آيت اعميرة .. خصاص تنموي مهول وإرادة حاضرة لتغيير معالم المركز

21 فبراير 2022آخر تحديث : الإثنين 21 فبراير 2022 - 5:40 مساءً
أشرف كانسي
أخبار سوسسلايدر
آيت اعميرة .. خصاص تنموي مهول وإرادة حاضرة لتغيير معالم المركز

رشيد بيجيكن

تعتبر جماعة آيت اعميرة من أكبر الجماعات بالوسط القروي من حيث الكثافة السكانية بجهة سوس ماسة، إذ تعد منطقة استقطاب واستقرار اليد العاملة بالقطاع الزراعي القادمة من مختلف جهات المغرب؛ وذلك بحكم تمركز استثمارات كبرى في القطاع الفلاحي بالمدار السقوي لسد يوسف بن تاشفين، فضلا عن وحدات تلفيف وتصدير الخضر، مما جعل هذه الجماعة في صراع دائم مع إيجاد الحلول لقضايا متشعبة أفرزتها تلك التحولات الديمغرافية والعمرانية.

فباستثناء المؤشر الأمني الذي تميز بانخفاض معدل الجريمة والتصدي الاستباقي لمختلف مظاهرها بفعل الحملات المتواصلة للمصالح الدركية التي تميزت بالنجاعة وسرعة التدخلات أفضت إلى فك لغز عدد من الجرائم الماسة بسلامة الأشخاص والممتلكات وتوقيف الضالعين في قضايا جنحية وجنائية متنوعة، فإن مستوى الخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطن بهذه الجماعة يستقر في أسفل المؤشرات، فطغت العشوائية على كل المناحي.

الزائر لمركز آيت اعميرة ولبعض الدواوير المجاورة له لن يجهد نفسه في اكتشاف الخصاص المهول في البنيات التحتية الأساسية، وأن المركز بات على حاله لعقود، فقطع الطريق التي تخترق المركز سيتم بصعوبة بفعل غياب الأرصفة لمرور الراجلين وانتشار الباعة غير المنظمين. وأمام المؤسسات التعليمية، يبدو أن الاكتظاظ هو سيد الموقف، والأمر ذاته مع المؤسسات الصحية التي لا تقدم غير خدمات ضئيلة للمرتفقين؛ غير أن أكبر معضلة هي مشروع الواد الحار بجنبات المركز.

Ait Amira 3 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

وفي هذا الصدد، قال سعد الدين بنسيهمو، حقوقي وابن المنطقة، إنه يعبر عن استنكاره لما يحدث بحي العرب وحمر، “في ظل صمت رهيب من مختلف فعالياته، وأطالب القائمين على تدبير الشأن العام المحلي بالتدخل من أجل وضع حد لمعاناة الساكنة مع مشكل الواد الحار الذي يخلف روائح كريهة قد تهددهم، وخصوصا الأطفال، ببعض الأمراض المزمنة”.

وتابع المتحدث: “أتهم المجلس الجماعي لآيت عميرة لعدم القدرة على حل مشكل الواد الحار الذي طال أمده، وأصبحت معه الساكنة مهددة بالرحيل الجماعي بحثا عن مكان آمن، بفعل انتشار روائح كريهة وكذا سيول من المياه العادمة التي تمر من أمام مختلف المؤسسات التعليمية وكذا بالقرب من البئر التي تزود معظم أحياء آيت عميرة بالمياه الصالحة للشرب والتي أضحت هي الأخرى ملوثة بفعل الترسبات”.

من جانبه، قال علي البرهيشي، رئيس الجماعة الترابية لآيت اعميرة، إن “ساكنة الجماعة تتجاوز اليوم 100 ألف نسمة، وجلها تستقر في مركز الجماعة والدواوير المجاورة. وبحكم اعتبار هذه الجماعة منطقة استقطاب واستقرار يد عاملة في المجال الفلاحي قادمة من مختلف مناطق المغرب ومن الدول الإفريقية جنوب الصحراء، فرض كل ذلك التحديات والرهانات في المجال التنموي”.

Ait Amira 4 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

وفيما لم ينكر المسؤول المنتخب سيطرة العشوائية على مختلف مناحي الحياة في مركز آيت اعميرة، فقد رأى أن السبيل الوحيد من أجل تجاوز تلك العشوائية هو مشروع التطهير السائل، بغية المرور إلى بناء آيت اعميرة جديدة منسلخة عن تلك الصفة التي ظلت لصيقة بها لعقود بسبب توالي سنوات من التدبير الجماعي ساهم في تعميق تلك العشوائية التي أثمرت واقع المركز والدواوير المجاورة اليوم، في غياب، حينها، أية تصورات لتجاوز هذا الواقع المرير”.

