انتشارالاسلام في افريقيا من خلال روايات مستشرقين غربيين (1/3)

8 أبريل 2023آخر تحديث : السبت 8 أبريل 2023 - 10:38 مساءً
admintest
كتاب وآراء
انتشارالاسلام في افريقيا من خلال روايات مستشرقين غربيين (1/3)

ذ: بادرة محمد

دور التجار المغاربة في نمو الاسلام وانتشاره في افريقيا
تشكل هجرة المسلمين الاوائل الى الحبشة في بداية نشر الدعوة الاسلامية معلما بارزا من المعالم التي تؤكد الصلات التي قامت بين المسلمين والافارقة، ويظهر من خلال ما دون وكتب عن تلك المرحلة الاولى ان الدعوة الاسلامية لقيت استجابة سريعة من الافارقة الاحباش فاستمرت الفتوحات الاسلامية وانتشر الاسلام في مناطق واسعة من افريقيا حتى قامت سلسلة من الامارات والسلطنات الاسلامية امتدت في بدايتها من جنوب الحبشة حتى منطقة البحيرات الاستوائية وتزايدت اعداد المراكز الاسلامية على طول سواحل الصومال وبلاد (الكالا) واكد المقريزي في القرن الخامس عشر الميلادي انه كان للمسلمين في الحبشة سبع ممالك مزدهرة سميت ب”الطراز” لأنها كانت كالطراز في سواحل الحبشة وهي مملكات اوفات – دوارو- ارابيني- هديا – شرحا- بالي – دارة- ويعتبر المقريزي من المؤرخين الذين اهتموا بتاريخ انتشار الاسلام في بلاد الحبشة في رسالته الشهيرة (الالمام عمن في ارض الحبشة من ملوك الاسلام) الى جانب القلقشندي صاحب كتاب (صبح الاعشى).
غير ان الاسلام لم يتوقف عند حدود الحبشة والصومال وانما اخترق كل القارة الافريقية شمالا وجوبا وشرقا وغربا. ونظرا لتمدد الاسلام في كل ارجاء القارة فقد قسم المستشرق البريطاني سبنسر تريمنجهامSpencer Trimingham بلاد الاسلام في افريقية الى ستة اقاليم وزعها وفق الخصوصية الثقافية والعرقية، وهي افريقية البحر الابيض المتوسط – السودان الغربي- السودان الاوسط – السودان الشرقي – شمال شرق الحبشة – شرق افريقيا.
وما يؤسف له ان معظم ما كتب ودون عن نمو وانشار الاسلام في افريقيا يكاد يكون نادرا وحتى هذا النادر النزر قد مسته يد الضياع ولذا يضطر كل المهتمين بالدراسات التاريخية والاجتماعية والانثروبولوجية للمجتمعات الافريقية قبل دخول الاسلام وبعده للرجوع الى المؤلفات والكتب والمخطوطات الاجنبية وخصوصا الاستشراقية منها. وقد ظهرت في العقود الاخيرة العديد من الدراسات والكتابات الخاصة والمهتمة بانتشار الاسلام في افريقيا ومن بينها مؤلفات ميرفين هيسكيت – فنسان مونتاي – سبنسر تريمنجهام
ميرفين هيسكيت وكتابه (نمو الاسلام وانتشاره في غرب افريقيا)
يجد القارئ في هذا الكتاب النفيس حقائق ومعلومات واضحة وشاملة عن الاسلام منذ وصوله الى منطقة السودان الغربي في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر للميلاد) حتى نهاية الفترة الاستعمارية وهو كتاب قيم اعتمد فيه الكاتب على المصادر الاولية وعلى المخطوطات العربية و حتى الافريقية المكتوبة بلغة الهوسا.
الاستاذ ميرفين هيسكيت صاحب هذا الكتاب كان قد عمل في فترة من حياته استاذا بجامعة (باييرو) بمدينة (كانو) شمال نيجيريا وقبلها كان استاذا بمعهد الدراسات الشرقية والافريقية بجامعة لندن.
وعدد الكاتب في هذا الكتاب الاثار العميقة للعلوم والحضارة الاسلامية على شعوب وقبائل القارة الافريقية وعلى التاريخ الاجتماعي والثقافي للمنطقة التي اشتغل عليها في ابحاثه ودراساته(غرب افريقيا) وقدم رؤى جديدة عن انتشارالاسلام وعن تمدد الارساليات المسيحية والاحتلال الاوربي لغرب افريقيا في منطقة تشمل ما يعرف بالسودان الغربي اي المنطقة التي تمتد من تشاد شرقا الى السنيغال غربا.
