حديث “مازوطي”

1 أبريل 2022آخر تحديث : الجمعة 1 أبريل 2022 - 6:04 صباحًا
admintest
كتاب وآراء
حديث “مازوطي”

بقلم : عزيز لعويسي

فيما يشبه مباراة في الملاكمة، تمكن “المازوط” من قلب الطاولة على “ليسانس”، بعد أن تجاوز سعره سعر “ليسانس” بشكل غير مسبوق بمختلف محطات البنزين، وهذا “التمرد المازوطي”، له ما يبرره من الناحية الموضوعية، لاعتبارات متعددة، مرتبطة في مجملها بظروف دولية ذات صلة بالحرب الروسية الأوكرانية التي ناهزت الشهر، وتداعياتها المباشرة على أسعار النفط التي سجلت ارتفاعات قياسية منذ اندلاع شرارة الحرب بين موسكو وكييف، وبظروف داخلية مرتبطة بتبعية المغرب للخارج فيما يتعلق بالتزود بالمحروقات، وبتحرير السوق الطاقية الداخلية.

ودون الخوض في تفاصيل الأزمة الطاقية القائمة وتداعياتها المباشرة على عدد من القطاعات والأنشطة ذات الصلة بالنقل واللوجيستيك، وعلى جيوب المواطنين وخاصة من ذوي الدخل المحدود، فالحكومة مطالبة بالتحرك في أكثر من مستوى حماية للقدرة الشرائية للمواطنين في أبعادها الطاقية والغذائية والمعيشية، وهذا يقتضي ضبط ما يجري داخل قطاع المحروقات، بما يضمن فرض قواعد حرية الأسعار والمنافسة، والتصدي لكل ما قد يعتري القطاع من ممارسات الاحتكار والجشع، والمضي قدما لإيجاد الحلول الممكنة لشركة “سامير” في ظل ما تعرفه أسواق البترول والغاز الطبيعي من تقلبات، تفرض اعتماد سياسة ناجعة في مجال التخزين، تحسبا للكوارث والأزمات الدولية الفجائية، موازاة مع ذلك، لا محيد من الاستمرار في سياسة التنقيب عن مصادر الطاقة والمعادن، لكشف النقاب عما يزخر به المجال المغربي من ثروات طاقية ومعدنية، من شأنها الإسهام في بلوغ السيادة الطاقية والمعدنية، وبالتالي التخلص من التبعية الطاقية للخارج، مع ضرورة مواصلة الرهان على الطاقة المتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية والريحية، لدعم القدرات الطاقية للمملكة.

في هذا الإطار، إذا كانت الدولة تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، اتجهت وتتجه إلى جعل المملكة منصة إفريقية لإنتاج اللقاحات وللصناعة البيوتكنولوجية بما يضمن إدراك رهان السيادة اللقاحية، فلابد أن تتجه نفس الإرادة نحو تخليص المغرب من التبعية الطاقية للخارج عبر الرهان على سياسة البحث والتنقيب عن مصادر الطاقة والمعادن، في ظل متغيرات جيوسياسية وجيواستراتيجية، يتحكم في أزررها “النفط” و”الغاز”، ونفس الإرادة لابد أن تتجه نحو تأمين “السيادة الغذائية” التي باتت ضرورة ملحة في ظل لهيب أسعار الكثير من المواد الغذائية عبر العالم بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وفي مقدمتها “القمح”، وهذا يفرض استعجال ثورة ناعمة في المجال الفلاحي، تستحضر المتغيرات المناخية التي يطبعها الجفاف وشح التساقطات، وتستوعب الأزمات الدولية وتداعياتها المباشرة على سلة الغذاء الوطني.

إذا كان المغرب قد حقق في السنوات الأخيرة عدة مكاسب دبلوماسية وجيواستراتيجية، جعلت وتجعل منه قوة إقليمية صاعدة، فهذه القوة، تقتضي الرهان على بلوغ “مناعة طاقية” و”مناعة عسكرية” و”مناعة طبية” و”مناعة غذائية”، وهذه الرهانات المشروعة، لايمكن كسبها أو إدراكها، إلا بالتعبئة الداخلية وتوفر مؤسسات وطنية مسؤولة وناجعة وذات مصداقية، قادرة على الترافع على مصالح الوطن وقضاياه الاستراتيجية، وعلى حكومات قوية لها القدرة على التفاعل الإيجابي مع نبض المجتمع، وعلى الجرأة في تقديم الحلول الممكنة والمبتكرة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتنموية القائمة، في إطار رؤية مواطنة متبصرة، تساهم في تكريس الدور المتنامي للمغرب كقوة إقليمية صاعدة وكنموذج تنموي رائد في إفريقيا والعالم العربي، وقبل هذا وذاك، لابد من توفر إرادة حقيقية في مجال محاربة كل أشكال العبث والفساد والريع، وحماية المال من أيادي العابثين والمفسدين، و”ربط المسؤولية بالمحاسبة”، وتفعيل آليات “عدم الإفلات من العقاب”، و”إرساء دولة الحقوق والقانون والمؤسسات والمساواة والعدالة الاجتماعية والمجالية”.

الحكومة الاجتماعية التي يقودها حزب الحمامة، مطالبة أيضا بتحريك عجلة الحوار الاجتماعي مع الفاعلين النقابيين في إطار من المسؤولية والالتزام، استحضارا لتضرر القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تداعيات جائحة كورونا وما تلاها من ارتفاع حاد في الأسعار، بكل ما لذلك من تداعيات على السلم الاجتماعي، في أفق توقيع اتفاق جماعي يقضي برفع أجور الموظفين وأجراء القطاع الخاص، على بعد أمثار قليلة من عيد العمال العالمي.

الاخبار العاجلة