العالم القروي بين تجاوز الاختلال ورهان التنمية

20 أكتوبر 2022آخر تحديث : الخميس 20 أكتوبر 2022 - 10:25 مساءً
أشرف كانسي
كتاب وآراء
العالم القروي بين تجاوز الاختلال ورهان التنمية

 

لا أحد يجادل حقيقة تأخر العالم القروي وتخلفه أمام التحديث الذي تعيشه المدينة يوما بعد يوم ، ولا أحد يجادل أيضا الهوة الشاسعة بين المجال الحضري والمجال القروي خلال العشر سنوات الأخيرة رغم الموارد المالية الضخمة التي خصصتها وزارة الفلاحة عبر برنامج “المغرب الاخضر” برسم سنة 2022 حيث ثم رصد غلاف مالي يقدر بـ6,72 مليار درهم، منها 2,15 مليار درهم، ستمول من طرف صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية بمساهمة الوزارة المعنية قصد تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي و الرفع من جهوزيته وتجاوز الاختلالات المجالية والبيئية التي تعوز أي تقدم تنموي بهذا الخصوص .

لكن واقع الحال ينذر بمآسي لا نظير لها بحيث أصبح من باب المستحيل إيجاد حلول جذرية تنهي كل المشاكل البيئية المتمثلة في الهشاشة ، نقص الأراضي الزراعية أمام زحف العمران ، تداعيات الجفاف وشح الأمطار، ناهيك عن الأمية التي فاقت 50% خاصة في صفوف النساء القرويات و ضعف الكفاءات البشرية الداعمة للتغيير وتراجع منسوب الثقة في البرامج التي تطبخ على عجل دون تفكير يوازي حجم الجهود المبذولة من قبل الدولة بهذا الخصوص، أضف إلى ذلك تقهقر دور المجتمع السياسي و المدني على حد سواء وضعف انخراطه في البرامج القطاعية نظرا لضعف التكوين و التأطير ، و الاستعانة بنماذج فاشلة لسد الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد في ظل الأزمة العالمية الحالية… الشيئ الذي جعل من إيجاد افكار تنموية جديدة تخرج العالم القروي من نموذج متأزم إلى نموذج متجدد وحداثي أمرا صعبا للغاية.

هذه العلاقة النرجسية الغير متكافئة تضع الأوضاع المعيشية لسكان البوادي على صفيح ساخن أمام تصحر مردود المؤسسات في ما يخص التسيير والتدبير وتنامي ظاهرة البؤس البيروقراطي المركزي الناتج عن استمرار القطبية ، و استفحال التسلط الإداري الموروث من قبل الباطرونا، والاستغلال المتنامي لمقدرات السكان .

إن تحقيق التنمية الحقيقية بالعالم القروي بما تفرضه المسؤولية والحكامة الجيدة لتدبير الشأن المحلي يستدعى تنزيل مشاريع مندمجة تهدف تحسين مستوى المعيشة للفلاحين وفك العزلة عن المناطق المعزولة وربطها بالمراكز القريبة لها مع الحفاظ على الموروث البيئي والثقافي الأصلي وإعداد قوانين تتلاءم مع خصوصيات المجالات القروية ومضاعفة الجهود بخصوص الوثائق التعميرية، بالإضافة الى تأسيس المراكز السوسيو اجتماعية التي من شأنها ربط جسور التواصل بين الأجيال المتعاقبة.

الاخبار العاجلة