الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية.. إثبات نفقات الإستثمار بين النص الجبائي والإجتهاد القضائي

11 يناير 2022آخر تحديث : الثلاثاء 11 يناير 2022 - 2:53 مساءً
admintest
سلايدرملفات قانونية
الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية.. إثبات نفقات الإستثمار بين النص الجبائي والإجتهاد القضائي

بقلم: المختار السريدي*

إن الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية شأنها شأن العديد من الضرائب لا يمكن إصدارها من طرف الإدارة إلا بعد ضبطها وتصفيتها واحتسابها بالكيفية القانونية الصحيحة والسليمة، حتى لا تكون عرضة للإلغاء أو إعادة النظر كلما تم الطعن فيها من طرف المتضررين منها ، و لذلك فإن عملية تحديد الربح الصافي العقاري المفروضة عليه الضريبة لابد و أن تتم وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 65 من المدونة العامة للضرائب ، بواسطة عملية طرح ما بين:

– ثمن التفويت بعد أن تسقط منه أو تخصم منه عند الإقتضاء مصاريف التفويت.

– و ثمن التملك أو الإقتناء أو الشراء بعد أن تضاف إليه مصاريف التملك (1).

لكن قبل الحديث عن هذا الموضوع بشكل مفصل ، يبدو من الضروري استعراض مقتضيات المادة 65 المذكورة التي جاء فيها ما يلي :

“يساوي صافي الربح المفروضة عليه الضريبة الفرق بين ثمن التفويت مطروحة منه إن اقتضى الحال مصاريف التفويت، وثمن التملك مضافة إليه مصاريف التملك.

I – ثمن التفويت مطروحة منه ، إن اقتضى الحال ، مصاريف التفويت .

يراد بثمن التفويت ثمن البيع أو القيمة التقديرية المصرح بها أو المعترف بها من لدن الطرفين أو أحدهما في العقد أو القيمة المحددة طبقا للمادة 224 أدناه .

ويباشر تصحيح الثمن المعبر عنه في عقد البيع أو في إقرار الخاضع للضريبة إذا ظهر أن هذا الثمن غير مطابق لقيمة الملك التجارية في تاريخ البيع وذلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 224 أدناه.

في حالة تفويت عقار أو حق عيني عقاري سبق للإدارة أن قامت بتصحيح ثمن تملكه أو ثمن تكلفته في حالة تسليم الشخص العقار لنفسه إما فيما يتعلق بواجبات التسجيل و إما فيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة ، فإن ثمن التملك الواجب اعتباره هو الثمن الذي تم تصحيحه من لدن الإدارة و الذي على أساسه دفع الخاضع للضريبة الواجبات المستحقة.

يؤخذ الثمن المحدد أعلاه كثمن تفويت لدى المفوت فيما يتعلق بالضريبة على الشركات و الضريبة على الدخل و الضريبة على القيمة المضافة.
يراد بمصاريف التفويت مصاريف الإعلانات الإشهارية و مصاريف السمسرة و مصاريف تحرير العقود الملقاة على كاهل المفوت ، و كذا التعويضات عن الإفراغ ، المثبتة بصفة قانونية .

تساوي قيمة تفويت العقارات المشارك بها في الشركات القيمة الحقيقية للحقوق التي يحصل عليها في مقابل المشاركة المذكورة.

II- يضاف إلى ثمن التملك مصاريف التملك و نفقات الإستثمار المنجزة و كذا الفوائد أو الربح المعلوم أو هامش الإيجار التي أداها المفوت إما مقابل قروض ممنوحة من لدن المؤسسات المتخصصة أو مؤسسات الإئتمان و الهيآت المعتبرة في حكمها المرخص لها قانونا بالقيام بهذه العمليات أو من لدن مؤسسات الأعمال الإجتماعية التابعة للقطاعين العمومي و شبه العمومي أو القطاع الخاص و كذا المنشآت ، و إما في إطار عقد المرابحة أو “إجارة منتهية بالتمليك ” المبرم مع مؤسسات الإئتمان و الهيآت المعتبرة في حكمها للقيام بعمليات التملك أو الإستثمار المشار إليهما أعلاه.