وفي هذا الصدد، أورد علي البرهيشي، أنه “وبفضل التدخل الفعلي والترافع القوي للسلطات الإقليمية، تمكنا من تعبئة موارد مالية من أجل إنجاز الدراسة المتعلقة بمشروع التطهير السائل، إذ إن مكمن تدخل السلطة الإقليمية تجلى في قبول المشروع رغم أن الجماعة هي التي تسير مشروع الماء، حيث إن من بين معايير إنجاز مشروع التطهير هو ضرورة تدبير خدمة الماء من طرف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وهو ما سيشكل قفزة نوعية نحو تنمية حقيقية بهذه الجماعة”.

ومن أبرز تجليات الفوضى والعشوائية التي تغرق فيها الجماعة، وفقا لرئيس المجلس، “المشروع الفاشل المتعلق بالواد الحار في دوار العرب، الذي تم إنجازه في غياب أية دراسة، وأصبح اليوم مصدرا للأضرار البيئية والصحية، إذ بمجرد امتلاء الحفر المكشوفة المنشأة وسط منطقة آهلة لتجميع المياه العادمة، تفيض لتشكل مجاري لمياه آسنة في الأحياء والطرقات توزع الروائح الكريهة على الساكنة والمارة والتلاميذ. وفي إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، سندرس في دورة لاحقة طلب محاسبة من وراء المشروع الفاشل، الذي يكلف اليوم الجماعة أموالا طائلة من أجل إفراغ الحفر”.

Ait Amira 2 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

وفي القطاعات الاجتماعية الأخرى، لاسيما تلك فرضت الكثافة السكانية ضغطا عليها، التعليم والصحة على الخصوص، فالجماعة “تعاني من اكتظاظ داخل المؤسسات التعليمية، ويعد غياب الوعاء العقاري أكبر عائق من أجل تعزيز العرض التربوي، وسنسلك مسطرة نزع الملكية في أراضي الجموع لبناء مؤسسات تعليمية جديدة. أما قطاع الصحة، فيعد خصاص الأطر تحديا لتيسير ولوج الساكنة إلى الخدمات الصحية، فلا يعقل وجود طبيبين فقد لأزيد من 100 ألف نسمة. والحال نفسه مع المساحات الخضراء. كما أن دار الشباب وسط المركز ما زالت مستمرة في الإغلاق، رغم كون مؤسسات مماثلة في المغرب فتحت أبوابها بعد تحسن مؤشرات الوباء”.

وفي جانب آخر، ومع حلول كل موسم صيف أو حتى في الفصول الأخرى، تشهد المنطقة انقطاعات متكررة للماء، أخرجت ولا تزال الساكنة للاحتجاج عن انقطاع الماء من جهة وعن تلوثه من جهة أخرى.

وفي هذا الإطار، اعتبر علي البرهيشي أن “الجماعة غير قادرة على تدبير هذا المرفق، ومن المنتظر إسناده لذوي الاختصاص في إطار مشروع تزويد آيت عميرة وسيدي بيبي بالماء انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر لاشتوكة”.

Ait Amira 5 - جريدة سوس 24 الإلكترونية

وأضاف المسؤول الجماعي ذاته: “كما أن مشكل السوق مطروح أيضا، ونبحث عن وعاء عقاري لاحتضانه وتحويل السوق الحالي إلى سوق يومي، حيث نلاحظ اليوم عدم تمكن السوق من استيعاب حجم الأنشطة الحرفية والتجارية وامتداده إلى فضاءات خارجية وإلى الشوارع والأزقة”.

هي إذن جماعة تعيش على وقع العشوائية والفوضى والخصاص في مختلف الجوانب؛ فالكثافة السكانية المرشحة للارتفاع فرضت واقعا مرا وطلبا متزايدا على السكن والتعليم والصحة وغير ذلك، تحاول السلطات الإقليمية دعم الجماعة الترابية لتغيير معالم المركز وجوانبه، وفرض الصرامة في مجال التعمير أمكن من وقف نزيف البناء الفوضوي المشوه للمنظر العام؛ لكن ذلك ينبغي أن تسايره تدخلات نوعية لأصحاب الاستثمارات الكبرى في المجال الفلاحي التي تشغل الساكنة، لمسايرة المجهود المبذول لتوفير ظروف مثلى للعيش للمواطنات والمواطنين بدل التملص من المسؤولية الاجتماعية ومواصلة الإضرار بالبنية التحتية من طرق وفرشة مائية.

الاخبار العاجلة