يضم هذا الكتاب عددا مهما من الوثائق والصور و الخرائط والرسوم الخاصة بطرق تجارة القوافل بين شمال افريقيا واقليم السودان الغربي، ويشمل الفتوحات الاسلامية في شمال افريقيا وامتداد انتشار الاسلام في غرب افريقيا حتى القرن السادس عشر الميلادي معتمدا في بحثه على المصادر العربية الاولي لابن حوقل والبكري والادريسي والزهري وابن بطوطة وابن خلدون.. يؤكد فيه ان الاسلام انتشر في بلاد “التكرور” (السنيغال) قبل غيرها من اقاليم غرب افريقيا كما يؤكد الدور المهم الذي اضطلعت به دولة المرابطين في نشر الاسلام في منطقة الحوض الاعلى لنهر النيجر وصولا الى الشرق من بلاد التكرور,
يقول الكاتب هيسكيت ان ظهور دولة المرابطين في غرب الصحراء زاد من انتشار الاسلام الى حد ان تم فتح “غانا” واعتناق جماعات “السوننكيين” الاسلام، واصبح المسلمون يشكلون طبقة التجار. وعن هؤلاء انتشر الاسلام في ساحل غانا وشماله كما انه في عهد المرابطين دخل الاسلام الى “مالي” وازدهر فيها حتى واظب حكامها الملقبين (بالمنساس)على الحج وشجعوا التجارة وحببوا المسلمين والمغاربة خصوصا على زيارة بلاطهم مثل ابن بطوطة الذي زار بلاد مالي بين عامي 1252م و1253م
وكرر الكاتب تأكيد بداية تأثيرات الحضارة العربية الاسلامية في هذه المنطقة انها كانت منذ ان عرفت افريقيا الاسلام الوافد عليها من شمال افريقيا اي منذ مطلع القرن الثاني للهجرة (الثامن الميلادي) واستمرت هذه التأثيرات في ازدياد متواصل ومسترسل بفضل التجار المغاربة الذين كان لنشاطهم اكبر الاثر في انتشار الاسلام بين قبائل الصحراء الكبرى بل وفي كل الجهات التي ارتادها هؤلاء التجار في غرب افريقيا (منطقة السودان الغربي كما تسمى آنذاك) وعلى اثر ذلك فان انتشار الاسلام في هذه المنطقة لم يتم عن طريق الفتح او الغزو كما هو الشأن في مناطق اخرى من العالم بل تم سلميا عن طريق التجار المسلمين وخاصة تجار المغرب الاقصى الذين كانوا يتوافدون على كل قبائل وعشائر بلدان افريقيا الغربية (السودان الغربي) بقصد التجارة فكان الاسلام ينتشر على ايديهم لا عن طريق التبشير وانما عن طريق الاحتكاك المباشر مع ملوك وزعماء قبائلهم وعامة الناس مع تأكيده على ان ظهور دولة المرابطين في منتصف القرن الخامس الهجري هو الذي كان له الفضل الكبير في انتشار الاسلام في غانا ومالي وان اعتناق ملوكهم للدين الاسلامي كان سببا رئيسيا في انتشار الاسلام في اوطانهم.
وعن الاسلام في سنغامبيا (السنيغال وغامبيا) يشير المؤلف ويشيد بدور علماء شنقيط في انتشار الاسلام والعلوم الاسلامية في السنيغال ويذكر ان شنقيط التي تقع في ادرار عند ملتقى طرق القوافل التي تأسست في حدود سنة 160 ه – 777م اصبحت مركزا للعلماء ومحطة للحجيج في طريقهم لتأدية فريضة الحج فداع صيت شنقيط كمركز للدراسات الاسلامية حتى اضفى على كل بلاد شنقيط (موريتانيا حاليا)
وفي حديثه عن الطرق الصوفية اشار الكاتب انها لعبت دورا هاما في الدعوة الى الاسلام ونشره في غرب افريقيا وتمكين الروابط بين المسلمين افارقة وغير افارقة وتناول المؤلف بالتفصيل نشأة وانتشار الطريقة القادرية منذ القرن السادس عشر والطريقة التيجانية منذ القرن التاسع عشر وعن الطريقة القادرية تفرعت الطريقة المريدية في السنيغال التي اسسها احمد بمبا عام 1886م واستطاعت هذه الطرق الصوفية ان تقيم بين بلدان غرب افريقيا وبلاد المغرب الاقصى روابط ثقافية وروحية واقتصادية وثيقة.
وفي الفصول الاخيرة من الكتاب يؤكد المؤلف على الطابع السلمي لانتشار الاسلام في غرب افريقيا بل ان الاسلام ازداد انتشارا في فترة الاستعمار الاوربي لكون الافارقة كانوا يناهضون الاستعمار الاوربي ويقارنون الديانة المسيحية بالرجل الابيض وهو (المستعمر)

الاخبار العاجلة