يراد بمصاريف التملك مصاريف و تكاليف العقد الصحيحة من رسوم تنبر و تسجيل و رسوم مدفوعة إلى المحافظة على الأملاك العقارية لأجل التحفيظ و التقييد و كذا مصاريف السمسرة و مصاريف العقود المتعلقة بتملك العقار المفوت ، و تقيم المصاريف جزافيا بنسبة 15 % من ثمن التملك ما عدا إذا أثبت الخاضع للضريبة أن المصاريف المذكورة تقدر بمبلغ أعلى .

يراد بنفقات الإستثمار نفقات تجهيز الأرض و البناء و إعادة البناء و التوسيع و التجديد و التحسين المثبتة بصفة قانونية.

يعاد تقييم ثمن التملك المضاف إليه كما هو مبين أعلاه بضرب هذا الثمن في المعامل المطابق لسنة التملك محسوبا من لدن الإدارة استنادا إلى الرقم الإستدلالي الوطني لتكلفة المعيشة . وفيما يخص السنوات السابقة لسنة 1946 يحسب المعامل استنادا إلى سعر جزافي نسبته 3 % عن كل سنة .

تشمل إعادة التقييم كذلك قيمة الإكتتاب أو التملك من لدن الشركات التي يغلب عليها الطابع العقاري المشار إليها في المادة 61 – II أعلاه فيما يتعلق بالأسهم أو حصص الفوائد أو حصص المشاركة.
إذا تعذر إثبات ثمن التملك أو نفقات الإستثمار أو هما معا ، قامت الإدارة بتقديرهما وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 224 أدناه .

في حالة تفويت عقارات وقع تملكها عن طريق الإرث ، يمثل ثمن التملك الواجب اعتباره مع مراعاة أحكام المادة 224 أدناه :

إما القيمة التجارية للعقارات ، يوم وفاة الهالك ، المقيدة في الجرد الذي أنجزه الورثة .

وإما إذا تعذر ذلك ، القيمة التجارية للعقارات يوم وفاة الهالك كما صرح بها الخاضع للضريبة .

في حالة التفويت بغير عوض ، يمثل ثمن التفويت أو التملك الواجب اعتباره القيمة المصرح بها في العقد مع مراعاة أحكام المادة 224 أدناه .

في حالة تفويت عقار وقع تملكه عن طريق الهبة المعفاة من الضريبة عملا بأحكام المادة 63 – III أعلاه ، يمثل ثمن التملك الواجب اعتباره :

إما ثمن التملك المتعلق بآخر تفويت بعوض ، مضافة إليه مصاريف الإستثمار المشار إليها أعلاه بما فيها المصاريف المتعلقة بالترميم و التجهيز .

وإما قيمة العقار التجارية عند آخر نقل للملكية عن طريق الإرث إذا وقع بعد آخر تفويت .

وإما ثمن تكلفة العقار إذا سلم الشخص العقار لنفسه .

يراد بثمني التملك والتفويت مع مراعاة أحكام المادتين 208 و 224 أدناه الثمنان المصرح بهما أو المعترف بهما من لدن الطرفين أو أحدهما.

في حالة فرض الضريبة بصورة تلقائية ، يساوي الأساس المفروضة عليه الضريبة ثمن التفويت مطروحة منه نسبة 20 %.

بعد استعراض هذه المقتضيات الجامعة المفصلة و المتعلقة بكيفية تحديد الربح العقاري الخاضع للضريبة ، فإن حديثنا هنا لن يكون كذلك بل سيقتصر فقط على ” نفقات و مصاريف الإستثمار” لما لها من أهمية في تحديد الربح العقاري حيث تضاف إلى قيمة و مصاريف التملك التي تطرح من قيمة التفويت و تؤثر بالتالي على الأساس الضريبي ، و من تم فلا يمكن الحديث عن أي استثمار كيفما كانت طبيعته أو شكله أو نوعه ، إذا لم يكن مثبتا كتابة أو لم يكن فيه تقويم أو تقدير ، و الإثبات أو التقدير أو التقويم شرط جوهري و ضروري في الإقرار الضريبي سواء بالنسبة للخاضع للضريبة أو بالنسبة للإدارة ، لأن تصفية الضريبة تبقى متوقفة على التصريح بتقدير محدد أو الإقرار بقيمة معينة .

