النظام القانوني والجبائي للمقاول الذاتي

14 مارس 2021آخر تحديث : الأحد 28 مارس 2021 - 9:59 صباحًا
admintest
ملفات قانونية
النظام القانوني والجبائي للمقاول الذاتي

بقلم: المختار السريدي*

المقاول الذاتي l’auto- entrepreneur صيغة مقاولاتية جديدة جاءت بها المدونة العامة للضرائب ابتداء من قانون المالية للسنة المالية2014 ، أي قبل أن يصدرالقانون الخاص الذي ينظم أحكامها والذي لم ير النور إلا بتاريخ 19 فبراير 2015 تحت رقم 114.13 (1).

ويعرف القانونان معا المقاول الذاتي بأنه كل شخص ذاتي أو طبيعي يمارس بكيفية فردية نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو مهنيا أو يزاول تقديم خدمات ، بشرط ألا يتعدى رقم الأعمال السنوي المحصل عليه السقفين التاليين :

 500.000 درهم إذا كان النشاط ذا طبيعة صناعية أو تجارية أو حرفية أو مهنية.

 200.000 درهم إذا كان النشاط يدخل في خانة تقديم الخدمات (2).

ويهدف المشرع من وراء إحداث هذا النظام المقاولاتي المتميز منح مجموعة من الإمتيازات والتحفيزات والتسهيلات والتشجيعات لبعض الفئات من الأشخاص الذاتيين الذين يرغبون وبكيفية فردية في مزاولة بعض الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الحرفية أو المهنية أو الخدماتية. وذلك قصد مساعدتها والأخذ بيدها من أجل تحقيق ذاتها والإعتماد على نفسها من أجل كسب وتحصيل مداخيل مادية هي في أمس الحاجة إليها لمواجهة العطالة وعدم الإعتماد كليا على الدولة في الشغل بالإضافة إلى تنظيم وضبط الإقتصاد غير المهيكل.

وحتى تتحقق هذه الأهداف فقد مكنت الدولة المقاول الذاتي من الإمتيازات التالية:

 امتيازات ضريبية خاصة منصوص عليها بالمدونة العامة للضرائب.

 امتيازات خاصة تتعلق بالتغطية الصحية والإجتماعية.

 امتيازات محاسباتية تتمثل في الإعفاء من مسك محاسبة (3) طبقا لأحكام القانون 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها.

 امتيازات تتمثل في الإعفاء من إلزامية التقييد في السجل التجاري.

مع الإشارة إلى أن الإستفادة من الإمتيازات الضريبية الخاصة ومن الإمتيازات المتعلقة بالتغطية الصحية والإجتماعية تبدأ في السريان مباشرة من تاريخ التسجيل في سجل خاص يسمى ” السجل الوطني للمقاول الذاتي ” الذي تمسكه وتسهر على تسيير العمليات المتعلقة به هيئة تذبير هي ”شركة بريد المغرب” (4).

ويمكن للمقاول الذاتي بعد القيام بجميع الإجراءات الإدارية اللازمة أن يمارس النشاط الذي اختاره وفق رغباته ومؤهلاته وميولاته وإمكانياته وتكوينه ، في أي محل من المحلات المعدة للإستعمال الصناعي أو التجاري أو الحرفي أو المهني أو المخصصة لتقديم خدمات.

وفي حالة إذا لم تسعفه الظروف في إيجاد محل من هذه المحلات سواء عن طريق التملك أو الإيجار أو الإنتفاع … يمكن له أن يقوم بتوطين نشاطه المذكور في محل إقامته سواء كانت هذه الإقامة مستقلة أو مع والديه أو أقاربه ، وفي هذه الحالة لا يجوز بأي حال من الأحوال الحجز على المحل المعد من طرف المقاول الذاتي على سبيل السكنى الرئيسية والمتخذ في نفس الوقت كموطن للنشاط المزاول بسبب ديون عالقة بذمته مرتبطة بهذا النشاط.

ويمكن للمقاول الذاتي في غير هذه الحالات أن يمارس نشاطه في أحد المحلات التي تشغلها بصفة مشتركة عدة مقاولات ، شريطة الإلتزام بالقواعد المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية والبيئية الجاري بها العمل.

