رشيد بيجيكن
“عاصمة الطاجين”، هكذا يفضّل الكثيرون تسميتها، إنها جماعة سيدي بيبي، إذ لا يطيب توقف الزائر بمركزها دون قصد تلك المقاهي الشعبية المتخصصة في إعداد “الطاجين”، والذي يتميز بنكهة ومذاق خاصين، بفعل الوصفة “السحرية” التي تعتمد في إعداده، إلى جانب تميز الفضاءات التي يقدم بها وسط تلك المقاهي مما يضفي على الجلوس بها أريحية خاصة تزيد من شهية الزبائن.
جماعة سيدي بيبي توجد في موقع إستراتيجي بين أكادير وتزنيت، وأريد لها أن تكون القطب الصناعي لإقليم اشتوكة آيت باها، تكتنز مؤهلات متنوعة تجمع بين الأراضي المنبسطة والشريط الساحلي الممتد والمنتزه الوطني سوس ماسة، فضلا عن منطقة صناعية تحتضن كثيرا من الأنشطة الاقتصادية، مؤهلات جعلت الحركة تدب باستمرار في مركز الجماعة، مما أفرز تدفقا سكانيا أبرز سماته الاختناقات المرورية وضغط على الخدمات الاجتماعية.
محمد الناصري، فاعل جمعوي وأحد القاطنين بمركز الجماعة، اعتبر، أن “الجماعة، ورغم موقعها الإستراتيجي ومؤهلاتها، تعد من الجماعات التي تعاني مشاكل متعددة مرتبطة بالبنيات التحتية، حيث تنعدم شبكة التطهير السائل وتصريف مياه الأمطار. كما أن الاختناقات المرورية باتت تؤرق بال الساكنة ومستعملي الطريق. كما أن المزبلة الملتهبة تواصل تعذيب السكان لوجودها بمحاذاة ساكنة تجزئة أملال وبالقرب من المؤسسات التعليمية؛ وهو ما يشكل بؤرة سوداء وقنبلة موقوتة تؤرق بال الجميع. أما في فترات تساقط الأمطار، فيتحول المركز إلى برك مائية تعيق السير للراجلين والعربات وتشوه المنظر العام بالمركز”.
وفي جانب آخر، أبرز المتحدث ذاته أن جماعة سيدي بيبي غنية بالمنطقة الصناعية “التي يمكن أن تشكل مستقبلا امتدادا للأنشطة الصناعية على مستوى أكادير الكبير؛ غير أنني أعتقد أنها لم تشكل قيمة مضافة للجماعة، واليوم تعيش حالة متردية، إذ أزقتها متهالكة وبنيتها التحتية هشة، ومما يزيد الطين بلة غياب التطهير السائل، وهنا نسائل دور الجماعة. أما السوق الأسبوعي، فموقعه الحالي أصبح غير ملائم البتة، بسبب الاختناق المروري الذي يتسبب فيه، وكذا بسبب الإزعاج الذي يسببه للمدرسة الابتدائية القريبة إلى السوق، فضلا عن الأزبال التي يخلفها كل أسبوع، وأضحى تحويله مطلبا ملحا، رغم ما قد يلقاه المشروع من معارضة لدى بعض التجار وأصحاب المقاهي الشعبية”.
وفي معرض رده على الإشكالات المشار إليها أعلاه، قال مصطفى بلحميد، رئيس جماعة سيدي بيبي، إن “الاختناق المروري على مستوى مركز سيدي بيبي يشغل بال المسؤولين المحليين والترابيين على حد سواء، على اعتبار أن جماعة سيدي بيبي تشكل نقطة عبور بين شمال المغرب وجنوبه.
وأضاف المسؤول الجماعي ذاته: “يرجع هذا الاختناق إلى عوامل عديدة؛ أهمها الضغط الكبير الذي أصبحت تعيشه حركة المرور بسبب ازدياد عدد المركبات المارة بمركز سيدي بيبي خصوصا الشاحنات الناقلة للبضائع، والإقبال الكبير لساكنة المداشر والجماعات المجاورة على المركز باعتباره قطبا تجاريا للمنطقة، وتواجد السوق الأسبوعي بمحاذاة الطريق الوطنية، وتمركز المؤسسات التعليمة بالمركز خصوصا مؤسسات التعليم الإعدادي والثانوي وكذا المدارس الخصوصية”.
ولتصحيح الوضعية، أبرز بلحميد أن “المجلس الحالي انكب، منذ بداية ولاية انتدابه، على البحث عن حلول آنية. ولعل أقربها للتنفيذ حاليا هو فتح طريق شرق مركز سيدي بيبي انطلاقا من مدار طريق بنكمود إلى مدار محطة إفريقيا دون الحاجة إلى المرور على مستوى مركز سيدي بيبي؛ لكن يبقى الحل الأنسب لحل هده الإشكالية وبصفة نهائية هو إحداث الطريق المدارية غرب سيدي بيبي والذي تقدر تكلفتها بحولي 17 مليون درهم.
