التفويتات العقارية الخمسة المعفاة من الضريبة

26 يوليو 2022آخر تحديث : الثلاثاء 26 يوليو 2022 - 9:33 صباحًا
admintest
سلايدرملفات قانونية
التفويتات العقارية الخمسة المعفاة من الضريبة

بقلم: المختار السريدي*

رغم أن المشرع الضريبي المغربي لازال يسير في اتجاه توسيع قاعدة الوعاء الضريبي و تقليص الامتيازات الضريبية التي تستفيد منها بعض القطاعات والأشخاص بغية تحقيق مداخيل أفضل للخزينة ، إلا أن المادة 63 من المدونة العامة للضرائب لازالت تحتفظ بمجموعة من الإعفاءات في مجال الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية ، آخذة في الحسبان عددا من المعايير والضوابط التي تعتبرها موضوعية و ضرورية من أجل الاستفادة من الإعفاء ، وتتعلق بطبيعة و محتوى العقار عند التفويت ؛ أو تخصيصه أو الغرض الذي كان معدا له إلى تاريخ التفويت ؛ أو الأثمنة المحصل عليها من عمليات التفويت خلال السنة المدنية ، أو درجة القرابة ما بين المفوت والمفوت له .

وحتى تتضح الأمور أكثر و ينجلي الغموض الذي قد يلف هذه المعايير و الضوابط ، فإننا سنحاول معالجة ذلك من خلال الحالات التالية :

حالة الإعفاء المرتبط بمجموع القيمة المصرح بها في عقد التفويت .

حالة الإعفاء المرتبط بتخصيص العقار للسكنى الرئيسية عند التفويت .

حالة الإعفاء المرتبط بتفويت السكن الإجتماعي .

حالة الإعفاء المرتبط بتفويت حقوق مشاعة في عقارات فلاحية تقع خارج المدار الحضري فيما بين الشركاء في الإرث .

حالة الإعفاء المرتبط بدرجة القرابة ما بين المفوت والمفوت له .

الحالة الأولى : الإعفاء المرتبط بمجموع القيمة المصرح بها في عقد التفويت .

و يتعلق الأمر هنا حسب ما جاء في الفقرة الثانية – ألف – من المادة 63 من المدونة العامة للضرائب ، بجميع الأرباح المحصل عليها من طرف كل شخص ، قام خلال السنة المدنية ، بتفويت واحد أو تفويتات متعددة لعقارات ، لايتعدى مجموع قيمتها أو إجمالي أثمنتها مبلغ 140.000 درهم .

و لتحديد ما إذا كان قد تم تجاوز السقف المذكور أم لا ، يجب الأخذ في الحسبان جميع التفويتات التي تمت خلال نفس السنة المدنية ، أي ابتداء من فاتح يناير إلى متم دجنبر ، دون أن تدخل في الإحتساب التفويتات التي استفادت من الإعفاء إما بسبب شغل العقار أو جزء العقار على سبيل السكنى الرئيسية أو بسبب درجة القرابة ما بين المفوت و المفوت له ، بل يجب فقط احتساب التفويتات المفروضة عليها الضريبة بسبب القيمة .

الحالة الثانية : الإعفاء المرتبط بتخصيص العقار للسكنى الرئيسية عند التفويت :

و يتعلق الأمر هنا حسب ما جاء في الفقرة الثانية – باء – من المادة 63 من المدونة العامة للضرائب ، بجميع الربح المحصل عليه، من تفويت عقار أو جزء عقار يشغله على وجه سكنى رئيسية مدة تعادل أو تفوق ستة (6) سنوات متتالية في تاريخ التفويت ، مالكه أو أعضاء الشركات ذات الغرض العقاري المعتبرة شفافة من وجهة نظر جبائية ، وفقا ما هو مبين في الفقرة 3 من المادة الثالثة من المدونة العامة للضرائب.

وتُمنح للمفوت مدة قانونية أقصاها سنة (1) واحدة تبتدئ من تاريخ إخلاء المسكن قصد إنجاز عملية التفويت ، للإستفادة من الإعفاء المذكور .

و يُمنح هذا الإعفاء كذلك للخاضع للضريبة ، في حالة التفويت الكلي أو الجزئي لعقار تم اقتناؤه في إطار ” إجارة منتهية بالتمليك ” وتخصيصه للسكنى الرئيسية .

وتحتسب مدة شغل هذا العقار من طرف ساكنه بصفته مكتريا ، ضمن نفس مدة الستة سنوات المشار إليها ، للإستفاذة من الإعفاء الضريبي.

و يمتد هذا الإعفاء كذلك ليشمل الأرض التي شيد فوقها البناء في حدود مساحته المغطاة خمس (5) مرات .