وهذا التقدير يمكن أن يكون موضوع تصحيح أو تعديل من طرف مفتش الضرائب المكلف بمراقبة التفويتات ؛ إذا تبين له و بناء على المعطيات و المقارنات المتوفرة لديه أنه يفتقد إلى الإثبات الكافي أو غير مستنذ على أساس صحيح .

و يقصد بنفقات الإستثمار التي تتحدث عنها المادة 65 آنفة الذكر مجموع النفقات و المصاريف المنجزة من طرف المالك على ملكه العقاري ، والتي تضاف إلى ثمن التملك ومصاريف التملك و فوائد القروض و السلفات قصد تحديد الأساس الخاضع للضريبة ، وتشمل نفقات العقارات المبنية و نفقات العقارات غير المبنية :

أ – نفقات العقارات المبنية :

يقصد بنفقات العقارات المبنية نفقات عمليات البناء و إعادة البناء ؛ و عمليات التوسيع و التجديد و التحسين ، وجميع عمليات الترميم والتجهيز ؛ المثبتة بكيفية قانونية ، ولا تدخل في حكم ذلك عمليات الزينة و التنميق وكل عمليات الإصلاح التي تعطي للعقار رونقا و جمالية فائقين كالزخرفة و النقش و الصباغة و طلاء الحيطان المصنوع من الورق أو الموكيت أو البلاستيك المصنع أو الفلين (2) أو ماشابه ذلك ، و لو أننا نتحفظ كثيرا على استثناء الإدارة لهذه المصاريف الأخيرة من نفقات الاستثمار دون سند ، نظرا لأهميتها في إعطاء العقار القيمة والجودة التي تليق به و انعكاس ذلك على ثمن التفويت ، كما أنها قد تدخل في خانة ” عمليات التجديد و التحسين والترميم ” التي تكلمت عنها الفقرة الثانية من المادة 65 من المدونة العامة للضرائب ، و بالتالي فلا يعقل عدم إدراجها ضمن نفقات ومصاريف الإستثمار المنجزة بموجب مذكرة تفسيرية صادرة عن الإدارة.
ب – نفقات العقارات غير المبنية :

يقصد بنفقات العقارات غير المبنية النفقات المنجزة على الأراضي الفضاء أو الأراضي العارية سواء كانت معدة للبناء أو للفلاحة أو لأي استثمار كيفما كان نوعه ، فبالنسبة للأراضي المعدة للبناء تشمل تلك النفقات نفقات تجهيز الأرض و تقطيعها و توزيعها على شكل قطع أو بقع كاملة التجهيز و مخصصة لاستعمالات مختلفة .

أما بالنسبة للأراضي المعدة للفلاحة ، فإن النفقات تشمل نفقات الإعداد و التجهيز و تنقية الأراضي من الأحجار و الأشواك و الأعشاب ، و ردم الحفر و تسوية الأرض و مدها بالري وبآلات و أنظمة السقي المختلفة و المتنوعة سواء باستعمال السواقي أو بالتنقيط الموضعي أو بالأدرع المحورية ، و ما إلى ذلك من إصلاح و استصلاح و غرس …

إلا أن السؤال الذي يبقى مطروحا بإلحاح شديد والذي يؤرق بال العديد من الخاضعين للضريبة و حتى بعض مفتشي الضرائب هو كيف يتم إثبات نفقات ومصاريف الإستثمار في حالة تعذر الإثبات الكتابي مع وجود استثمارات على أرض الواقع ؟

إن الاستثمارات التي أنفقها المفوت قبل قيامه بعملية التفويت ، يجب أن تكون مثبتة بالكيفية القانونية كما أشارت إلى ذلك المادة 65 في فقرتها الثانية ، ومن الأفضل إثباتها عن طريق الكتابة سواء في ورقة رسمية أو ورقة عرفية أو بطريقة إلكترونية ، و غالبا ما يكون الإثبات عبارة عن فاتورات مقبولة أو أوراق ذات دلالة واضحة أو وثائق خاصة تقوم مقامها أو وثائق محررة على دعامة إلكترونية و التي لها نفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثائق المحررة على الورق ( المادة 417 من قانون الالتزامات والعقود ) .