 

ومن أجل الإستفاذة من كل هذه الإمتيازات والتحفيزات يجب على كل مقاول ذاتي أن يلتزم بما يلي:

 أن يقدم طلبا بالتسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي لدى أقرب وكالة من وكالات بريد المغرب مرفقا بتصريح يسمى ” التصريح بالتأسيس ” كما هو منصوص عليه في الفقرة الخامسة من المادة 148 من المدونة العامة للضرائب (5) ، ويتضمن هذا التصريح الإسم العائلي والشخصي للمعني بالأمر وموطنه الضريبي وطبيعة النشاط المزاول وموقع المحل الذي يمارس به النشاط والعنوان التجاري والإسم ومقر المنشأة التي ينتمي إليها أو التابعة له والإشارة إن اقتضى الحال إلى اختيار الخضوع للضريبة على القيمة المضافة (6).

 أن يتوفر على كافة الشروط التي تمكنه من ممارسة النشاط الصناعي أو التجاري أو الحرفي أو المهني أو الخدماتي الذي اختاره ، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

 أن يدلي كل شهر أو كل ثلاثة أشهر بحسب اختياره وبأي وسيلة إلكترونية تناسبه ، بتصاريح رقم الأعمال المحصل عليها ، مباشرة لدى وكالة بريد المغرب ، وأن يقوم في نفس الوقت وبنفس الكيفية والوسيلة بأداء مبلغ الضريبة المستحقة وأداء الإشتراكات الإجتماعية برسم التغطية الصحية والإجتماعية.

 أن يتقيد أثناء مزاولته للنشاط المختار بالتدابير الخاصة بحماية المستهلك وقواعد الصحة والسلامة العامة، طبقا لما هو وارد في القوانين ذات الصلة.

ويمكن التشطيب على المقاول الذاتي من السجل الوطني للمقاول الذاتي في الحالات التالية:

 إما بناء على طلب كتابي من المقاول الذاتي نفسه.

 أو في حالة عدم التصريح برقم الأعمال السنوي أو التصريح بعدم تحقيق أي رقم أعمال سنوي دون إدخال السنة التي تم فيها تسجيله أو إعادة تسجيله

 أو في حالة تحصيل رقم أعمال سنوي لمدة سنتين متتاليتين يفوق 200.000 أو 500.000 درهم المحددة كسقف أقصى.

 أو في حالة عدم أداء الضرائب المستحقة عليه والإشتراكات الإجتماعية برسم التغطية الصحية والإجتماعية لمدة سنة مدنية.

 أو في حالة تحوله من مقاول ذاتي إلى شركة كيفما كان شكلها القانوني.

 أو في حالة صدور حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به يقضي بالتشطيب عليه من السجل الوطني للمقاول الذاتي لعدم تقيده بالإلتزامات والضوابط القانونية المشار إليها أعلاه خلال مزاولته لنشاطه.

وإذا ما وقع التشطيب بناء على حالة من الحالات المذكورة ، فإن المقاول الذاتي المشطب عليه يفقد الحق في الإستفاذة من النظام الجبائي الخاص ومن نظام التغطية الصحية والإجتماعية المخولة إليه بقوة القانون.

وفي كافة الأحوال يبقى ملزما بأداء جميع الديون الضريبية والإشتراكات الإجتماعية التي بقيت عالقة في ذمته قبل التشطيب عليه من السجل الوطني ، غير أنه يمكن له التسجيل من جديد في السجل شريطة أداء تلك الديون أو ما تبقى منها.

ويستثنى من نظام المقاول الذاتي الخاضعون للضريبة الذين يزاولون أنشطة أو مهنا أو يقدمون خدمات ، وهم أرباب مؤسسات التأمين وسماسرة ووسطاء التأمين والمحامون والمفوضون القضائيون والصيارفة والجراحون وجراحو الأسنان والأطباء والصيادلة والبياطرة والنظاراتيون ومستغلو المصحات ومختبرات التحاليل الطبية والموثقون والخبراء والخبراء المحاسبون والمحاسبون و وكلاء الأعمال وتجار البضائع بالعمولة والمستشارون القانونيون والجبائيون والناشرون والمقاولون في الأشغال المتنوعة والمقاولون في الأعمال المعلوماتية والطبوغرافيون ومستغلو مؤسسات تعليم السياقة ومستغلو القاعات السينمائية ومستغلو مدارس التعليم الخصوصي وأرباب الفنادق والطابعون والكتبيون والمترجمون والمساحون والمجزئون.

