التعليم .. من التعاقــد الى التعـقيـد

28 نوفمبر 2021آخر تحديث : الإثنين 29 نوفمبر 2021 - 9:13 صباحًا
عبد العزيز بوسهماين
سلايدركتاب وآراء
التعليم .. من التعاقــد الى التعـقيـد

بقلم : ذ.عبد العزيز بوسهماين

صحيح أن التعليم ببلادنا في طريقه الى المقبرة منذ زمن ليس بالقريب ، وهي طريق سيار شُيدت له منذ عقود بنهج مخططات استعجالية وأخرى ارتجالية عمودية و فاشلة رُصدت لها ميزانيات ضخمة وزُينت بشعارات رنانة تفتح الشهية التربوية لكافة الأطراف و التي سرعان ما تُصاب بالغثيان بسبب استحالة أو سوء التنزيل لعيوب في المخططات نفسها او لثقوب كبيرة أحدثها القائمون على ” الإصلاح ” في الأكياس التي تُنقل عبرها تلك  الميزانيات العملاقة … فظلت دار لقمان على حالها بل ساءت …

  صحيح كذلك أن عددا من التقارير الوطنية والدولية دقت ناقوس الخطر وأشارت الى أن حالة التعليم ببلادنا سيئة للغاية وأننا تفوقنا ، عربيا ، فقط على الصومال وموريطانيا و جيبوتي  ، بينما باقي الدول ركضت بعيدا عنا بأنظمتها التعليمية …

  ومن المطلوب جدا اعادة النظر في نظامنا التعليمي ـ التربوي  في شموليته لرد الاعتبار اليه وتحسين مخرجاته التي تعتبر أساس كل تنمية وتقدم ، ولإصلاح ما فسُد في مجتمعنا الذي يقترب من الهاوية يوما بعد يوم …

  لكن ، ولتحقيق ذلك ، يجب أن توكل الأمور الى أهلها أولا ، ويجب اشراك الفاعلين الحقيقيين في المنظومة بشكل حقيقي  للخروج بخطة واقعية متوسطة الأمد ومستديمة للخروج من عنق الزجاجة وعلاج النظام التعليمي من أمراضه المزمنة واخراجه من غرفة الإنعاش ..

   أما أن ننطلق باستهداف الأستاذ و ” مهنة الأستاذية ” في تنزيل  نموذج ” تنمويلم يهتم أصلا بتشخيص البنيات العميقة لمكامن الهٌزال  في المنظومة التربوية ، واكتفى  باختزال الأمر في ما سماه ( أي تقرير النموذج التنموي) ” وجود أزمة ثلاثية الأبعاد”، يقصد بها : أزمة ضعف جودة التعلمات؛ وفقدان الثقة في المدرسة وفي هيئة التدريس؛ وتعطل وظيفة المدرسة كمصعد اجتماعي ، فاننا بذلك لا ولن نؤسس لاقلاع تربوي بل لهبوط اضطراري  سيوقف حتما رحلة “النموذج التنموي التربوي” في بدايتها ونعيد انتاج الازمة واحياء نماذج ” تـنـويــميـة ”

   للأسف الشديد ، مع بداية حكومة ” الحمام ” تبين أن شعار ” اصلاح التعليم ” سينحصر في التركيز على “التعليم ” كمهنة وكمجال للتشغيل وليس كنظام تربوي متشابك الخيوط ، وما تسقيف سن الولوج لمهنة التدريس في ثلاثين سنة الا  مقاربة أمنية صرفة  من أجل  تثبيت  مسمار  “التعاقد ” بنجاح  في نعش التعليم، وصرف الأنظار عنه “كنظام تشغيلي ” وتحوير النقاش نحو شروط الولوج اليه ، وكذلك من أجل اطفاء شرارة النضال التي يتسيدها قدماء خريجي الجامعات ـ عندما كانت الجامعة جامعة ـ أواخر الثمانينات و تسعينيات القرن الماضي و الذين ما يزال يجري في عروقهم  ” كوفيد النضال ”  الذي عقد  مأمورية   تمرير “مؤامرة التعاقد ” التي حاكها مهندسو الدولة العميقة بضغط من المؤسسات الدولية  ونزلته الحكومة “الإسلامية ” بكل أمانة .

  ان قرار اغلاق أبواب الولوج الى مجموعة من الوظائف العمومية ومنها التعليم في وجه شريحة كبيرة من الأطر وحاملي الشواهد العليا بذنب لم يرتكبوه سوى أنهم تجاوزوا الثلاثين من العمر ماكان يجب أن ينزل كالصاعقة مع ميلاد حكومة وعدت بتوفير مليون منصب شغل خلال ولايتها ، وكان من الأجدر أولا فتح آفاق وأبواب  موازية  لتشغيل هذه الفئة التي تملك امكانيات فكرية ومهاراتية مهمة والتي تعتبر ثروة بشرية كبيرة يجب استثمارها  في بناء  صرح النموذج التنموي المنشود من جهة وتأمين حقها الدستوري في الشغل لتتمتع بحياة كريمة. أليست  ” تستاهل أحسن ”  ؟؟؟ 

الاخبار العاجلة