أما من الناحية الجبائية فقد جاء في المادة 146 من المدونة العامة للضرائب ما يلي :

” يجب أن تكون عمليات شراء السلع والخدمات التي يقوم بها الخاضع للضريبة لدى بائع خاضع للرسم المهني ، منجزة فعليا و مثبتة بفاتورة قانونية لها قوة الإثبات تحرر في اسم المعني بالأمر.
عندما تعاين الإدارة أنه تم تحرير فاتورة من قبل أو بإسم مورد مخل بالإلتزامات المتعلقة بالإقرار والأداء المنصوص عليها في هذه المدونة و عدم وجود نشاط فعلي ، فإن الخصم المطابق لهذه الفاتورة لا يتم قبوله …

ويجب أن تتضمن الفاتورة أو الوثيقة التي تقوم مقامها نفس البيانات المذكورة في المادة 145 ( III – VIII ) أعلاه . ” (3)

و لكي تكون الفاتورة صحيحة بكل ماتحمله الكلمة من معنى يجب أن تكون وفق شكل معين و أن تكون مؤرخة و مسحوبة من سلسلة متصلة أو مرقمة مسبقا أو مطبوعة بنظام معلوماتي وفق سلسلة متصلة كذلك و موقعة و مدموغة و مختومة و مدققة و مفصلة بعناية من طرف التاجر أو المقاول الذي قام بتسليمها في مقابل سلع أو خدمات أو أشغال ، هذا الأخير و بصفته خاضعا للضريبة يجب عليه أن يدون بها هويته التعريفية و الجبائية و التجارية و الإجتماعية ، بالإضافة إلى الإسم الكامل للزبون أو المستفيد و عنوانه و نوعية السلع و البضائع و كميتها و أثمنتها و طبيعة الأشغال المقدمة و الخدمات المنجزة ، و مبلغ الضريبة على القيمة المضافة و مراجع و كيفية الأداء ، و جميع المعلومات و البيانات الأخرى الواردة بشكل مفصل بالمادة 145 من المدونة العامة للضرائب .

فبالنسبة للعقارات التي وقع بناؤها سواء كليا أو جزئيا ، يجب أن تكون الفاتورات مسلمة خلال المدة الفاصلة بين تاريخ بداية الأشغال أو انطلاق الورش أو تاريخ رخصة البناء أو رخصة الإحتلال المؤقت لغرض البناء ؛ و بين تاريخ نهاية الأشغال أو تاريخ رخصة السكن أو شهادة المطابقة أو رخصة الربط الكهربائي النهائية أو شهادة إدارية مسلمة من المصالح المكلفة بالتعمير تثبت وضعية البناء .

أما بالنسبة للأراضي و الضيعات و المستغلات ذات الطبيعة الفلاحية ، فيجب أن تكون الفاتورات مسلمة خلال الفترة الممتدة من تاريخ التملك أو الاقتناء إلى تاريخ التفويت أو انتقال الملكية ، مع الأخذ بعين الإعتبار الأشياء والآلات والتجهيزات القابلة للإهتلاك أو الإندثار. هذا إذا كان الدليل الكتابي ورقيا كان أم إلكترونيا متوفرا و موجودا قصد إثبات قيمة الإستثمار ، أما إذا تعذر على المفوت الإثبات بهذه الوسيلة ، كلا أو بعضا بسبب ظرف من الظروف ، فإن قيمة الإستثمار يمكن أن تكون موضوع تقدير من طرف المفوت نفسه مع بيان لتاريخ و طبيعة الأشغال المنجزة ، كما يمكن له أن يستعين بخبير محلف أو بذوي الإختصاص في عملية التقدير تلك التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار خصوصيات و مميزات العقار الذي وقع تفويت ملكيته و موقعه و مساحته و محيطه و طبيعته و شكله … و إلا باشرت الإدارة الضريبية مسألة التقدير وفق المقتضيات المنصوص عليها بالمادة 224 من المدونة العامة للضرائب (4) .

فنحن إذن نكون إما أمام عملية تقدير من طرف الخاضع للضريبة في حالة غياب أو تعذر إثبات قيمة الإستثمار ، وإما أمام عملية إعادة التقدير من طرف الإدارة الضريبية في حالة وضع الخاضع للضريبة لتقديرات خيالية أو مبالغ فيها أو لا تمت بصلة للواقع أو للعقار المفوت ، أما رفض هذه التقديرات جملة و تفصيلا ؛ فالأمر يبدو غير مقبول و غير منطقي و غير مستساغ واقعا وقانونا .