وتابع المتحدث ذاته: “للتخفيف من حدة الاختناق المروري على مستوى المركز، فالمجلس بصدد تدارس قرار للسير والجولان لضمان انسيابية المرور. كما أن تفعيل الدراسة التي قامت بها مصالح وزارة التجهيز من شأنها التخفيف من هذا الاختناق”.
وبخصوص وضعية المنطقة الصناعية، أفاد المسؤول المنتخب بأن “الجماعة تحتضن مشروع المنطقة الصناعية على مساحة تقدر بثلاثين هكتارا، تضم 94 وحدة صناعية، أنجزت في إطار اتفاقية شراكة مع مؤسسة التجهيز والبناء لأكادير سابقا أو العمران حاليا”، لافتا إلى “أن الإشكالية المطروحة بهذا المشروع هي أن نسبة الوحدات النشيطة لا تتعدى 15 في المائة، ونحن الآن بصدد إعداد تشخيص ميداني لهذا المشروع سيمكننا من اتخاذ مجموع من الإجراءات العملية التي من شأنها أولا تأهيل هذه المنطقة وثانيا خلق موارد مالية قارة لميزانية الجماعة”.
وشدد رئيس جماعة سيدي بيبي على أن “مفتاح التنمية بهذه الجماعة يبقى هو إنجاز مشروع التطهير السائل والذي وصلت الدراسة المتعلقة به إلى المراحل الأخيرة، حيث تبلغ تكلفة هذا المشروع 117 مليون درهم”.
وعن الحلول الممكنة للإشكالية البيئية والصحية المرتبطة بالمطرح الجماعي العشوائي الموجود غير بعيد عن مركز الجماعة والذي لا يزال يواصل تعذيب الساكنة، أوضح مصطفى بلحميد أن “جماعة سيدي بيبي كانت من المؤسسين لمجموعة الجماعات إيكولوجيا سنة 2010 من أجل إحداث مركز إقليمي لطمر وتثمين النفايات المنزلية والمشابهة لها، وتساهم الجماعة سنويا بمبلغ 170 ألف درهم في ميزانية المجموعة. وقد أبرمت هذه الأخيرة اتفاقية شراكة مع وزارة الداخلية وكتابة الدولة في البيئة من أجل إنجاز المشروع المذكور؛ غير أن المجلس الجماعي، ووعيا منه بحجم الأضرار التي يخلفها المطرح المذكور، بادر، خلال السنة الماضية، إلى عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة التعاون أكادير الكبير من أجل الاستفادة من خدمات المطرح الكبير لأكادير. وقد خصصت الجماعة في مشروع ميزانية السنة المالية 2022 مبلغ 1.495.360,00 درهم والذي يعتبر مساهمة الجماعة بميزانية مؤسسة التعاون أكادير الكبير”.
الزائر لمركز سيدي بيبي، خاصة يوم السبت، الذي يصادف انعقاد السوق الأسبوعي، سيلاحظ حجم الفوضى والعشوائية التي يغرق فيه هذا المرفق، بسبب موقعه الذي يسبب كثيرا من الاختناقات المرورية والإزعاج للمدارس والنفايات.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس الجماعة إنه “لا يختلف اثنان حول أن الموقع الحالي للسوق الأسبوعي أصبح غير ملائم، والمجلس الحالي بصدد الإعداد دراسة لتحويل هذا السوق إلى العقار الموجود في المنطقة الحضرية الجديدة مشروع ZUN والبالغ مساحته ثلاثة هكتارات وسيتم إنجازه إما عبر شراكات أو في إطار حساب خصوصي سينظم هذه العملية”.
هو إذن غيض من فيض، فجماعة سيدي بيبي اليوم، وبفعل موقعها الإستراتيجي، والتطور الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي بها، ممزوجا ذلك بمؤهلاتها المتنوعة، تحتاج إلى تعزيز جاذبيتها وتحسين الولوج إلى مركزها والرفع من قوتها التنافسية. ولن يتأتى هذه الغاية إلا بالمعالجة المستعجلة للإشكالات المطروحة، وخاصة فك الاختناقات المرورية والزيادة من منسوب التهيئة والرفع من جمالية المركز وتأهيل أوقته وشوارعه؛ وهو ما يحتاج إلى قوة ترافعية توازي نظيرتها التي تنهجها السلطة الإقليمية وأثمرت دينامية تنموية بدواوير ومداشر الجماعة.