والمنعشون العقاريون والمتاجرون في العقارات ومؤجرو الطائرات وتجار الذهب والحي والمجوهرات والتجار المصدرون والمستوردون ومقدمو الخدمات المعلوماتية ومنتجو الأفلام السينمائية ومقدمو خدمات تنظيم الحفلات والإستقبالات (7).

وباعتبارها هيئة تدبير كما ينص على ذلك القانون رقم 114.13 يعهد إلى شركة بريد المغرب القيام لحساب الدولة بمهمة مسك السجل الوطني للمقاول الذاتي وتسيير العمليات المتعلقة به لا سيما تلقي طلبات التسجيل وإرسالها إلى الإدارات والهيئات المعنية وقبض الواجبات الضريبية والإشتراكات الإجتماعية وتحويلها لفائدة الدولة والهيئات المعنية ، مع وضع نظام معلوماتي خاص رهن إشارة الدولة والهيئات المذكورة يمكنها من تبادل المعلومات والمعطيات الخاصة بالمقاولين الذاتيين وتتبع التسجيلات وإعادة التسجيلات والتشطيبات وتصاريح رقم الأعمال.

وبما أن الوزارة المكلفة بالصناعة والتجارة هي القطاع الحكومي الوصي على المقاولين الذاتيين ، فقد تم إحداث ” لجنة وطنية للمقاول الذاتي ” مهمتها تحديد الإجراءات واتخاذ التدابير وتوفير الموارد المالية الكفيلة بتفعيل نظام المقاول الذاتي وتحسين فعاليته والتنسيق بين المتدخلين والقيام بجميع الدراسات والأبحاث حول هذا النظام وإعداد تقارير سنوية حول تطبيقه ومدى نجاعته.

أما من الناحية الجبائية ورغم أن القانون المتعلق بنظام المقاول الذاتي قد صدر بتاريخ 19 فبراير 2015 وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 12 مارس 2015 ، إلا أن الأحكام الضريبية المتعلقة به قد تم إدراجها في المدونة العامة للضرائب قبل ذلك بمقتضى قانون المالية للسنة المالية 2014 (8) ، حيث نصت المادة 42 مكررة على أن المقاول الذاتي يخضع للضريبة على الدخل بتطبيق الأسعار والمعدلات المشار إليها بالفقرة الثالثة من المادة 73 من نفس المدونة باعتماد رقم الأعمال السنوي المحصل عليه والمصرح به ، أي بنسبة 0,5 % بالنسبة لرقم الأعمال الذي لايتعدى 500.000 درهم فيما يخص الأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية و1 % بالنسبة لرقم الأعمال الذي لايتجاوز 200.000 درهم فيما يخص تقديم الخدمات.

غير أن صافي زائد القيمة الناتج عن تفويت أو سحب الأموال المجسدة أو غير المجسدة المخصصة للإستغلال يظل خاضعا للضريبة على الدخل وفق الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 40 المتعلقة بتحديد الربح الجزافي الخاضع للضريبة على الدخل وحسب جدول الأسعار الذي تحدده الفقرة الأولى من المادة 73 سالفة الذكر (9) .

ومن أجل الإستفاذة من هذه الإمتيازات الجبائية يتعين على الأشخاص الطبيعيين الذين يختارون نظام المقاول الذاتي (10) أن لا يتجاوز رقم أعمالهم السنوي المحصل عليه سقفي 500.000 و 200.000 درهم حتى يستفيذ كذلك من الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة.

ويظل اختيار نظام المقاول الذاتي مطبقا وساري المفعول مادام رقم الأعمال السنوي المحصل عليه لم يتجاوز طوال سنتين متتاليتين السقفين المحددين ، وعند تجاوزه يطبق نظام النتيجة الصافية الحقيقية بالنسبة للدخول المهنية المحققة ابتداء من فاتح يناير من السنة الموالية للسنتين اللتين وقع فيهما التجاوز، ما عدا إذا عبر المقاول الذاتي عن اختياره الخضوع لنظام النتيجة الصافية المبسطة أو نظام الربح الجزافي (11) .

أما بالنسبة لإيداع إقرار رقم الأعمال فقد نصت المادة 82 مكررة من المدونة العامة للضرائب على أنه يجب على الخاضع للضريبة أن يصرح ، حسب الإختيار الشهري أو ربع السنوي المعبر عنه ، برقم الأعمال المحصل عليه ، وفق نموذج تعده هيئة التدبير المحدثة لهذا الغرض ، ويتم الإيداع مرفقا بالأداء لدى هذه الهيئة وفق الآجال التالية:

 بالنسبة للإختيار الشهري: قبل نهاية الشهر الموالي للشهر الذي تم خلاله تحصيل رقم الأعمال.