وفي هذا الشأن صدر عن محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش بتاريخ 15 دجنبر 2021 قراران وجيهان الأول تحت عدد 2125 رقم 2021/7209/1034 والثاني تحت عدد 2126 رقم 2021/7209/1035 جاء فيهما ما يلي : ” وحيث لما كان النزاع يتمحور حول مبلغ الإستثمارات المصرح بها من طرف المستأنف عليه و لما كانت المادة 65 من المدونة العامة للضرائب قد نصت على أن نفقات الإستثمار هي نفقات تجهيز الأرض و البناء و إعادة البناء و التوسيع و التجديد و التحسين المثبتة بصفة قانونية ، و لما كانت وثائق الملف خالية من أية حجة كتابية تثبت وجود الإستثمارات التي يدعي المستأنف عليه بأنه قام بها على العقار قبل بيعه وكذا النفقات التي تكبدها و التي قامت إدارة الضرائب باستبعادها في غياب رخصة البناء و رخصتي حفر واستغلال البئر وكذا غياب الفواتير المثبتة لها ، فإن اللجنة المحلية بمقتضى قرارها المطعون فيه لما قضت بتأييد موقف الإدارة بتصحيح إقرار المستأنف عليه واستبعاد مبلغ الإستثمارات كليا تكون قد عللت قراراها وركزته على أساس و يكون الطعن فيه غير مؤسس يتعين رفضه ، وهو ما انتهى خلافه الحكم المستأنف فيكون قد جانب الصواب يتعين إلغاؤه والحكم تصديا برفض الطلب .”

فهذان القراران قاما بإلغاء الحكمين الصادرين عن المحكمة الإدارية بأكادير لمصلحة الطاعن ضد الإدارة الضريبية وتأييد المقررين الصادرين عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بتارودانت بتاريخ 04يوليوز 2019 في الملف عدد2018/16 والملف عدد 2018/18 اللذين أصدرت فيهما اللجنة مقرريها بتأييد موقف الإدارة الضريبية .

وإذا كانت العديد من المنازعات التي تنشب ما بين الخاضعين للضريبة والإدارة الضريبية تنصب حول نفقات الإستثمار مثبتة كانت أم غير مثبتة مما يؤدي إلى استنزاف جهد الطرفين وضياع الوقت واستهلاكه ، فإنه يكون من الأجدر لهذه الإدارة – وهي تجنح اليوم إلى التبسيط والتوحيد سواء على مستوى الإجراءات والمساطر أو على مستوى المعدلات والأسعار ، فيما يخص عددا من الضرائب والرسوم كما هو الشأن بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بعمليات البناء التي أصبحت ب ” لوك ” جديد استحسنه العديد من الخاضعين للضريبة وأقبلوا على الأداء أفواجا ، أو بالنسبة لضريبة التسجيل التي تؤدى بكل طواعية وأريحية ودون أدنى مراوغة أو تلكؤ – أن تعيد النظر اليوم – أي الإدارة – في طريقة احتساب وتصفية الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية بتوحيد أسعارها في سعر واحد مفروض على الربح مع حد أدنى مفروض على الثمن كما كان معمولا بذلك في السابق ، لأن عملية الإحتساب تلك و بالطريقة المشار إليها بالمادة 65 من المدونة العامة للضرائب ، تبدو معقدة و غير واضحة و مرهقة نوعا ما سواء بالنسبة للموظف الضريبي أو بالنسبة للخاضع للضريبة ، بسبب كثرة وتنوع الوثائق و الأوراق المتطلبة من قبيل عقود التفويت و التملك و المصاريف و نفقات الإستثمار المرتبطة بها و التي غالبا ما تكون عبارة عن فاتورات يتفنن بعض الأشخاص سواء كانوا ذاتيين أو معنويين في اختراعها و تنميقها و بيعها في السوق السوداء ، مما يفسح الباب أمام أشكال و أنواع منوعة من التهربات والتملصات من أداء الواجبات الضريبية .

