقية ـ بغض النظر عن بعض الاصلاحات الطفيفة التي نسمعها ولم نحس بها ـ فهي تلك التي بدأت تسجلها الديبلوماسية المغربية في مرمى البوليساريو وراعيتها الجزائر، و تلك التي حققها فرسان الرجاء البيضاوي ليجعلوها مسك الختام.

عبد العزيز بوسهماين

الاخبار العاجلة