“المصيدة”.. منطقة ساحلية تتحول إلى مقبرة للصيادين ضواحي تزنيت

11 مايو 2021آخر تحديث : الثلاثاء 11 مايو 2021 - 12:23 صباحًا
أشرف كانسي
أخبار سوسسلايدر
“المصيدة”.. منطقة ساحلية تتحول إلى مقبرة للصيادين ضواحي تزنيت

مصطفى البكار

لا يمكن الحديث عن الصيد بالقصبة في جهة سوس دون ذكر الشريط الساحلي بين منطقتي ماسة وأكلو، باعتباره من الوجهات المتميزة بنقط الصيد التي تستقطب فئة عريضة من الصيادين، بين من يفضل ممارسة هذه الهواية من باب الترويح عن النفس، ومن يمتهنها كحرفة لجني قوته اليومي.

وإذا كانت لكل نقطة صيد مميزاتها، سواء من حيث وعورة التضاريس أو سهولتها، وكذا وفرة الأسماك بها والأمن والولوجيات وغيرها، فإن منطقة “المصيدة” الساحلية الواقعة بجماعة إثنين أكلو لها خصوصيات، وإن توزعت بين الإيجابي والسلبي فهي لم تمنعها أن تكون قبلة لهواة الصيد التقليدي من مختلف المدن المغربية.

وتعتبر حالات الغرق العديدة المسجلة بالمنطقة سالفة الذكر خلال السنوات الماضية من الوقائع التي تدفع الزائر إلى طرح العديد من الأسئلة، خصوصا أن أغلب من لقوا حتفهم هم صيادون قدموا من مدن بعيدة قصد ممارسة هوايتهم المفضلة، قبل أن يتحولوا إلى جثامين تلفظها مياه “المصيدة” بعد يوم أو أكثر.

peche tiznit2 2 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

آخر حالة غرق سجلت بـ”المصيدة” كانت يوم السادس من غشت 2020، وضحيتها شاب أربعيني حل بالمنطقة قادما من مدينة الرباط لممارسة هواية الصيد، قبل أن يفقد توازنه من أعلى صخرة ويسقط في عرض البحر. وبعد الحادث بثلاثة أشهر، وبالضبط يوم 13 نونبر، عرفت النقطة ذاتها انقلاب مركب للصيد التقليدي أسفر عن مصرع أحد أفراد طاقمه وإنقاذ مرافقيه.

ومن بين الحوادث المميتة التي اهتزت على وقعها “المصيدة” أيضا تلك التي شهدتها سنة 2016، والمتعلقة بالكاتب المراكشي عزيز بنحدوش، صاحب الرواية المثيرة للجدل “جزيرة الذكور”، بعدما قدم إلى المنطقة رفقة صديق له، قبل أن يجد نفسيهما غريقين وسط مياه البحر بسبب موجة غادرة لم تترك لهما أي فرصة للنجاة، وهو الحادث الذي تكرر مرات عديدة طيلة السنوات الماضية.

وقصد الاطلاع على “المصيدة” عن قرب والوقوف على أهم ما يميزها عن بقية نقط الصيد، انتقلت جريدة هسبريس إلى المنطقة، عبر طريق أولاد النومر، التي رغم بعدها إلا أنها تعتبر الأفضل مقارنة مع مسلك أكلو الذي يعاني في غالب الأحيان من تدفق رمال تحول دون انسيابية حركة المرور.

وبعد الصعوبة التي يجدها الزائر في قطع مسافة أزيد من ثلاثة كيلومترات من الطريق غير المعبدة التي تفصل بين الشاطئ المذكور ودوار “الفيض”، يجد القادم إلى المنطقة، وخصوصا للمرة الأولى، نفسه مرة أخرى أمام تحد ثان يتمثل في وعورة الولوج، بالنظر إلى التضاريس المشكلة أغلبها من منحدرات تطل على الشاطئ.

peche tiznit1 1 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

محمد، صياد أربعيني من منطقة اشتوكة آيت باها، هو أول من التقت به هسبريس بجنبات شاطئ المصيدة، وهو يرمي بصنارته ببراعة تدل على خبرته الواسعة في المجال، منتظرا اللحظة لسحبها وهي تحمل ما قد يجود به البحر من أسماك.

يقول محمد “حللت أنا وصديقي بهذا الشاطئ قادمين إليه من بيوكرى قصد ممارسة الصيد التقليدي الذي له طعم خاص في شهر رمضان من جهة، وكذا من أجل التمتع بجو هادئ ومريح ومطمئن له فائدة على الصحة الجسدية والنفسية من جهة ثانية”.

وفي جوابه عن سؤال الدافع وراء القدوم إلى “المصيدة” دون غيرها، أورد المتحدث ذاته: “هذه هي المرة الأولى التي أقصد فيها المنطقة، وطبعا السبب هو سمعتها الجيدة بين الصيادين كنقطة غنية بمختلف أنواع الأسماك؛ فضلا عما تزخر به من مناظر طبيعية خلابة، إلى جانب كونها ملتقى للصيادين القادمين من كافة المدن والأقاليم”.

وبخصوص سبب حالات الغرق التي تشهدها المنطقة بين الفينة والأخرى، أشار محمد في حديثه لهسبريس إلى الصخور العالية المتواجدة بالمنطقة، إلى جانب استعمال بعض الصيادين قصبة من نوع “بيلوطة”، ما يجعلهم أكثر عرضة للغرق، خصوصا إذا كان الصياد مرتديا لباسا بلاستيكيا لا يترك له أي سبيل للنجاة بعد السقوط، وهو أمر يسري على مختلف الشواطئ، وليس فقط “المصيدة”.

peche tiznit 1 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

من جهته قال إبراهيم، وهو أحد الصيادين المتحدرين من المنطقة، الذين راكموا تجربة طويلة في الميدان، إن “السبب الأول والأخير في موت العديد من الصيادين غرقا هو عدم أخذهم بتعليمات ونصائح أبناء الدار  العارفين بخبايا ‘المصيدة’، وتشبثهم بالاستمرار في الصيد بأماكن خطيرة على طول الشاطئ، خاصة على مشارف نقطة محفوفة بالمخاطر نسميها كصيادين قاطنين ‘حفرة السراط’”.

“تكفى فقط استشارة العارفين بالمنطقة من طرف الوافدين الجدد، وعدم المغامرة وتفادي الصيد بالمستويات الخطيرة؛ وهكذا سنتجاوز كابوس الموت الذي أصبح يخيم على المصيدة بشكل موسمي، ما جعلها تتحول في أعين الكثيرين إلى شبح مخيف”، يضيف المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس.

وختم إبراهيم حديثه بالقول: “حتى لا ننسى لا بد من الإشارة إلى أن هذه المنطقة في حاجة ماسة إلى مركز أمني للدرك أو القوات المساعدة، خصوصا بعد حالات السرقة التي سجلتها مؤخرا، إضافة حادث إضرام النار في سيارة أحد الصيادين، دون أن نغفل الكميات الكبيرة من المخدرات التي عثر عليها من طرف المصالح الأمنية وهي في طريقها للتهريب الدولي، وهي جميعها أمور تنادي بأمر واحد، وهو تعزيز الجانب الأمني”.

الاخبار العاجلة