 بالنسبة للإختيار ربع السنوي : قبل نهاية الشهر الموالي لربع السنة الذي تم خلاله تحصيل رقم الأعمال.

ويجب على هيئة التدبير المتمثلة في وكالات بريد المغرب أن تدفع مبلغ الضريبة الذي تم تحصيله من المقاولين الذاتيين لدى قابض الإدارة الجبائية التابع له الموطن الضريبي للخاضعين للضريبة وذلك خلال الشهر الموالي للشهر الذي وقع فيه التحصيل ، دون الإخلال إن اقتضى الحال بتطبيق أحكام المادة 208 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بجزاءات التحصيل المترتبة عن الأداء المتأخر للضرائب والواجبات والرسوم.

الآن وقد مرت خمس سنوات ونيف على ولادة نظام المقاول الذاتي ورغم الإمتيازات والتحفيزات والإغراءات المخولة إليه سواء على المستوى الإداري أو الجبائي أوالإجتماعي أو على مستوى القروض والتسهيلات المرتبطة بها ، فإن بعضا من هؤلاء المقاولين من نجح في مشروعه وحقق نتائج باهرة ومنهم من فشل وذمته بالديون عالقة ومنهم من لا زال يتلمس طريقه بكل تأن وتؤدة.

كما أن الإدارة الضريبية لا زالت تتعامل بالكثير من الليونة مع غالبية هؤلاء المقاولين خصوصا بالنسبة لمراقبة الإقرارات المتعلقة برقم المعاملات المصرح بها لدى وكالات بريد المغرب هذه الأخيرة التي لازالت لم تمكن مفتشي الضرائب من الإطلاع على وضعياتهم الجبائية سواء من حيث إيداع الإقرارات وصدقية أرقام المعاملات المحصل عليها ومدى تقيدهم بالشروط والإلتزامات التي جاءت بها المدونة العامة للضرائب وقانون المقاول الذاتي.

هوامش:

1- ظهير شريف رقم 1.15.06 صادر بتاريخ 29 ربيع الثاني الموافق 19 فبراير 2015 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6344 بتاريخ 12 مارس 2015 والذي يضم 15 مادة فقط.

2- المادة الأولى من قانون المقاول الذاتي ، والمادتان 42 مكررة و42 مكررة مرتين من المدونة العامة للضرائب .
3- المادة 19 من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة .
4- انظر المواد 2-5-11 من القانون رقم 114.13 المتعلق بنظام المقاول الذاتي

5- ” يجب على الخاضعين للضريبة على الدخل حسب نظام المقاول الذاتي المنصوص عليه في المادة 42 المكررة أعلاه ، الإدلاء بالتصريح بالتأسيس لدى الهيئة المحدثة لهذا الغرض طبقا للتشريع والأنظمة الجاري بها العمل ووفق نفس الشروط المشار إليها في الفقرة الرابعة أعلاه . ويجب على الهيئة المذكورة أن توجه نسخة من من هذا التصريح إلى الإدارة الجبائية.”

6- انظر الفقرة الرابعة من المادة 148 من المدونة العامة للضرائب .

7- الكتيب الصادر عن المديرية العامة للضرائب حول ” النظام الجبائي للمقاول الذاتي ” الطبعة 2019 الصفحة 5 .

8- البند الثالث من المادة 4 من قانون المالية للسنة المالية 2014 .

9- يضم جدول تصفية الضريبة على الدخل خمسة معدلات وهي 10 % 20 % 30 % 34 % 38 % وذلك بحسب شريحة الدخل السنوي المحققة انطلاقا من 30.001 درهم

10- جاء في الفقرة الثانية من المادة 44 من المدونة العامة للضرائب أنه يجب على الخاضعين للضريبة الذين يرغبون في اختيار نظام المقاول الذاتي أن يعبروا عن اختيارهم لهذا النظام عند إيداع التصريح بالتأسيس لدى هيئة التدبير المكلفة.

11- الفقرة الرابعة من المادة 43 من المدونة العامة للضرائب.

——انتهى——-

* إطار ضريبي

 

 

الاخبار العاجلة