حكومة الحمامة .. الهوية تتضح

18 سبتمبر 2021آخر تحديث : السبت 18 سبتمبر 2021 - 8:46 مساءً
admintest
كتاب وآراء
حكومة الحمامة .. الهوية تتضح

– بقلم : عزيز لعويسي
النتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس النواب منحت الصدارة للفرسان الثلاثة، ويتعلق الأمر بالتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، وهو ذات الترتيب تقريبا، الذي حضر في النتائج الخاصة بالانتخابات الجهوية والجماعية بمستويات مختلفة، وبقدر ما أبان الترتيب العام أن الطريق معبدة أمام قائد الحمامة لتشكيل الحكومة بدون لغط أو جدل أو بلوكاج، بقدر ما تجلت بعض معالم الغموض والضبابية بخصوص الوضعية التي ستكون عليها المعارضة، التي لابد أن يقودها فريق برلماني قوي، ومن خلالها وضعية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي حل رابعا، فيما إذا كان سينضم إلى التحالف الحكومي المرتقب أم سيركن إلى المعارضة، دون إغفال وضعية أحزاب أخرى كان لها حضورا في معظم التجارب الحكومية السابقة، ونخضر بالذكر الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري.

لكن يبدو أن المشاورات تتقدم في اتجاه بناء تحالف حكومي واقعي يحترم ما أسفرت عنه الانتخابات من نتائج، تقوده الحمامة متصدرة النتائج (102 مقعدا) مدعومة على التوالي بالجرار (87 مقعدا) والميزان (81 مقعدا) ، وهذا الثالوث الحزبي يمنح أغلبية برلمانية مريحة (270 مقعدا من أصل 395 مقعدا مجموع مقاعد مجلس النواب) دون الحاجة إلى الاستنجاد بأحزاب أخرى، وما يزكي هذا الطرح، الاتفاق الذي أبرمته قيادات الأحزاب الثلاثة لتشكيل المجالس الجهوية والجماعية، وبهذا الاتفاق يمكن التنبؤ أن حكومة أخنوش المرتقبة، ستتشكل هويتها من الأحرار والبام والاستقلال، بشكل ينسجم وخريطة المجالس الجهوية والجماعية، مما سيساعد على بلورة خطط واستراتيجية تنموية واضحة المعالم يتقاطع فيها الوطني والجهوي والمحلي، مقابل ذلك، سيكون قطار المعارضة حاملا لألوان الوردة والسنبلة والكتاب والحصان وباقي الرموز الحزبية الأخرى التي تذيلت سبورة الترتيب (125 مقعدا)، مع احتمالات ضئيلة في تدعيم الثالوث الحكومي بالوردة أو الحصان أو السنبلة، ما لم تحدث بعض المفاجآت.

وفي جميع الحالات، نرى أن الرؤية واضحة أمام رئيس الحكومة المعين المكلف بتشكيل الحكومة، ومعالم هوية التحالف الحكومي باتت تتشكل في صمت، شأنها في ذلك شأن الأحزاب السياسية التي ستضطلع بمهام المعارضة، وإذا ما تجردت الأحزاب السياسية من ورم المصالح السياسوية الضيقة وجائحة “الوزيعة السياسية” واستحضرت المصالح العليا للوطن، فالمرحلة تقتضي توفر حكومة قوية متجانسة وموحدة، قادرة على خدمة المواطن الذي وضع فيها الثقة، وعلى مواجهة ما ينتظرها من رهانات تنموية متعددة الزوايا ومن تحديات خارجية مرتبطة بالوحدة الترابية للمملكة، وبخدمة المصالح العليا للوطن وقضاياه الاستراتيجية، كما تقتضي معارضة مسؤولة قادرة على الاضطلاع بأدوارها الدستورية كاملة، خاصة فيما يتعلق بالتشريع ومراقبة الحكومة ومساءلتها وضبط إيقاعاتها، ونـرى أن المواطنين، غير معنيين بمن سيقود قطار الحكومة ومن سيركب قوارب المعارضة، لكنهم معنيين بمن سيخدم مصالحهم وقضاياهم، بوطنية صادقة ومسؤولية ومصداقية وتضحية واستقامة ونكـران ذات، على أمل أن تكون حكومة الحمامة ومن معها في مستوى التطلعات و الانتظارات، لأن من أسقط المصباح وحوله إلى أشلاء، قادر على “ترييش” الحمامة بالماء الساخن وتعطيل عجلة الجرار وتكسير عقارب الميزان، و ليس أمامنا في هذه اللحظة المفصلية، إلا أن نتوسم الخير في الحكومة القادمة وأن تحمل الحمامة بشائر الخير للبلاد والعباد .

ولا يمكن أن نترك الفرصة تمـر، دون توجيه البوصلة نحو العواصف المحتملة التي يرتقب أن تحل ضيفا ثقيلا في بيوت الأحزاب السياسية التي ستقود التحالف الحكومي، بسبب معضلة “الاستــوزار” التي تحركها الرغبات الجامحة في الظفر بإحدى الحقائب الوزارية، بشكل لايمكن توصيفه إلا “بالوزيعة السياسية” أو “الكعكة الانتخابية” التي تحضر معها عادة، مفردات المحاباة والولاءات والترضيات والتزكيات، ونـرى أن هذه العادات القبيحة والطباع السيئة، لابد من القطع معها جملة وتفصيـلا، لأن مصلحة الوطن وقضاياه المصيرية يفترض أن تكون فوق الأشخاص وفوق المصالح والأهواء، وفي هذا الإطار، لايمكن إلا الاتفاق على أن الرهانات كبيرة والتحديات قوية، وهذا يفرض الرهان على وجوه سياسية جديدة في مستوى الرهانات والتحديات، لذلك، لامناص من اعتماد مساطر واضحة المعالم في إسناد الحقائب الوزارية، مبنية على شروط الخبرة والكفاءة والتبصر والقدرة على إيجاد الحلول الممكنة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والصحية وغيرها، فضـلا على معايير الاستقامة والنزاهة والمسؤولية ونظافة اليـد والوطنية الحقة، لأن الحقيبة الوزاريـة، هي تكليف ومسؤولية جسيمة وأمانة ثقيلة في أعنـاق أصحابها، وليس تشريفا أو فرصة للركض وراء المصالح الضيقة أو ما ستجود به الحقيبة الوزارية من ريع مسيل للعاب، لذلك، لا مناص من إشهار سيف “ربط المسؤولية بالمحاسبة” في وجه من عبث أو من يتأهب لممارسة العبث.

الاخبار العاجلة