مزايا الطاعون الجديد

19 مارس 2020آخر تحديث : الإثنين 24 مايو 2021 - 2:24 مساءً
admintest
الأخبار
مزايا الطاعون الجديد

ذ . عبد العزيز بوسهماين

بغض الطرف عن متاهة الغوص في حيثيات الحرب الجرثومية الحديثة الدائرة بين أعتى الدول والتي رمت بشظايا نيرانها علينا بفعل العولمة التي جعلت العالم قرية صغيرة فلوثت كل شيء، وبصرف النظر عن حجم تقاعس حكومتنا – منذ البدأ – في حماية البلد من تسرب هذا الطاعون المستجد الذي أراد صانعوه أن يدخل كل الأمصار ويصير بطلا عالميا بلا منازع ، فان لهذا الطاعون الخبيث الملقب ب كورونا مزايا كثيرة فضلا عن مساويئه المتعددة :

فقد استطاع هذا الفيروس المجهري أن يضعنا رهن تدابير الحراسة النظرية المنزلية بشكل اجباري وتطوعي في نفس الوقت ، وجعلنا نتعرف عن كثب على أسرنا ونتقاسم معهم الأخبار والنكت و التعلمات والمخاوف ، ونتشارك معهم جميع وجبات الطعام اليومية على غير العادة .

تمكن هذا الجبار أن يتحول الى أقوى ناه عن المنكر بالقوة ، فتمكن من اغلاق الملاهي الليلية والكازينوهات ومقاهي الشيشة والفنادق فنزل معدل استهلاك الخمور والمخدرات وارتكاب الرذائل الى أدنى مستوى .

استطاعت هذه الجائحة أن تخلي شوارعنا من الضجيج اليومي والليلي وأن تقلل من حوادث السير ومن الشجارات المجانية التي تعرفها الأسواق والادارات والطرقات وكذا الشكايات أمام المحاكم ومراكز الأمن والدرك …

تمكن هذا اللعين من توحيد كلمتنا وترصيص صفوفنا ، فصرنا لا نقول الا كورونا ، ولا نتحدث الا عن كورونا ، ولا نخاف الا من كورونا ولا نضحك الا بكورونا … ونتضرع الى الله أن ينجينا من كورونا …
بفضله تمكننا في ظرف قياسي من جمع مبلغ خيالي من المال ، أيقظ فينا فضيلة التضامن ، فظهر الرجال من أغنياء وطني وعقلاؤه ، واختفى أشباه الرجال الذين لا يتقنون سوى النهيق ولا يتبرعون (بالعامية) بأموال الريع أو غيره الا بين أحضان أسرهم ، لكنهم يخفون رؤوسهم في الرمال عند كل عاصفة …

جعلنا هذا المجرم العظيم نفهم أنه في وقت الشدة تختفي التفاهة ويختفي التافهون ، بينما تظهر الحاجة الكبرى للعلم وللرجال والنساء من العلماء وحماة الأمن ….كما تظهر الحاجة للبدل والعطاء والتضحية والجد …
جعلنا هذا الفتاك سواسية أمام الخوف من المرض ، فلا أحد سيتبجح علينا بالسفر الى فرنسا أو ايطاليا أو أمريكا للعلاج …

كشف لنا هذا الخبيث على أننا أمة أمية ضاحكة مستهزئة و مهترئة لا تقوى على النكبات وان صغرت فما بالك ان كبرت ، وأننا أمة بطنية نصطف في مؤخرة ركب الأمم بعد أن كنا في مقدمتها .
علمنا هذا الفيروس الحقير أن لا نتجبر على أحد منذ اليوم وأن لا نتكبر على الله ، وأننا كلما ظننا أننا قادرون عليها ، أتانا أمر الله ليلا أو نهارا فجعلنا أخوف من أضغر خلقه .

كورونا علمتنا دروسا عظيمة وجب علينا مراجعتها بعد النجاة باذن الله من حمتها . وقبل ذلك ، ونحن في معتقلاتنا المكيفة والمهيئة والمكتنزة لما لذ وطاب من الأغذية لا يجب أن ننسى أن أسرا بجوارنا قد تموت خوفا من الجوع والحاجة قبل أن تصاب بفيروس كورونا.

الاخبار العاجلة