كما تعفى من الضريبة كذلك عمليات تفويت عقار أو جزء عقار يشغله على وجه سكنى رئيسية مالكه أو أعضاء الشركات العقارية الشفافة قبل انصرام أجل الست (6) سنوات سالف الذكر وفق الشروط التالية :

الإلتزام بإعادة استثمار ثمن التفويت في اقتناء عقار مخصص للسكنى الرئيسية داخل أجل لايتعدى ستة (6) أشهر من تاريخ تفويت العقار الأول المخصص للسكنى الرئيسية .

لا يجور للخاضع للضريبة الإستفاذة من هذا الإعفاء سوى مرة واحدة .

ألا يتجاوز ثمن التفويت المذكور 4.000.000,00 درهم .

الإحتفاظ بمبلغ الضريبة العقارية المفترض أداؤه لدى الموثق إلى غاية اقتناء عقار جديد يخصص كذلك للسكنى الرئيسية .

غير أنه بإمكان الخاضع للضريبة أداء الضريبة تلقائيا لدى قابض إدارة الضرائب طبقا لأحكام المادة 173 من المدونة العامة للضرائب، مع إمكانية استرداد الضريبة المؤداة تلقائيا وفق أحكام المادة 241 المكررة -II .

الحالة الثالثة : الإعفاء المرتبط بتفويت السكن الإجتماعي :

يعفى من الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية الربح المحصل عليه عند تفويت السكن الاجتماعي كما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية – دال من المادة 63 من المدونة العامة للضرائب ، و يقصد بالسكن الإجتماعي ذلك المشار إليه في المادة “92-1-28” من نفس المدونة ، و هنا لن يتأتى الإعفاء إلا إذا توافرت في السكن موضوع التفويت الشروط التالية :

– أن يكون السكن الإجتماعي معدا ومخصصا ومشغولا بالفعل من طرف مالكه على وجه سكنى رئيسية مذة تعادل أو تفوق أربع (4) سنوات متتالية تبتدئ من تاريخ إبرام عقد الاقتناء النهائي إلى تاريخ التفويت .

– أن تتراوح مساحته المغطاة ما بين 50 و 80 م² .

– ألا تتجاوز قيمته الإجمالية 250.000 درهم دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة .

– ألا تأخذ عمليات التفويت شكلا منتظما واعتياديا و متكررا، وتراعى في ذلك أحكام الفقرة الثانية من المادة 30 من المدونة العامة للضرائب.

– تمتيع المفوت بمدة قانونية أقصاها سنة (1) واحدة كاملة تبتدئ من تاريخ إخلاء أو إفراغ أو مغادرة المسكن قصد إنجاز عملية التفويت أو تحرير عقد التفويت . وفي حالة مرور هذه المدة فإن أي تفويت بعدها ، سيجعل صاحبه خاضعا لأداء الضريبة سواء من تلقاء نفسه أو بعد تذكيره من طرف مفتش الضرائب أو عن طريق الفرض التلقائي للضريبة .

الحالة الرابعة : الإعفاء المرتبط بتفويت حقوق مشاعة في عقارات فلاحية تقع خارج المدار الحضري فيما بين الشركاء في الإرث:

لكي تتم الإستفاذة من هذا النوع من الإعفاء المنصوص عليه في المادة “63 – اا – جيم” من المدونة العامة للضرائب ، لا بد أن تتوفر في التفويت المشار إليه الشروط التالية :

أن يكون موضوع التفويت عقارات ذات طبيعة فلاحية .

أن تكون العقارات المذكورة متواجدة خارج الدوائر الحضرية وفق ما يحدده قانون التعمير .

أن تكون تلك العقارات مملوكة على الشيوع فيما بين الشركاء في الإرث .

الحالة الخامسة : الإعفاء المرتبط بدرجة القرابة بين المفوت والمفوت له :

و تدخل في هذا الإطار حسب ما جاء في الفقرة الثالثة من المادة 63 من المدونة العامة للضرائب ، جميع التفويتات بغير عوض أو بدون مقابل المنصبة على عقارات أو حقوق عينية عقارية مرتبطة بها ، و التي تتم :

ما بين الأصول و الفروع و بين الفروع والأصول و بين الأزواج و بين الإخوة والأخوات .

ما بين الكافل والمكفول في إطار كفالة تم إسناذها بناء على أمر أصدره القاضي المكلف بشؤون القاصرين ، طبقا لأحكام القانون رقم 01.15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين .

لفائدة الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والمسجلة بإسم أشخاص ذاتيين .

فمنذ إحداث ” الضريبة على الأرباح العقارية ” بمقتضى المادة الخامسة من القانون المالي لسنة 1978 ، لم تكن الهبة أو الصدقة محل أي فرض ضريبي مهما كانت طبيعتها أو طبيعة الأطراف المتعاقدة فيها .