و لذلك فإننا ندعو الإدارة الضريبية – وهي مجندة الآن عن بكرة أبيها من أجل محاربة هذه الأشكال و الأنواع الإحتيالية – أن تبحث عن طريقة مبسطة لاحتساب هذه الضريبة شبيهة بطريقة احتساب الضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بما يقدمه الشخص لنفسه من عمليات بناء أو بضريبة التسجيل ، حتى يرتاح الخاضعون للضريبة من الطواف هنا و هناك بحثا عن فاتورات وأوراق ثبوتية مكتوبة ورقية أو إلكترونية ليعززوا بها إقراراتهم .

وهذا كله من أجل إصلاح و مواصلة إصلاح العلاقة مع الخاضعين للضريبة والرفع بها إلى مكانة تحترم فيها الحقوق و الواجبات ، حتى نكون على موعد حقيقي مع ورقة الطريق التي رسمتها المديرية العامة للضرائب لنفسها و تكفلت بتنفيذها وحثت موظفيها و مفتشيها على العمل بها (5) ، امتثالا للتعليمات الملكية الواردة في الخطاب الملكي ليوم الجمعة 14 أكتوبر 2016 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان الذي جاء فيه : ” إن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات هو خدمة المواطن ، و بدون قيامها بهذه المهمة ، فإنها تبقى عديمة الجدوى ، بل لا مبرر لوجودها أصلا… فالغاية منها واحدة ، هي تمكين المواطن من قضاء مصالحه ، في أحسن الظروف و الآجال وتبسيط المساطر و تقريب المرافق والخدمات الأساسية منه … ”

هوامش :

1 – انظر مقالنا المنشور بجريدة العلم عدد 21592 بتاريخ 17/02/2010 تحت عنوان : ” كيفية تحديد الربح العقاري الخاضع للضريبة على الدخل .”

2 – انظر المذكرة التفسيرية عدد 709 صفحة 53 الصادرة عن المديرية العامة للضرائب والمتعلقة بالمقتضيات الجبائية لقانون المالية للسنة المالية 2001 .

3 – هذه المادة تم تتميمها وإعادة صياغتها بموجب البند الأول من المادة الثامنة من قانون المالية للسنة المالية 2016 و البند الأول من المادة السادسة من قانون المالية للسنة المالية 2017 .

4 – لا نكاد نتفق جملة وتفصيلا مع البعض من مفتشي الضرائب المكلفين بتصحيح الأساس الضريبي الذين قد يعمدون إلى رفض استثمارات ومصاريف بناء عقار مقدرة جزافا من طرف أشخاص لايتوفرون على فاتورات بناء مكتوبة أو كانوا لا يطلبونها أو كانوا يجهلون ذلك أو كان يعوزهم الدليل الكتابي ؛ بحكم أنهم قاموا بعمليات بناء على مراحل أو كلما توفرت لهم الإمكانيات أو سنحت لهم الظروف ، رغم أن شكل وطبيعة ووضعية العقار المفوت من تاريخ تملكه إلى تاريخ تفويته أصبحت مختلفة و توحي بأن هناك مصاريف قد تم صرفها لكنها غير مثبتة كتابة

كما لا نكاد نتفق مع بعض المفتشين المجتهدين الذين قد يعمدون إلى رفض فاتورات قانونية بحجة عدم إثباتها برخصتي بناء و سكن أو أي وثيقة تقوم مقامهما ؛ رغم أن مضمونها يؤكد صلتها الوثيقة بالعقار الذي وقع تفويت ملكيته ؛ فلا يعقل مثلا أن نرفض استثمارات بناء بالنسبة لمنزل سكني تملكه صاحبه بموجب عقد كتابي و هو عبارة عن بقعة أرض عارية و فوته إلى غيره و هو منزل تام البنيان ، لأن الواقع يقول بأن الأرض قد تحولت إلى بناء و أن صاحب الملك هو من قام بذلك ، ولا يعقل كذلك أن لا نقبل استثمارات منجزة على أرض فلاحية بيضاء من تجهيز و استصلاح و غرس و ري من طرف صاحبها الذي اقتناها على حالة وفوتها وهي على حالة جديدة و مغايرة .

5 – انظر مذكرة التوجيه العامة ” Note d’Orientation Générale ” لسنة 2017 الصادرة عن المديرية العامة للضرائب بتاريخ 02 فبراير 2017 .

* باحث ضريبي

الاخبار العاجلة