الكرة تصلح ما أفسدته السياسة .. والرقص أفسد كل شيء

24 ديسمبر 2013آخر تحديث : الإثنين 24 مايو 2021 - 3:27 مساءً
admintest
كتاب وآراء
الكرة تصلح ما أفسدته السياسة .. والرقص أفسد كل شيء

أخيرا انتفض المغاربة وأعلنوا ثورتهم الخضراء وفجروا ما بداخلهم من الشحنات الكبيرة والمكبوتة من حب هذا الوطن ، والفضل يعود إلى كرة القدم والى “الرجاء” التي استطاعت أن تفعــل فينا ما لم تفعله السياسة والأحزاب والحكومات المتعاقبة .
كرة القدم تمكنت إذا، من جمع شمل المغاربة داخل وخارج أرض الوطن : فقراء وأغنياء ، مهمشون ومتسلطون ،أميون ومتعلمون،مقيمون ورحل …..
فريق “الرجاء” استطاع أن يجعلنا اخوة متحابين ، متفقين ورحماء فيما بيننا ولو لأسبوع واحد. لا أحد اختلف مع الآخر في حب “الرجاء”، وحول الرجاء في تحقيق النصر المغربي .
كل المغاربة تآلفت قلوبهم وصوتوا بالاجماع لصالح حزب اسمه “الرجا” ، وكل البيوت تغنت فيها “ألو ألو …….الرجا باقا ” بما في ذلك أنصار الحزب المعارض اللدود “الوداد”، لأن الأمر يتعلق هذه المرة بالوطن وليس بشخص أو فريق أو مدينة، ولأن عشق المغاربة لوطنهم كعشق الأم لأولادها. لذلك كانت الأم المساند الرسمي للرجاء وكان المونديليتو فرصة للاعتراف بجميل الأم التي نلجأ إليها في الشدة لتمنحنا دعاء صالحا أو دراهم معدودات .
بسبب الكرة، تركت النساء مسلسلاتهن التي تجعلهن يعشن خارج أسوار الوطن ويتناسين الواقع الذي يعشن فيه ليعشن سويعات في بيوت تركية أو مكسيكية متسعة الأرجاء وزاهية الألوان، تركن كل ذلك وعدن إلى القناة الأولى الأرضية ـ باهتة الألوان ـ التي هجرنها منذ زمن بعيد، لا لشيء إلا أملا في رؤية انجاز جميل تكون له صلة بالوطن.
وبسبب فعلة الرجاء في”موقعة نزع حذاء رونالدينيو وادلاله” هجـر الشباب أكبر حزبين معشوقين في المغرب “البارصا والريال” الذين أحبوهما كرها وتقاتلوا بسببهما وغنوا بصوت واحد مع المغني الخليجي: “حبيبي ما هو بارصاوي ولا مدريدي، حبيبي رجاوي”، لأن الروح الوطنية دفينة في اللاشعور للمغاربة وتحتاج فقط إلى من يستفزها ويهيجها.
الرجال أيضا تركوا بيوتهم وأعمالهم بالجملة متناسين همومهم واختلافاتهم الاجتماعية والسياسية، وتكدسوا جنبا إلى جنب داخل المقاهي فرحا بالانجاز الأسطوري وأملا في تحقيق فرح جماعي طالما انتظروه.
شكرا أيتها المستديرة، منحتينا الدفء في عز البرد وألفت بين قلوبنا في عز الخصام والتقاذف والتنابز بين مسيري شؤوننا.
وشكرا أيتها الخضراء، نجحت في ظل الانكسار، وكسرت القاعدة التي جعلتنا نُطًبع مع الهزيمة، واستطعت رسم ملامح الربيع المغربي في أرقى صوره، وحققت المصالحة الوطنية التي لم تستطع الثورات والحكومات تحقيقها، ونشرت سِلما اجتماعيا كنا في أمس الحاجة إليه، مع متمنياتنا طبعا في انتقال العدوى منك إلى الحكومة والفرقاء السياسيين ليحققوا لنا نصرا اجتماعيا يتجلى في الأمن والسلم والتكافل، وفوزا اقتصاديا نحس به في جيوبنا وليس في أوراقنا، ونصرا أخلاقيا يتجلى في سلوكاتنا ومعاملاتنا وإعلامنا، وسؤددا علميا يتجلى في تعليمنا وصناعاتنا، ونصرا في إقامة العدل بيننا….
شكرا أيها النسور، لأنكم فعلتم ما عجزت عنه الأسود ورسمتم الفرحة في قلوب المغاربة في آخر السنة العجفاء التي لم نحقق فيها اجتماعيا وسياسيا وتعليميا واقتصاديا وأخلاقيا ورياضيا..أي تقدم يذكر.
شكرا لأنكم أسعدتموننا أسبوعا كاملا، وقد يبقى أثر الفرحة والسعادة تلك مترسخا في نفوسنا سنين طوال، فهل من “متطوعين” آخرين ليسعدوا المغاربة ردا لجميلهم في حبهم الكبير لوطنهم، والذي جعل “غوارديولا” يقول: “اننا نواجه اليوم شعبا بأكمله”؟؟؟
وفي المقابل، ويا أسفاه على سياسة الخنوع للأجانب وسياسة توفير المتعة الزائدة لهم عبر الرقص والعري وأشياء أخرى لم نراها، ولو عرف بن تاشفين أنها ستحدث بمراكش لما حط بها الرحال أبدا.
من حق “الباييرن” الاحتفال كما تشاء، لكن في كباريهاتهم وبين أحضان راقصاتهم وليس في فنادقنا وعلى رقص بناتنا شبه العاريات بفساتين رقص شرقية خضراء اللون، وذلك فيه احتقار صريح للنسر الأخضر الذي منحنا النصر والسعادة فحولوه إلى راقصة خضراء، وفيه أيضا احتقار للون العلم الوطني الذي لا نرضى له الإدلال.
أخذوا الكأس من بيننا بجهد بليغ، وذلك أمر عاد، لكن أن نهبهم بناتنا ليرقصن لهم عاريات احتفالا بانتصارهم علينا ونضحي بسمعة بلدنا وبتقاليده وأعرافه ودينه، فذلك قمة الكرم الماجن والضيافة العاهرة التي تمسنا جميعا والتي يجب فتح تحقيق في شأنها ومحاسبة منظميها ومستفزي الشعور المغربي.

بقلم: عبد العزيز بوسهماين

الاخبار العاجلة