البيجيدي ومحاولة إفساد فرحة الحكومة والنقابات!

4 مايو 2022آخر تحديث : الأربعاء 4 مايو 2022 - 12:25 صباحًا
admintest
كتاب وآراء
البيجيدي ومحاولة إفساد فرحة الحكومة والنقابات!

لم يمض على خروج حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية قائد الائتلاف الحكومي لولايتين متتاليتين الأولى برئاسة عبد الإله ابن كيران والثانية برئاسة سعد الدين العثماني سوى بضعة شهور، بعد أن حكمت عليه انتخابات الثامن شتنبر 2021 ب”الإفراغ” وتسليم “المقود” لحليف الأمس رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، والعودة خائبا للمعارضة إثر تقهقره إلى المرتبة الثامنة ب”13″ مقعدا فقط في مجلس النواب.
حتى خرج صباح يوم الأحد فاتح ماي 2022 عبد الإله الحلوطي الكاتب العام للذراع النقابي للحزب “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”. وهو ذات “الاتحاد” الذي فقد حضوره في الحوار الاجتماعي مع الحكومة و”الباطرونا” ضمن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، بعد أن فشل بدوره في تجاوز عتبة 6 في المائة من الأصوات القانونية، إبان انتخابات ممثلي المأجورين برسم سنة 2021، محتلا بذلك المركز الخامس. إذ استغل فرصة الاحتفالات بعيد الشغل، ليهاجم الاتفاق الاجتماعي الموقع يوم السبت 28 رمضان 1443 الموافق ل(30 أبريل 2022) بين المركزيات النقابية: الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل مع الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث وصفه في كلمة له خلال التظاهرة التي نظمتها نقابته وسط الرباط ب”اتفاق المهزلة”، مبرهنا على ذلك بكونه لم يسفر عما يوازي بين الأسعار والأجور في السوق الوطنية، ومنتقدا مضامينه التي جاءت مخيبة للآمال، جراء عدم الإتيان بما يخفف عن المواطنين من أعباء الغلاء وانعكاساته على قدرتهم الشرائية.
ولأنه لم يتخلص بعد من آثار صدمة الانكسار وجروح الهزيمة النكراء التي مني بها الحزب والنقابة في انتخابات 2021، فإنه لم يتردد في نعتها بالانتخابات المزورة نقابيا وسياسيا والأسوأ في تاريخ المغرب، وخص بالذكر نتائج انتخابات المأجورين التي أفرزت خريطة نقابية مشوهة لا تعكس حقيقة العمل النقابي. كما لم يفته التشديد على ضرورة مراجعة القوانين، ناسيا أنها هي ذات القوانين التي ظلت تمنح حزبه ونقابته الصدارة في السابق، فما الذي تغير اليوم؟! الذي تغير بكل تأكيد هو أن المواطن والأجير كشفا حقيقة ألاعيب وازدواجية الخطاب لدى قيادات “البيجيدي”.
ثم أليس من التناقض أن يعلق “الحلوطي” على الاتفاق الاجتماعي الثلاثي بنوع من السخرية، قائلا: “تمخض الجبل فولد فأرا” ويصفه بالشكلي والفارغ الذي لا يشرف نقابته “العتيدة” أن توقع اتفاقات من هكذا نوع، ثم يعود لينتقد في معرض “هذيانه” إقصاءها من الحوار الاجتماعي، ويقول بأن معظم النقط الواردة في الاتفاق الحالي، تكاد لا تختلف كثيرا عن تلك التي جاء بها الاتفاق الذي رفضت المركزيات النقابية التوقيع عليه مع عميدهم ابن كيران في عام 2016؟ والأكثر من هذا أنه أشار إلى أن الحكومة استقالت من مسؤوليتها في حماية القدرة الشرائية للمغاربة من الغلاء المستشري، مشددا على أنه لا ينبغي أن تكون جائحة “كوفيد -19” ولا الظروف الدولية الصعبة مبررا لعدم اتخاذ ما يلزم من إجراءات حقيقية في جعل المواطن يعيش حياة مريحة، وكأن ذات المواطن كان يرفل في بحبوحة العيش الكريم في عهد حكومتي البيجيدي على امتداد عقد من الزمن.
ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد من الانتقادات الهوجاء، إذ لم يلبث أن خرج كبيرهم الأمين العام الحالي لحزب “المصباح” ورئيس الحكومة الأسبق عبد الإله ابن كيران على ذلك الجمهور العريض، الذي لا يعرف أحد كيف وبأي طريقة تم حشده لهذا المهرجان الخطابي؟ حيث لم يدع المناسبة تمر دون إفراغ غله وحقده في حليف الأمس ومن يقف إلى جانبه، موجها مدفعيته الثقيلة في البداية للمركزيات النقابية، مدعيا أن ما سبق لحكومته اقتراحه قبل سنوات أحسن بكثير، ثم عاب على بعضها خوفها من إحياء العيد العمالي ووصفها ب”الهشاشة”، لتفريطها في هذا الاحتفال السنوي والتذرع بكونه جاء متزامنا مع عيد الفطر، متهما إياها بتكريس جهودها في خدمة مصالح “الباطرونا” عوض مصالح العمال والمأجورين، محرضا العمال المنضوين تحت لوائها على ضرورة الكشف عن حقيقة مواقفها.
وفي ذات الوقت ادعى أن حكومة أخنوش وصلت إلى سدة الحكم بواسطة المال والنفوذ ودعم رجال السلطة والكذب والخداع، وهاجمها بشدة لعدم استدعائها نقابة حزبه لحضور التوقيع على الاتفاق الاجتماعي، مبديا تأسفه على أن يصبح المغرب تحت حكم أشخاص يشتبه في ثرواتهم الطائلة والفاحشة، بدل تلك الشخصيات السياسية والثقافية والعلمية التي كانت تحكمه بالأمس. ومستنكرا استهداف أطر حزبه وأعضاء ذراعه النقابي، عبر إعفائهم من مناصب المسؤولية في المؤسسات العمومية، وما إلى ذلك مما عودنا عليه من شعبوية و”بهلوانيات”.
نحن هنا وإن كنا نقر بأن الاتفاق الثلاثي لا يرقى إلى انتظارات الطبقة العاملة والمجتمع، فإننا نثمن هذه الخطوة على أمل أن تعقبها خطوات أخرى أكثر جرأة. وكما أننا لسنا ضد إبداء الرأي مهما اختلفنا مع صاحبه، لإيماننا الشديد بالديمقراطية واحترام القوانين والأعراف السياسية، ولا ضد معارضة الحكومة وانتقاد المركزيات النقابية، لكننا نرفض المزايدات السياسوية والرغبة في محاولة الثأر وتصفية الحسابات الشخصية والحزبية الضيقة، التي لن تخدم مصالح كافة المواطنين المغاربة.
فما لم يستطع الكثيرون استساغته، هو أن يأتي “إطلاق النار” على الحكومة والنقابات الكبرى من قبل حزب لم يبرع قادته سوى في تقويض القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، واتخاذ من القرارات اللاشعبية ما أجهز على أهم المكتسبات الاجتماعية من قبيل الإضراب، التقاعد، تقليص مناصب الشغل في الوظيفة العمومية…

اسماعيل الحلوتي

الاخبار العاجلة