لكن ابتداء من فاتح يناير 2001 وعملا بقاعدة توسيع حقل الوعاء الضريبي التي كان ينشدها المشرع الضريبي و لازال ؛ وبمقتضى المادة 11 من القانون المالي رقم 55- 00 لسنة 2001 ؛ وبعد حذف الضريبة على الأرباح العقارية كضريبة نوعية مستقلة وقائمة بذاتها ؛ وإدماجها آنذاك في إطار الضريبة العامة على الدخل صنف الدخول والأرباح العقارية ؛ سيتم إدخال تعديلات جذرية على مجموعة من مواد القانون رقم 89-17 المنظم للضريبة العامة على الدخل ؛ خاصة المادتان 82 و 84 اللتان تم بموجبهما اعتبار جميع التفويتات بغير عوض والمنصبة على عقارات أو حقوق عينية عقارية أو أسهم أو حصص ذات طابع عقاري ، خاضعة للضريبة العامة على الدخل ما عدا إذا تمت بين الأصول والفروع و بين الأزواج و بين الإخوة والأخوات.

نفس المقتضيات ستكرسها المدونة العامة للضرائب ابتداء من سنة 2007 في الفقرة الثالثة من المادة 63 التي استمرت في إعفاء التفويتات بغير عوض التي تتم ما بين الأصول و الفروع و الأزواج و الإخوة و الأخوات من الضريبة .

وقد سبق لنا أن دعونا في عدة مقالات ( جريدة العلم عدد 21267 ركن المجتمع والقانون 23 شتنبر 2009 ) بضرورة توسيع الفئات المستفيذة من الإعفاء لتشمل التفويتات بغير عوض التي تتم مابين الكافل ومكفوله وتلك التي تتم مابين الأصول مهما علوا والفروع مهما نزلوا وتلك التي تتم لأجل المنفعة العامة أو الإجتماعية ، وقد استجاب المشرع لبعض هذه الدعوات خصوصا التفويتات بغير عوض التي تتم ما بين الكافل والمكفول بقانون مالية 2018 و التفويتات بغير عوض التي تتم لفائدة الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة بقانون مالية 2020 ، لكنه لم يعطي تعريفا كافيا لمفهوم الأصول والفروع والأزواج في حالة إذا ما تم إبرام تفويتات بغير عوض فيما بينهم ، فهل يقصد بذلك الفروع مهما علوا والأصول مهما نزلوا والزوجات في حدود الأربعة المحددة شرعا بالنسبة للمسلمين والإخوة والأخوات سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم ؟ ذلك أن الحفيد دينا وعرفا هو بمثابة إبن و الجد هو بمثابة أب ، وأن الأصل مهما علا و الفرع مهما نزل حينما يقوم بتفويت بدون مقابل يجب أن نشجعه و نُسوِّي له الطريق لأنه يوثر على نفسه و لايبتغي أي ربح .

كل هذه التساؤلات الموضوعية التي تنهل من القانون المدني وقانون الأسرة و المذهب المالكي لم تجد لها أي صدى من طرف المشرع الضريبي ، ولذلك فإننا لا زلنا نميل إلى القول بأن التفويتات بغير عوض المنجزة ما بين الأصول مهما علوا و الفروع مهما نزلوا و ما بين الأزواج في حالة التعدد و ما بين الإخوة والأخوات سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم ، تعتبر على سبيل القياس معفاة من الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية ، ولو لم يتم التنصيص عليها بصريح العبارة ، وذلك في غياب أية أرباح مادية تذكر ، نتمنى أن يجعلها المشرع الضريبي المغربي نصب عينيه عند أي تعديل لاحق للمدونة العامة للضرائب وستسجل ضمن حسناته .

و بالمقابل و حتى لايبقى باب الإعفاءات مشرعا ، فإنه يجب إعادة النظر في مقتضيات المادة 63 من المدونة العامة للضرائب ، في اتجاه تقليص حالات الإعفاء من الضريبة ، والإقتصار على الحالات ذات الطابع العائلي و الإجتماعي الصرف أو تلك التي تمس بالبسطاء من الناس الذين قد يعمدون لظرف من الظروف أو تحت ضغط إكراهات معينة أو استجابة لطلبات ملحة لتفويت ممتلكاتهم العقارية لأن ” الضرورات تقدر بقدرها ” ، وسيكون حرياً بهم و بنا جميعا لو جنح المشرع الضريبي المغربي إلى تقليص الإعفاءات في حدودها الدنيا في اتجاه إلغائها ، بحثا عن موارد ضريبية أفضل.

*باحث في المنازعات الضريبية

الاخبار العاجلة